هل هذا وقته؟؟
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/06 الساعة 01:03
هل ستذهب غداً لأداء صلاة الجمعة؟ إذا كانت لديك الرغبة بأن تشارك نحو أربعة ملايين مصلَ تزدحم بهم المساجد في هذا اليوم فأنت مدعو للاستماع إلى خطبة جاهزة تم توزيعها على الخطباء بعنوان “عناية الإسلام بالبيئة”.
لن أقطع عليك فرصة الاستماع لما سيقوله مولانا الامام، رغم أن نصّ الخطبة أمامي،(نشرت قيل يومين في وسائل التواصل الاجتماعي) قرأتُها بالكامل، وأعجبت لما تضمنته من مواعظ ، بدأت بالحث على العناية بالزرع والشجر ثم الطير وصيد البر والبحر، وحذرت من الإسراف في الماء أو الإساءة للحيوانات،وأشارت إلى “الحجر الصحي” لحماية الناس من الأمراض وعرجت على النظافة ففصّلت في ضرورة الاهتمام بنظافة البدن وغسله ونظافة الثوب وتجنب الروائح الكريهة ونظافة البيوت والأفنية والأماكن العامة وإماطة الأذى عن الطريق..وهكذا.
يراودني سؤال واحد فقط، هل هذا وقته؟ سأترك الإجابة للقارئ العزيز، لكن سأذكر بالخطب التي استمعت إليها في الأسابيع الماضية: واحدة عن معركة مؤتة،اتحفنا فيها مولانا الإمام بوصف دقيق لما فعله الصحابي الجليل جعفر الطيار حين قطعت يداه وظل ممسكاً بالراية، ثم دعانا -حفظه الله- إلى أن نتعلم من هذا الدرس في التضحية والقتال، تساءلت حينها: هل هذا وقته؟ خطبة ثانية عن “الأقصى” اخبرنا فيها عن أهمية المسجد والمقدسات العظيمة في ديننا ثم دعانا -رعاه الله- إلى الجهاد من أجل تحرير الأقصى من براثن الاحتلال الغاشم، تساءلت وقتها: هل هذا وقته؟
لا يراودني أي شك بأهمية ما تضمنته هذه الخطب، فهي تعبر عن موقف الإسلام من قضايا تهمنا جميعاً، كما انني لا استطيع ان احمل الخطباء مسؤولية اختيار هذه الموضوعات فهي مقررة من قبل الوزارة وهم ملزمون بإلقائها كما وردت أو بشيء من التصرف، لكن لدي اربع ملاحظات استأذن بتسجيلها:
الملاحظة الأولى هي أن خطبة الجمعة التي ينتظرها الناس مرّة كل اسبوع ويحتشد المصلون للإنصات اليها والتعبد بها، يفترض أن تتناسب مع أولويات الناس وحاجاتهم، ومع الواقع الذي يعيشون فيه، إذ لا يعقل أن يخاطب الإمام جمهور المصلين والمشاهدين والمستمعين بمسألة تتعلق “بالبيئة” والرفق بالحيوان وعدم نشر الروائح الكريهة فيما تزف وسائل الاعلام اخبار المئات الذين قتلوا في “إدلب” مثلا بالغازات السامة، ثم أيهما أولى أن نتحدث عن “الرعي” الجائر ام عن “الجوع” الكافر؟
الملاحظة الثانية هي أن الهدف من خطبة الجمعة هو “جذب” أكبر عدد من المصلين، لاسيما الشباب المتدين، للاستماع الى “مواعظ” تقوي من إيمانهم وترشدهم إلى تعاليم الدين الصحيح، لكي ننأى بهم عن الوقوع في “مصائد” الدعاة والواعظين الذين يروجون للتكفير و يبررون القتل والكراهية، ومسألة “الجاذبية” التي يحتاجها هؤلاء في الخطبة تستدعي اختيار المواضيع المناسبة، والأساليب المقنعة، فهل ما نفعله يحقق ذلك أم أنه يصب عكس اتجاه ما نريده؟
الملاحظة الثالثة تتعلق بملف “حربنا” ضد التطرف والإرهاب، وما يترتب على المنابر والمساجد ان تفعله للمساهمة في هذه المعركة التي نخوضها، اتساءل هنا فقط هل الحث على الجهاد وإعادة التذكير بما فعله قادة معركة مؤتة أو الدعوة لتحرير الأقصى في هذا الوقت الذي تتبنى فيه التنظيمات الإرهابية مثل هذا الخطاب بصورة متوحشة، ويتطلع فيه الشباب المتحمسون لتفريغ مثل هذه التعبئة الدينية دون أن يجدوا “قنوات” مشروعه لصرفها، يأتي منسجماً - في التوقيت- مع استراتيجية مواجهة التطرف، ثم ماذا عن “فقه” الواقع الذي تعلمناه من شيوخنا حين اشاروا الى ضرورة أن يتناسب الحكم مع واقع الحال في الزمان والمكان، او أن تتكيف الدعوة مع النوازل والمستجدات.
تبقى الملاحظة الاخيرة، وهي ذات شقين، احدهما ان فرض خطبة موحدة على جميع الأئمة في المملكة، رغم اختلاف ظروف الناس حسب اماكنهم واهتماماتهم، مسألة غير مقبولة، ويجب ان تبحث وزارة الأوقاف عن صيغة لها بمشاركة المعنيين، أما الشق الثاني فهو أن مجمل أداء الوزارة في مجال الوقف والدعوة وإدارة الشأن الديني بشكل عام بحاجة الى مراجعة، فلا يعقل أبداً أن يترك مجالنا الديني لاجتهادات غير مدروسة فيما البلد كله يقف في مواجهة تطرف يتصاعد وإرهاب لا يرحم.
الدستور
لن أقطع عليك فرصة الاستماع لما سيقوله مولانا الامام، رغم أن نصّ الخطبة أمامي،(نشرت قيل يومين في وسائل التواصل الاجتماعي) قرأتُها بالكامل، وأعجبت لما تضمنته من مواعظ ، بدأت بالحث على العناية بالزرع والشجر ثم الطير وصيد البر والبحر، وحذرت من الإسراف في الماء أو الإساءة للحيوانات،وأشارت إلى “الحجر الصحي” لحماية الناس من الأمراض وعرجت على النظافة ففصّلت في ضرورة الاهتمام بنظافة البدن وغسله ونظافة الثوب وتجنب الروائح الكريهة ونظافة البيوت والأفنية والأماكن العامة وإماطة الأذى عن الطريق..وهكذا.
يراودني سؤال واحد فقط، هل هذا وقته؟ سأترك الإجابة للقارئ العزيز، لكن سأذكر بالخطب التي استمعت إليها في الأسابيع الماضية: واحدة عن معركة مؤتة،اتحفنا فيها مولانا الإمام بوصف دقيق لما فعله الصحابي الجليل جعفر الطيار حين قطعت يداه وظل ممسكاً بالراية، ثم دعانا -حفظه الله- إلى أن نتعلم من هذا الدرس في التضحية والقتال، تساءلت حينها: هل هذا وقته؟ خطبة ثانية عن “الأقصى” اخبرنا فيها عن أهمية المسجد والمقدسات العظيمة في ديننا ثم دعانا -رعاه الله- إلى الجهاد من أجل تحرير الأقصى من براثن الاحتلال الغاشم، تساءلت وقتها: هل هذا وقته؟
لا يراودني أي شك بأهمية ما تضمنته هذه الخطب، فهي تعبر عن موقف الإسلام من قضايا تهمنا جميعاً، كما انني لا استطيع ان احمل الخطباء مسؤولية اختيار هذه الموضوعات فهي مقررة من قبل الوزارة وهم ملزمون بإلقائها كما وردت أو بشيء من التصرف، لكن لدي اربع ملاحظات استأذن بتسجيلها:
الملاحظة الأولى هي أن خطبة الجمعة التي ينتظرها الناس مرّة كل اسبوع ويحتشد المصلون للإنصات اليها والتعبد بها، يفترض أن تتناسب مع أولويات الناس وحاجاتهم، ومع الواقع الذي يعيشون فيه، إذ لا يعقل أن يخاطب الإمام جمهور المصلين والمشاهدين والمستمعين بمسألة تتعلق “بالبيئة” والرفق بالحيوان وعدم نشر الروائح الكريهة فيما تزف وسائل الاعلام اخبار المئات الذين قتلوا في “إدلب” مثلا بالغازات السامة، ثم أيهما أولى أن نتحدث عن “الرعي” الجائر ام عن “الجوع” الكافر؟
الملاحظة الثانية هي أن الهدف من خطبة الجمعة هو “جذب” أكبر عدد من المصلين، لاسيما الشباب المتدين، للاستماع الى “مواعظ” تقوي من إيمانهم وترشدهم إلى تعاليم الدين الصحيح، لكي ننأى بهم عن الوقوع في “مصائد” الدعاة والواعظين الذين يروجون للتكفير و يبررون القتل والكراهية، ومسألة “الجاذبية” التي يحتاجها هؤلاء في الخطبة تستدعي اختيار المواضيع المناسبة، والأساليب المقنعة، فهل ما نفعله يحقق ذلك أم أنه يصب عكس اتجاه ما نريده؟
الملاحظة الثالثة تتعلق بملف “حربنا” ضد التطرف والإرهاب، وما يترتب على المنابر والمساجد ان تفعله للمساهمة في هذه المعركة التي نخوضها، اتساءل هنا فقط هل الحث على الجهاد وإعادة التذكير بما فعله قادة معركة مؤتة أو الدعوة لتحرير الأقصى في هذا الوقت الذي تتبنى فيه التنظيمات الإرهابية مثل هذا الخطاب بصورة متوحشة، ويتطلع فيه الشباب المتحمسون لتفريغ مثل هذه التعبئة الدينية دون أن يجدوا “قنوات” مشروعه لصرفها، يأتي منسجماً - في التوقيت- مع استراتيجية مواجهة التطرف، ثم ماذا عن “فقه” الواقع الذي تعلمناه من شيوخنا حين اشاروا الى ضرورة أن يتناسب الحكم مع واقع الحال في الزمان والمكان، او أن تتكيف الدعوة مع النوازل والمستجدات.
تبقى الملاحظة الاخيرة، وهي ذات شقين، احدهما ان فرض خطبة موحدة على جميع الأئمة في المملكة، رغم اختلاف ظروف الناس حسب اماكنهم واهتماماتهم، مسألة غير مقبولة، ويجب ان تبحث وزارة الأوقاف عن صيغة لها بمشاركة المعنيين، أما الشق الثاني فهو أن مجمل أداء الوزارة في مجال الوقف والدعوة وإدارة الشأن الديني بشكل عام بحاجة الى مراجعة، فلا يعقل أبداً أن يترك مجالنا الديني لاجتهادات غير مدروسة فيما البلد كله يقف في مواجهة تطرف يتصاعد وإرهاب لا يرحم.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/06 الساعة 01:03