مرجان العقبة.. ثروة وطنية يهددها التلوث والصيد اللاقانوني

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/11 الساعة 13:56

مدار الساعة - حنان كفاوين- تتميز مياه خليج العقبة بأنها توفر بيئة جيدة لتشكل نوعية فريدة ونادرة من الشعاب المرجانية تبذل جهود كبيرة للمحافظة عليها لدورها في التنوع الحيوي البحري وأيضا لأنها تشكل موئلا لحوالي 25 بالمئة من اجمالي انواع الأسماك، بحسب ما يؤكد خبراء وعارفون بالبيئة البحرية.

والمرجان هو الحيوان المسؤول عن الشعاب، ويشكل بنفسه مستعمرات للكائنات الحية تغطي ما مساحته 1 بالمئة من سطح الارض، فيما تشكل هذه المستعمرات مجتمعا متكاملا لحوالي 8 ملايين نوع من الكائنات الحية ومصدر غذاء لحوالي 500 مليون انسان، عدا عن توفيرها فرص عمل في مجال الصيد وصناعة الحلي وقائمة طويلة من المنافع تجعلنا نقف طويلا امام ما نفعله لهذا الكائن شديد الحساسية والفريد في جماله وتنوعه والذي يصل الى 600 نوع.

وبالإضافة الى أنه أحد اهم مصادر السياحة البيئية والغطس يؤكد خبراء التقتهم وكالة الأنباء الاردنية (بترا) أن المرجان يعتبر صيدلية متكاملة، ويدخل في تركيب مضاد حيوي لعلاج سم الأفاعي، وهو مقو طبيعي للأعصاب ويعالج اضطرابات الجهاز الهضمي وداء السكري، ومسكن للألم يفوق تأثير المورفين، وكان قديما يعرف بأنه مضاد للحزن ودافع للشر، ويساعد في استقرار العقل والانفعالات النفسية، عدا عن دوره في علاج البشرة ودخوله بأنواع مختلفة من مواد التجميل، فيما يعتبره آخرون بأنه شكل من أشكال المجوهرات وأثمنها، وبرغم كل هذه الميزات وغيرها الكثير إلا أن مرجان العقبة يواجه تحديات جمة تحد من تكاثره بل وتهدد وجوده.

مخاطر وتحديات
مدير الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية في العقبة محمد طواها يصف هذا التهديد الذي يتم بالتعدي والتدمير والصيد اللاقانوني بأنه "نكران لجميل المرجان"، مشيرا الى ان الحيود والشعاب المرجانية تعاني من العديد من المخاطر والتحديات ويجب مراقبتها باستمرار من الصيد اللاقانوني، والذي يتم من خلال عدد من الصيادين الهواة، وينتج عن ذلك ملوثات بشكل قمامة بحرية.

ولفت الى أن أحد العوامل المشجعة على هذا التعدي والتهديد تمثل بقرب الحيد المرجاني من الشاطئ ووجوده على اعماق قليلة، وبالتالي إذا تم استخدام الشباك في تلك المنطقة وعلق بها المرجان، فإنه سيتسبب بتدمير الشعاب المرجانية عند محاولة شدها، عدا عن احتجاز كميات كبيرة من الاسماك والكائنات الحية الاخرى مثل السلاحف والقضاء عليها.

كما يتسبب استخدام الاقفاص والتي تسمى السخاوي، وبطريقة غير بيئية وباستخدام فتحات ضيقة جيدا، الى صيد كثير من الانواع التي ليس لها قيمة تجارية او صغيرة الحجم، وتتعاظم المشكلة عند فقدان تلك الاقفاص في الماء لتشكل مصيدة دائمة.

ويضيف طواها ان النفايات الصلبة والتي ينتقل معظمها من اليابسة من قبل الزوار والمواطنين، تشكل تهديدا آخر للشعاب المرجانية او الكائنات البحرية من خلال استقرار اكياس البلاستيك او الكرتون او الاقمشة على الشعاب المرجانية ما يؤدي الى اختناقها، عدا عن احتمال قيام بعض الكائنات البحرية السلاحف والطيور المائية بالتهام هذه الأكياس والنفايات ومن ثم موتها اختناقا، كما أن استخدام خيوط الصيد في الماء يشكل خطرا كبيرا على الشعاب المرجانية بسبب احتكاكها بالمرجان.

وتشير الدراسات إلى ان أكثر من 80 بالمئة من النفايات البحرية مصدرها اليابسة، وأكثر من 60 بالمئة من هذه النفايات هي بلاستيكية، ويؤدي وجود تلك النفايات وبقايا ادوات الصيد، إلى التأثير على الحيود المرجانية ومواقع الغطس والتي يزورها عشرات الآلاف من الغواصين والسباحين والزوار والقوارب السياحية.

وأضاف طواها إن التصرفات السلبية من بعض القوارب قد تؤدي أيضا إلى تدمير المرجان، سواء عن طريق القاء النفايات الصلبة، او تغيير الزيوت والصيانة على الشواطئ، او استخدام المرساة، لافتا الى أن هناك تعليمات واضحة في العقبة لمراقبة ذلك ومعاقبة السفن والقوارب المخالفة.

وأشار أيضا الى أن هناك اسبابا طبيعية لتدمير الشعب المرجانية مثل السيول والفيضانات والتي تحدث بشكل فجائي كونها تحمل معها كميات كبيرة من الرسوبيات والطمي والنفايات، والتي تعمل على تعكير مياه البحر، وزيادة الرسوبيات، والتي قد تؤدي الى اختناق المرجان والكائنات الحية الثابتة.

وانتقد طواها بشدة سلوكيات البعض المخالفة للقانون، مثل الاتجار بالمرجان والاحياء البحرية، حيث يقوم بعض الاشخاص بكسر وقطف الشعاب المرجانية وجمع الاصداف والاسماك الملونة، لاستخدامها في احواض الزينة واستخدامات عديدة اخرى.

اصحاب مراكز الغوص
لكن صاحب مركز للغطس في العقبة عبد الله المومني، يقول ان هذه المهنة تراجعت كثيرا في الفترة الاخيرة بسبب المشاريع الاستثمارية الكبرى وما تسببه من اضرار شديدة على البيئة البحرية، إضافة الى تسببها بتدمير الحيد المرجاني الذي يعتبر اهم جاذب للغطاسين الاجانب.

وأكد المومني ان البيئة البحرية بالعقبة تعد من البيئات النادرة جدا لتنوعها الحيوي الكبير وطبيعة المرجان والأسماك وغيرها من المخلوقات البحرية التي تعيش فيها، لافتا الى ان الاستثمارات السياحية والصناعية على شواطئ العقبة مثل المنتجعات السياحية الكبيرة على الشاطئ الجنوبي أثرت كثيرا على البيئة البحرية ورفعت من نسبة الرسوبيات الرملية بهذه المناطق ما أدى الى موت بعض أنواع المرجان ورحيل أنواع من الأسماك عن تلك المناطق، كما كان لنقل ميناء العقبة الرئيسي اثر كبير على البيئة البحرية في تلك المنطقة حيث تم تدمير كمية كبيره من المرجان بسبب العمليات الإنشائية.

مفوضية العقبة.. جهود كبيرة
وعن جهود سلطة العقبة بالحفاظ على المرجان أشار عبدالله ابو عوالي من مفوضية البيئة في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة الى جهود كبيرة تبذلها للمحافظة على الشعاب المرجانية بشكل خاص وحماية البيئة البحرية بكل مكوناتها بوجه عام، حيث تتركز هذه الجهود على محاور رئيسية تتمثل في صياغة وتطوير التشريعات اللازمة، وضع وتنفيذ الخطط الادارية، توفير الكوادر البشرية والامكانات المادية، اعداد البحوث والدراسات وتنفيذ برامج المراقبة المستمرة، بالإضافة الى التعاون والتشارك مع كافة الجهات الرسمية والتطوعية والخاصة المعنية بالبيئة البحرية. وأشار الى أن السلطة، وضمن جهودها للمحافظة على هذه البيئة بالتعاون مع شركائها خلال العقدين الاخيرين، أنشأت متنزه العقبة البحري على شريط ساحلي بطول 7كم على الشاطئ الجنوبي الذي يزخر بالكثافة الاعلى للشعاب المرجانية على طول الساحل الاردني، بهدف حماية البيئة البحرية الشاطئية واهمها الشعاب المرجانية، كما أصدرت نظام المتنزه البحري والتعليمات اللازمة بموجبه والتي تنظم كافة الانشطة البشرية ضمن حدوده، بالإضافة الى تزويد الشواطئ بالكوادر المؤهلة لتطبيق هذه التشريعات ومراقبة مستخدمي الشواطئ ومدى التزامهم بالتشريعات النافدة.

ولفت ابو عوالي أيضا الى برنامج المراقبة الوطني الذي تنفذه محطة العلوم البحرية لصالح السلطة منذ 16 عاماً والذي يعنى بمراقبة وضع الشعاب المرجانية وصحتها وأي تغييرات تطرأ على وضعها، وإجراء الدراسات البيئية ودراسات تقييم الاثر البيئي للمشاريع التنموية المختلفة التي يتم اقامتها في البحر وعلى السواحل والتي تتضمن القيام بالإجراءات التخفيفية اللازمة للمحافظة على البيئة البحرية، وتقليل الاثر السلبي لهذه المشاريع على الشعاب المرجانية مثل نقل واعادة استزراع ما يتعرض منها للضرر المباشر أو غير المباشر قبل تنفيذ المشروع.

ومن ذلك أيضا اجراء برامج المراقبة اللازمة بعد التنفيذ وخلاله، اضافة الى تنفيذ برامج التوعية والتثقيف لشرائح المجتمع المختلفة ولمستخدمي الشواطئ حول اهمية الشعاب المرجانية وضرورة المحافظة عليها، من خلال كوادر السلطة وبالتعاون مع الجمعيات البيئية التطوعية، وإنشاء نوادي حماية للبيئة في مدارس العقبة واجراء الدراسات والبحوث العلمية، وبرامج مراقبة الشعاب المرجانية وتأثير الانشطة البشرية على صحتها بالتعاون مع الجهات البحثية والاكاديمية والجهات الدولية المانحة والهيئة الاقليمية للمحافظة على بيئة البحر الاحمر وخليج عدن، واقامة المرافق الشاطئية والبحرية مثل (المرافئ، وعوامات الرسو) كبديل رفيق بالبيئة البحرية لتلافي الإضرار بالشعاب المرجانية نتيجة انشطة القوارب والرسو بأنواعها.

كما أنشأت المفوضية لهذه الغاية حيودا مرجانية اصطناعية من خلال اغراق حطام السفن والطائرات وغيرها، وبناء اشكال مختلفة من الخرسانة لتكون موئلاً للأسماك ومواقع غوص بديلة لتخفيف الضغط عن المواقع المرجانية الطبيعية، عدا عن دعم صيادي الاسماك بالمعدات اللازمة للصيد في المياه العميقة والابتعاد ما أمكن عن الصيد في المناطق المرجانية الساحلية، وإجراء دراسة لتقييم مدى خطورة معدات الصيد التقليدية على الشعاب المرجانية، ودراسة حظر استخدام اكثرها ضرراً على الشعاب المرجانية مثل شباك النايلون، والاستمرار بتنفيذ حملات تنظيف الشواطئ وجوف البحر لحماية الشعاب المرجانية من الاثر السلبي للنفايات الصلبة الناجمة عن سلوكيات بعض مستخدمي الشواطئ.

كما أعدت مسودة مخطط استعمالات البحر بهدف تحديد اماكن محددة لكل الاستخدامات البحرية لتجنب التضارب بينها ولتعزيز جهود المحافظة على المناطق المرجانية وإبعاد الضرر المحتمل عليها نتيجة للأنشطة المختلفة، وإعداد مسودة نظام ادارة المناطق الساحلية الذي يهدف بشكل اساسي الى وضع الاسس السليمة لإدارة هذه المناطق بمشاركة كافة الجهات المعنية بالمنطقة الساحلية، بالإضافة الى وضع الاسس السليمة للإنشاءات الساحلية وبما يؤدي الى حماية مناطق تواجد الشعاب المرجانية، وتنفيذ دراسة تصنيف لأنواع المرجان الصلب على الساحل الاردني التي تهدف الى تحديد هذه الانواع وتوزيعها وامتدادها الجغرافي، وذلك بالتعاون مع الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية
وأشار ابو عوالي الى أن العمل جار حاليا لإعداد خارطة الموائل البحرية على طول الساحل الاردني بالتعاون مع الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية والتي تهدف الى توفير معلومات مفصلة حول هذه الموائل وحجمها ووضعها وتوزيعها على طول الساحل الامر الذي يساعد المخططين وصناع القرار في التخطيط السليم للأنشطة البحرية وحماية هذه الموائل وعلى رأسها موائل الشعاب المرجانية. بترا

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/11 الساعة 13:56