هل تستطيع حكومة لبنان الجديدة إنعاش الاقتصاد؟

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/23 الساعة 09:11
مدار الساعة - بعد شلل سياسي على مدار ثلاثة أشهر، شكل لبنان أخيراً حكومة بقيادة رئيس الوزراء حسان دياب.

الآن تحين مهمة إنقاذ البلد من أزمة مالية حادة والفوز بثقة المستثمرين والمانحين الأجانب وهو ما يجب على رئيس الوزراء اللبناني الجديد العمل على إنجازة.

احتمالات التعثر في سداد الديون أو إعادة هيكلتها
يبدو عبء دين لبنان العام، الذي يعادل حوالي 150% من الناتج المحلي الإجمالي، وما يشهده من عجز في المعاملات الجارية وعجز مالي، غير قابل للاستمرار حتى من قبل الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي خرجت إلى الشوارع قبل ثلاثة أشهر.

وفي ظل تداول كثير من السندات السيادية الدولية بأقل من نصف قيمتها الاسمية، يتوقع مراقبو السوق على نحو متزايد أن يواجه لبنان صعوبات في أداء بعض التزاماته وأن يسعى للتوصل إلى إعادة هيكلة مع الدائنين عند مرحلة ما.

ومن بين أولى مهام الحكومة البت في مقترح من البنك المركزي يعرض على حملة بعض سندات العام الحالي في الداخل، بما في ذلك إصدار حجمه 1.2 مليار دولار يستحق في مارس (آذار) مبادلتها بأخرى ذات أجل أطول لتخفيف الضغط على مالية الدولة.

وقد تنطوي أي خطوة لتأجيل مدفوعات السندات على تخلف عن السداد بالنسبة لوكالات التصنيف الائتماني مما قد يؤدي إلى مزيد من الخفض في تصنيف لبنان القابع بالفعل داخل النطاق عالي المخاطر.
وقال وزير مالية لبنان المكلف غازي وزني، إن "مصير الديون التي تستحق السداد في مارس(آذار) المقبل ستكون على رأس أولويات الحكومة الجديدة عندما تجتمع الأسبوع المقبل، في الوقت الذي تزايدت فيه مخاوف المستثمرين من احتمال عجز لبنان عن سداد هذه الديون.

ونقلت وكالة "بلومبرغ" للأنباء عن وزني قوله في أول مقابلة صحفية له تجريها معه مؤسسة إخبارية دولية: "الحكومة ستجتمع في الأسبوع المقبل لحسم هذا الأمر... هذا الأمر أولوية وسيكون أول بند على جدول الأعمال".

ورغم أن التاريخ الجيد للبنان في سداد مستحقات الدائنين، فإن المستثمرين يخشون من إعلانه العجز عن سداد قيمة السندات.

ومع ذلك مازال المستثمرون منقسمين بشأن توقيت حدوث ذلك وما إذا كان يمكن إعفاء المستثمرين الأجانب وسداد مستحقاتهم.

كانت وزارة المالية اللبنانية قد رفضت اقتراح البنك المركزي مبادلة سندات حكومية قيمتها 1.2 مليار دولار لدى البنوك المحلية وتستحق السداد في مارس(آذار) المقبل، بسندات جديدة ذات مدى أطول، بعد تحذير مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية من خفض تصنيف لبنان إذا تم تنفيذ الاقتراح.

يذكر أن لبنان يعتمد بشكل أساسي على تحويلات ملايين اللبنانيين العاملين في الخارج كمصدر للعملة الأجنبية التي تتدفق عبر البنوك المحلية، حيث تمتلك البنوك المحلية إلى جانب البنك المركزي الجزء الأكبر من ديون الحكومة اللبنانية.

هل خفض قيمة العملة حتمي؟
تدهور وضع ربط العملة بالدولار الأمريكي المعمول به في لبنان منذ 22 عاماً ليقترب من نقطة الانهيار بفعل الأزمة السياسية والمصرفية.

ومع فقدان الليرة نحو ثلث قيمتها الرسمية بالسوق السوداء في ظل شح الدولار، يلوح خفض قيمة العملة في الأفق على نحو متزايد.

واستبعد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، من قبل أي خطوة من هذا النوع، قائلاً إن "لدى الحكومة الوسائل للحفاظ على ربط العملة. لكن ما لم تنتعش تدفقات رؤوس الأموال الآخذة بالتناقص ويحدث تعاف في ميزان لبنان الخارجي، فإن قدرة البنك المركزي على صيانة الربط ستتآكل".

في الوقت نفسه قال وزني في محادثة هاتفية مع وكالة "بلومبرج" بعد ساعات من عقد أول اجتماع للحكومة الجديدة، إنه "لا يتوقع خفض قيمة الليرة اللبنانية في المدى القصير، رغم ظهور سوق موازية للدولار على خلفية انخفاض المعروض من العملة الأمريكية في سوق الصرف اللبنانية".

وفي أسواق المال ساهم إعلان تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بعد شهور من التعثر في تحسن أداء سندات الخزانة اللبنانية حيث ارتفعت قيمة السندات المستحقة السداد في مارس(آذار) المقبل بمقدار0.6 سنت إلى 83.8 سنتاً لكل دولار من القيمة الأسمية للسند، وذلك بعد ارتفاعها بمقدار 4 سنتات خلال اليومين الماضيين.

كيف يمكن إنعاش النظام المصرفي؟
ظلت البنوك لفترة طويلة دعامة هامة للإبقاء على حركة اقتصاد لبنان. فمن خلال استقبال ودائع ملايين اللبنانيين في الخارج والشراء في الدين المحلي للحكومة، ساعدت البنوك على دعم مالية الدولة.

مع ذلك تداعى النظام في ظل شح في الودائع الأجنبية مع انهيار الثقة في النظام المصرفي.

تراجعت ودائع غير المقيمين في القطاع المصرفي 11.3% على أساس سنوي في نوفمبر(تشرين الثاني) بينما يواجه لبنان نقصاً في النقد الأجنبي ما تسبب في فرض قيود على وصول اللبنانيين في الداخل والخارج لأموالهم بالبنوك.

ويعتقد بعض الخبراء الماليين أن البنوك ستحتاج إلى ضخ سيولة أعمق من زيادة رأس المال 20% على النحو الذي وجهها إليه البنك المركزي.

ماذا عن الدعم المالي الأجنبي؟
لبنان غارق في الركود ومازال تعافيه يعتمد بدرجة كبيرة على قدرة الحكومة على تبني الإصلاحات اللازمة لضمان دعم مالي من الخارج.

وبحسب وزير الاقتصاد السابق ناصر سعيدي، يحتاج لبنان إنقاذا بعشرين إلى 25 مليار دولار بما في ذلك دعم من صندوق النقد الدولي للخروج من أزمته المالية.

لكن مجيء المساعدة لا يبدو أكيداً في ضوء المساندة التي يلقاها دياب من حزب الله المدعوم من إيران وحلفائه.

وقال دياب إن "أول جولة خارجية له ستكون في المنطقة العربية، ولاسيما دول الخليج".

لكن الخليج، الذي قدم عوناً مالياً للبنان فيما مضى، بات الآن أكثر تحفظاً خلال الأزمة الأخيرة، بل وربما تقل رغبتهما في تقديم الأموال في ظل وجود دياب في السلطة.

ومن غير الواضح ما إذا كان دياب سيسعى لنيل المساعدة من صندوق النقد.

ويحذر بعض المراقبين من أن الولايات المتحدة، الداعم المالي الأكبر للصندوق، قد تعارض أي صفقة بسبب علاقات الحكومة مع حزب الله الذي تعتبره واشنطن جماعة إرهابية.
مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/23 الساعة 09:11