الاحتلال يقرر إقامة منطقة تعليمية متكاملة بالقدس المحتلة ضمن مساعيه لتهويد المدينة

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/14 الساعة 08:24

مدار الساعة - يدخل قرار الحكومة الإسرائيلية بإقامة منطقة تعليمية متكاملة في القدس المحتلة ضمن مساعيها الدؤوبة لتهويد المدينة وطمس هويتها العربية والإسلامية وإلغاء عمل وكالة الغوث الدولية “الأونروا”، عبر استهداف غلق ست مدارس ومركز تدريب مهني تابعين للوكالة، يضمون نحو 2700 طالب وطالبة مهددين بمغادرة مقاعد الدراسة مبكرا.
ويقوم مخطط الاحتلال على إنشاء مجمع مدارس تابعة لوزارة التربية والتعليم الإسرائيلية في شرقي القدس، بكلفة تقدر بنحو 2 مليون دولار، بدءا من مخيم شعفاط وعناتا، حتى تكون بديلة عن مدارس “الأونروا”، بهدف منع أي تواجد للوكالة في المدينة المقدسة، تمهيدا لإنهاء دوره ووجودها؛ بحجة أنها تعمل على “إدامة قضية اللاجئين الفلسطينيين” وعرقلة “إتمام عملية السلام”، وفق المنظور الإسرائيلي.
ويؤثر هذا الإجراء الإسرائيلي بشكل مباشر “على 2400 طالب وطالبة يتلقون تعليمهم في ست مدارس تابعة للأونروا في شرقي القدس المحتلة، إضافة إلى 236 طالبا يدرسون في معهد التدريب المهني الواقع ضمن حدود بلدية القدس”، وفق معطيات رسمية من “الأونروا” لـ”الغد”.
وسيكون أمام طلبة الأونروا المقدسيين إما ترك مقاعد الدراسة للالتحاق مبكرا في سوق العمل، وبالتالي الإنضمام إلى نحو 10 آلاف من أقرانهم بالمدينة الذين أقعدتهم سياسة الاحتلال العنصرية عن الدراسة، أو أن يتم استيعابهم ضمن مدارس الاحتلال وتلقي المناهج التعليمية الإسرائيلية.
وينطبق هذا الحال على نظرائهم الطلبة في مركز التدريب المهني التابع للأونروا في القدس المحتلة، وسط محاذير طردهم منه عقب إغلاقه والركون إلى صفوف البطالة، بعدما أنهت إجراءات الاحتلال مسار التعليم الثانوي لنحو 40 % من الطلبة المقدسيين، في ظل وضع المدينة الاقتصادي الخانق، الذي أوجد نحو 95 ألف طفل مقدسي تحت خط الفقر.
وقد ينضم غالبية هؤلاء طلبة الأونروا، عند إغلاق مدارسهم، إلى نحو 20 ألف طالب مقدسي يضطرون لاجتياز الحواجز العسكرية الإسرائيلية يوميا من أجل الالتحاق بمدارسهم في الجانب الآخر من مدينتهم المحتلة، بعدما طردهم الاحتلال، مع زهاء 90 ألف فلسطيني، خارج جدار الفصل العنصري، الذي تسبب في إرباك العملية التعليمية الفلسطينية وعرقلة مسارها.
وقد يقود ذلك تباعا إلى تسرب الطلبة المقدسيين من المدرسة؛ حيث تسببت سياسة الاحتلال العدوانية في ارتفاعها إلى حوالي 50 %، بهدف تشجيع تغلغل المظاهر السلبية بين صفوفهم الشابة، التي تشكل نحو 55 % من المجتمع المقدسي.
وتسعى سلطات الاحتلال، من خلال تلك الخطوة، إلى فرض المناهج الإسرائيلية مكان المنهاج التعليمي الفلسطيني، بهدف طمس الهوية الوطنية وضرب الانتماء العربي الإسلامي، ليخضع له أكبر عدد من الطلبة المقدسيين، لاسيما طلبة مدارس الوكالة الذين يتبنون الرؤية العامة الفلسطينية، أسوة بمدارس الأوقاف الإسلامية والمدارس الخاصة، ومنها الكنسية والأوقاف الشرعية والجمعيات وغيرها، التابعة للسلطة الفلسطينية.
بيد أن المدارس التابعة للسلطة الفلسطينية تواجه عدة صعوبات، كونها تتبع أساسا لسلطة تحت الاحتلال، ولا تملك أي سلطة فعلية داخل مدينة القدس، في ظل تضييق الاحتلال عليها وسعيه للسيطرة على القطاع التعليمي.
ويخلو المنهاج الإسرائيلي من ذكر فلسطين، أو الحديث عن الفكر الإسلامي والمجتمع العربي، لاسيما في كتب التاريخ والإنسانيات، مقابل استخدام الأسماء العبرية للأماكن، مثل “يروشلايم” و”يهودا والسامرة”، تزامنا مع فرض تدريس مادتي اللغة العبرية وتاريخ “مدينة إسرائيل”، على المدارس، وتشويه الحقائق الجغرافية والتاريخية ومتعلقات العقيدة الإسلامية والإرث العربي الحضاري داخل المنهاج.
ويريد الاحتلال تكرار ما فعله بعد عدوان العام 1967، حينما ألغى فورا قانون التربية والتعليم الأردني لعام 1964، ووضع المدارس الحكومية الابتدائية والإعدادية تحت سيطرة وزارة المعارف الاسرائيلية، وأغلق مكتب التربية والتعليم لمحافظة القدس، كما أخضع المدارس الأهلية والخاصة والمدارس العربية إداريا ومنهجيا بأجهزته.
من جانبه، اعتبر مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية، المهندس رفيق خرفان، لـ”الغد”، إن “سلطات الاحتلال تهدف من وراء إنشاء المنطقة التعليمية في القدس المحتلة، إلى محاولة إنهاء عمل الوكالة، في إطار مساعي تهويد المدينة ونزع هويتها العربية والإسلامية، وتغيير معالمها”.
وأوضح المهندس خرفان بأن “سلطات الاحتلال تسوق للمجتمع الدولي، لاسيما الدول المانحة، مزاعم تقوم على ذرائع بأن الوكالة تطيل أمد قضية اللاجئين الفلسطينيين بتوريث صفة اللجوء، فضلا عن أن مناهجها تُحرض على الإرهاب واللاسامية، مما لا يساعد على بلوغ عملية السلام”.
ونوه إلى أن “الاحتلال يمضي في محاولاته تلك مدعوما بإعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، العام 2017، الاعتراف “بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي”، ونقل سفاره بلاده إليها”، مؤكدا “الموقف الأردني الثابت من رفض وإدانة انتهاكات سلطات الاحتلال المتواترة في القدس المحتلة، بما في ذلك قرارها الأخير بإقامة منطقة تعليمية إسرائيلية فيها”.
وتشكل العملية التعليمية “أداة الاحتلال الأساسية لنزع الهوية العربية والإسلامية في القدس المحتلة، وضرب الصمود والوعي الوطني والتثبيت الوجودي المقدسي في الأرض والوطن، ما يمهد لمخطط تهويد المدينة بعد إنهاء وجود الوكالة التي ترمز إلى قضية اللاجئين الفلسطينيين”، وفق قول مدير الإعلام السابق في الأونروا مطر صقر في حديثه لـ”الغد”.
ومن هنا؛ فإن مطر ينظر للقرار الإسرائيلي الأخير بأبعاد أخرى تمتد نحو “استهداف الوجود العربي الفلسطيني في القدس المحتلة، واستلاب إرثها وتاريخها العربي الإسلامي، والتضييق على مواطنيها المقدسيين”.
ولن تتوقف تبعات القرار الإسرائيلي عند النطاق التعليمي للأونروا فقط؛ وإنما ستؤثر سلبا على خدمات الوكالة، التعليمية والصحية والإغاثة الاجتماعية، التي تقدمها لأكثر من 110 آلاف لاجئ مقدسي مسجلين لديها”، عبر ست مدارس ومركزان صحيان وعيادات طبية ومساعدة اجتماعية مهمة ومراكز خدمات معنية بالأطفال، وفق المتحدث الرسمي باسم “الأونروا” سامي مشعشع.

نادية سعد الدين - الغد

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/14 الساعة 08:24