أمانة عمان تهيب .. لم لا تعمل!

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/15 الساعة 08:52
مدار الساعة - أضحى الموضوع واحدا من طقوس الشتاء في الأردن كما قشر البرتقال على الصوبة: مناكفات طقس العرب ودائرة الأرصاد بتوقعاتهما عن كل منخفض وبيانات أمانة عمان المتكررة التي “تهيب فيها بالمواطنين عدم ربط مزاريب المطر على شبكة الصرف الصحي”.
ولأن الأمانة تهيب من دون أن تكشف وتعدل وتغير.. فإننا نغرق في شبر ماء.
وهو حقا شبر ماء، بحسب دائرة الأرصاد الجوية، فإن معدل الموسم المطري في عمان الشرقية (مطار عمان المدني) يبلغ 245 مم (أي فقط 24 سم ونصف) وفي شمال عمان (صويلح) 475 مم أي 47 سم ونصف. وعليه يكون معدل كل منخفض -بافتراض ثمانية منخفضات قوية طوال الشتاء- ثلاثة سنتميترات من المطر في عمان الشرقية وستة سنتمترات مطر في شمال عمان وغربها.
المشكلة في فيضان عمان مع هكذا كميات مطر قليلة نسبيا تكمن في أن معظم الهطول المطري يجد طريقه الى الشوارع وشبكة الصرف الصحي، وكلها أخيرا تجد طريقها الى الأماكن المنخفضة مثل سقف السيل ووسط البلد. والأمانة لا تكل من أن تهيب بنا دوما “أن لا نربط المزاريب على شبكة الصرف الصحي بل نجعلها تصب على الشارع”.
على الأمانة أن تتوقف عن الإهابة وتقوم بعمل مؤسسي بالاستثمار المنهجي على مستوى المنازل والبنايات والأحياء يكون بمثابة مشروع بنية تحتية وطني بسيط يسهم في حصد مياه المطر وزيادة المساحات الخضراء ووقف فيضان عمان مع كل هطول مطري قوي، بحيث لا يسيل في الشوارع أساسا الا الهطول المطري المباشر عليها وعلى الأرصفة. ورشات من المهنيين الأردنيين (مهندسين وسباكين) وكوادر الأمانة مع مرافقة من الدرك للكشف الحسي على مزاريب المطر في كل الأحياء.
بحسب وضع كل بيت، تعديل وضع مزراب المطر ليصب في خزانات بلاستيكية عدة لتجميع مياه المطر مع مزراب في آخر خزان يصل الى الحديقة إن وجدت.
في حالة عدم وجود حديقة، يمكن حفر حوض لبعض الشجر في الرصيف ليصب المزراب به. هذه تسمى حدائق الرصيف المطرية، ومدينة نيويورك مثلا لديها 4000 واحدة منها وستبني 5000 أخرى في 2020. وتسهم مساهمة فاعلة في تخفيف الفيضانات.
في عمان الشرقية لكل 100 متر مساحة سطح يركب خزاني بلاستيك بحجم تخزين 4 أمتار مكعبة، وهذا يكفي تقريبا لتجميع مطر كل منخفض. وأهالي البناية يستطيعون استخدام الماء المجمع لتنظيف السيارات والشطف وحتى الاستحمام، فهو ماء مطر. وفي عمان الغربية 4 خزانات بحجم 8 أمتار مكعبة لكل 100 متر من سطح البناية. والمساحة المطلوبة لكل خزان لا تتجاوز مترا مربعا توجد بسهولة ضمن ارتداد البناية.
الكلفة لن تتعدى 500 دينار لكل منزل شاملا التركيب والخزانات وأجور السباكين. ويمكن لكل ورشة أن تركب لبنايتين كل يوم عمل. على فرض هدف 30 ألف منزل سنويا نحتاج الى خمسين أو ستين فريق عمل متنقلا لتشبيك 30 ألف منزل سنويا بهذا الحل. ولكل فريق عمل 5 مهنيين أي 250 من كوادر الأمانة واستثمار 15 مليون دينار سنويا في مشروع وطني يلغي الفيضان والغرق بشبر ماء ويخضر عمان ويحصد مياه المطر. خلال سنتين أو ثلاث تحل المشكلة جذريا.
ما الذي يمنع أمانة عمان من تخصيص 15 مليون دينار سنويا لمشروع حيوي سهل فيه حلول جذرية؟ الكلفة السنوية أقل من مشروع كبير لعبارات تصريف مياه الأمطار.
في الصعيد ذاته، هل تعلمون أن شروط ترخيص موقف سيارات تشمل تزفيت المساحة كافة؟ تخيلوا تزفيت كل المساحة بحيث ينساب كل المطر من الساحة الى الشارع بعد أن كان أرضا تمتص الكثير من مياه المطر. هنا الحل في وجوب عمل أحواض تجميع مياه المطر لكل موقف مع شجر، أو استخدام فرشات الحصمة لا الزفتة في المواقف بحيث يبقى معظم الهطول المطري في مكانه.
هو موضوع بسيط جدا، الحل الجذري يكمن في إلغاء استخدام الشوارع كوسيلة أساسية لتصريف مياه المطر، بل بقاء المطر ما أمكن حيث يسقط.
أخيرا لا أقول هذا تنظيرا، “شلت” شهادة الهندسة التي أحملها عن الرف وعملت ما أدعو إليه في منزلي في الفحيص. هناك كل نقطة مياه مطر تذهب الى بئر تجميع مياه المطر أو تجد طريقها الى حوض شجر ومزروعات، لا تخرج أي نقطة مطر خارج السور. جواد جلال عباسي - الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/15 الساعة 08:52