دراسة تحذر: عودة المغتربين تشكل تحدياً مع الوضع الاقتصادي
مدار الساعة- أوصت دراسة أجراها منتدى الاستراتيجيات الأردني، بتبني سياسات حكومية تشجع على استثمار المغتربين الأردنيين، تشمل تسهيل الإجراءات التجارية للمستثمرين، وتشجيع برامج ريادة الأعمال، وتوجيه حوافز للاستثمار في المحافظات، وتشجيع الاستثمار في القطاع المالي، والاستثمار والمنح في المشاريع المجتمعية، والتوصية بنشر الوعي لدى المغتربين حول الفرص العديدة المتاحة.
وتوصلت دراسة (المغتربون الأردنيون: الفرصة والتحدي) إلى أن عودة المغتربين الأردنيين في أي وقت يمكن أن تشكل تحديا مع الوضع الاقتصادي الراهن في المملكة، "لكن إذا ما تم الاستعداد لها باتباع سياسات حصيفة للتعامل مع المغتربين فإن عودتهم في أي وقت سوف تكون نعمة على الأردن".
وقالت الدراسة إن عودة العقول المغتربة ستزيد المعرفة الإنتاجية للمجتمع الأردني، فضلا عن عودة رؤوس أموال "علينا استثمارها لرفعة ونمو الاقتصاد الأردني، وبالتالي يتحول التحدي إلى فرصة".
وشددت الدراسة على أهمية توجيه السياسات نحو تحفيز استثمار أموال وحوالات هؤلاء المغتربين "منذ الآن، فضلا عن تحفيز استثمار التحويلات التي يرسلونها حاليا في القطاعات التنموية".
ودعت الدراسة إلى إيلاء اهتمام خاص للتوعية وتقديم المعلومات، وخدمات تيسير الأعمال التجارية، وضمان توافر إمكانية الحصول على التمويل؛ حيث سيساعد التركيز على هذه البنود الثلاثة في توجيه المغتربين العائدين نحو ريادة الأعمال، وبالتالي زيادة حجم القطاع الخاص ونمو الاقتصاد.
وتناولت الدراسة العديد من القضايا المهمة، منها إعداد المغتربين الأردنيين حول العالم وقيم حوالاتهم ومجالات صرفها في الاردن كما تتطرق الدراسة إلى أهمية الالتفات إلى جذب المغتربين للاستثمار في الأردن من خلال الحوافز التي يمكن أن تجذب هذه الاستثمارات.
وتوضح الدراسة أثر حوالات المغتربين على النمو الاقتصادي في الأردن، فيما بينت أفضل الممارسات الدولية في العالم لجلب حوالات المغتربين والاستفادة منها محليا كأداة للتنمية.
وتناولت الدراسة الأثر الاقتصادي لعودة المغتربين الى الاردن بأعداد كبيرة، حيث أشارت إلى أن عدد المغتربين الأردنيين بحسب البنك الدولي بلغ في عام 2013 حوالي 782 ألف شخص موزعين في 76 دولة.
وقالت الدراسة إن غالبية المغتربين في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث كان عدد الأردنيين في المملكة العربية السعودية لوحدها حوالي 300 ألف وفي الإمارات العربية المتحدة حوالي 141 ألف وفي الولايات المتحدة الأميركية حوالي 76 ألف.
وأشارت إلى أن غالبية العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي يتمتعون بمهارات عالية، ويتمركزون في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والقطاعات المالية والطبية.
وتناولت الدراسة الحوالات المالية التي يتلقاها الأردن من المغتربين، والذين لعبوا لوقت طويل، دورا مهما في حياة مواطنيها.
ووفقا للبنك الدولي، فقد وصل الأردن حوالي 79ر3 مليار دينار من الحوالات الشخصية في العام 2015، والتي تشمل تعويضات العاملين والتحويلات الشخصية.
وأشارت الدراسة إلى أن للحوالات فوائد كثيرة لمن يحصلون عليها؛ حيث يتم استخدامها لزيادة مستوى معيشة الأسرة المستلمة لها، ولتمويل التعليم والصحة والاستثمار في الأصول القابلة للتوريث، وفي حالات أخرى تستخدم للاستثمار في الأعمال التجارية الصغيرة.
وبحسب الدراسة، فإن الحوالات المالية لها تأثير سلبي على الدول المستلمة لها، ومنها أن الحوالات المالية ترتبط بتأخير كل من الإصلاحات السياسة العامة، ورفع مستوى البنية التحتية والخدمات العامة، حيث أن الحوالات المالية تعمل على نحو ما لتعويض أوجه القصور في هذا الصدد.
وعلى مستوى عالمي، بينت الدراسة أن غالبية الحوالات المالية العالمية التي تتلقاها البلدان النامية يتم إنفاقها عادة على تحسين ظروف المعيشة والمواد الاستهلاكية؛ مع استثمار جزء صغير فقط في الأنشطة التي تولد الدخل والعمالة.
ويمكن تصحيح ذلك، كما أوصت الدراسة، بإدخال سياسات تحفز استثمار التحويلات المالية بشرط أساسي لصياغة هذه السياسات بفعالية، وهو الاعتراف بالعوامل التي يعتبرها المستثمرون المهاجرون مهمة، وتشمل هذه العوامل تحسين الكفاءة والإجراءات الإدارية والخدمات المتعلقة بالأعمال التجارية وتكاليف العمالة، بالإضافة لتشجيع الاستثمار ومكافحة الفساد والحفاظ على العلاقات الأسرية والمجتمعية.
كما دعت إلى أخذ المحددات التي تحكم استثمارات المهاجرين بعين الاعتبار والتي تشمل صغر حجم استثماراتهم نسبيا، ما يستلزم صياغة الأدوات والتدخلات التي تعزز الاستفادة من هذه الأموال، بالإضافة لقلة معرفة المستثمرين المغتربين بالمؤسسات وسوق العمل الأردني، والذي يستلزم ضرورة توفير المعلومات عن الأسواق وتيسير العلاقات مع الأعمال المحلية.
وتطرقت الدراسة الى أثر عودة المغتربين الأردنيين بأعداد كبيرة الى موطنهم على العديد من المؤشرات الاقتصادية، وبينت أهمية معالجة قدرة الاقتصاد الاردني على استيعاب عودة أبنائه الأردنيين في أي وقت وذلك بالتخطيط الاستراتيجي لذلك.
وأشارت الدراسة إلى الوجه الإيجابي لذلك، "فتتحدث عن أن عودة المغتربين ستسهم في تحقيق مالم يتمكن الأردن من تحقيقه خلال السنوات الماضية، وهو عكس جزئي لظاهرة هجرة العقول التي يعاني منها الأردن".
ولدى تحليل المنتدى للتجارب السابقة والتي استقبل فيها الأردن عددا كبيرا من مواطنية أو ضيوفه، بين المنتدى إن وصول المغتربين "قد يؤدي إلى فترة من النمو الاقتصادي المتسارع على غرار فترة حرب الخليج الأولى التي عاد فيها الأردنيون من الكويت، وكذلك عندما قدم المواطنون العراقيون إلى الأردن عام 2003".
وتوقع المنتدى، حسب نتائج الدراسة، أن تؤدي عودة المغتربين إلى زيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في السنوات التالية لعودتهم، وارتفاع الايرادات العامة والصادرات الاردنية وتحسن في سوق عمان المالية، وذلك أسوة فيما حدث بعد عودة الأردنيين عام 1990 أو مع قدوم المواطنين العراقيين إلى الأردن في عام 2003 خلال حرب الخليج الثانية.
أما بالنسبة لأعداد السكان، فقد أظهرت التجارب السابقة أن غالبية المغتربين العائدين أقاموا في أكثر المحافظات اكتظاظاً بالسكان مثل عمان واربد والزرقاء، ووضعوا مزيداً من الضغط على البنية التحتية والخدمات العامة في هذه المحافظات.
وعليه توقعت الدراسة إن يتبع أي عودة للمغتربين في أي وقت نمط مشابه وأن يكون هناك ضغط أكبر على البنية التحتية والخدمات في هذه المحافظات.
وتشير الإحصاءات إلى أنه من المتوقع أن ترتفع الأسعار، وأن تزداد الواردات بسبب اعتماد الأردن على الاستيراد بشكل عام، فيما تشير إلى أن سوق العمل، وكما هو عليه اليوم، لن يكون قادرا على استيعاب اعداد كبيرة من العائدين، وخاصة مع البطالة الهيكلية التي يعاني منها الأردن حاليا.
وبحسب الدراسة، فقد تصدرت السعودية قائمة الدول من حيث قيمة الحوالات، تلتها الإمارات العربية، فالولايات المتحدة، والضفة الغربية وقطاع غزة رابعا، وقطر ثم الكويت سادسا، وليبيا سابعا، فألمانيا، والبحرين، وعاشرا عُمان.