أمن الأردن في قادم الأيام بين التحديات والفرص

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/09 الساعة 09:39
مدار الساعة - انس صويلح - تغيرت طبيعة التهديدات والتحديات الأمنية في المنطقة منذ مطلع الألفية، وتبدلت استراتيجياً على رأس كل عشرة أعوام، ففي مطلع العقد الأول كانت حرب الخليج وتنظيم القاعدة، وبعد عشر سنوات كان الخراب الذي سُمّي ربيعاً وأخرج لنا دماراً، وحروب وكالة، وعصابة داعش، واليوم على رأس العقد الجديد نسمع طبول الحرب تُدّق على وقع انقسام إقليمي وتوتر سيلقي بظلاله لفترات طويلة على المنطقة. خلال هذه المراحل الزمنية، قاد جلالة الملك عبدالله الثاني منظومة أمن الوطن بعناية شديدة، فلم يهادن أو يجامل في الجانب الأمني والعسكري، ولم يترك حيزاً للاجتهاد الخاطئ؛ فالتحديات خطيرة، ولا تنازلات تقدم لأي كان فيما يخص أمن الوطن مهما بلغت درجات التضييق الاقتصادي أو السياسي، وتطوير الأدوات الأمنية والدفاعية والاستخبارية ظلت كالعادة ضرورة قصوى لاستباق أي تهديد، مع الحفاظ على التماسك الوطني بعيداً عن أي استقطاب أو اصطفاف إقليمي. ومما لا شك فيه أن ثبات الأردن على مواقفه وسياساته المعتدلة القومية أزعج بعض القوى الإقليمية هنا أو هناك، التي لجأت لأدوات القوة الناعمة لحرمان الأردن من خياراته المشروعة، وبهدف زعزعة الوحدة الوطنية من خلال التلاعب بقيم واتجاهات المجتمع الأردني الذي ظل عصياً على الفرقة والصراع، فانساب خطاب التشويش عبر منصات الفضاء الاجتماعي الهاربة فوق الحدود للتشكيك بثوابت الاردن التي شكلت درعه الأمين: قيادته الهاشمية، قواته المسلحة، أجهزته الأمنية، ومنظومة القيم والأخلاق. وهو ما يفسر ظهور أبطال اللايفات من خارج حدود الوطن في فترة زمنية واحدة، وبتنسيق وتقارب في شكل ومضمون الكذب والافتراء، وكأنهم انطلقوا بـ «كبسة زر»، ثم الغباء الذي لم تنطل حيله على الأردنيين بنشر مجموعة من الفيديوهات والصور المتلاعب بها، خاصة بعد القرار الاستراتيجي المؤثر بدمج الأجهزة الأمنية، والذي سيرفع حالة التنسيق الأمني إلى حالة من العمل المتكامل، في تخطيط أمني محكم لقادم الأيام. لذا فإن المهام الموكلة إلى القيادة الأمنية الجديدة، لا تقل صعوبة عما سبقها ولا شك بأنها ستزداد وعورة في الأيام المقبلة أمام مدير الأمن العام الجديد اللواء الركن حسين الحواتمة، الذي لا خوف عليه في ظل ما اكتسبه سابقاً من شعبية كبيرة في الشارع الأردني، وبما يتمتع به من قدرة على العمل، ودراية استراتيجية كفيلة بتجاوز العقبات، لا بل تحويلها إلى منطلقات للنجاح. الحواتمة اعتذر عن استقبال المهنئين وقرر المضي قدماً لتنفيذ التوجيهات الملكية بتنظيم البيت الداخلي، والتخفيف عن المواطنين، فأوقف في خطوة أولى قافلة المخالفات الغيابية، وهو قرار لم يعجب بعض منظري البطولات الورقية، الذين يتشدقون عند كل خير لا ينالهم منه نصيب، فاتفقوا مع دعاة الانحراف والفتن على وضع العراقيل، حيث كان سعيهم مذموماً، وخابت محاولاتهم أمام رياح العمل الجاد والواثق. أثبت الحواتمة سابقاً قدرته الفائقة بإحالة التحديات إلى فرص، وهو الذي وقف يوم أن بلغت القلوب الحناجر على عتبات الرابع واثقاً ومبتسماً وبدل حالة التوتر إلى جسر من الترابط الشعبي أبهر صحف العالم، كما قاد من قبل عملية هيكلة وإعادة تنظيم وتحديث لقوات الدرك، دون نسمع أو نقرأ عن سطر فساد في الجهاز الذي عمل بإمرته كخلية نحل لسنوات عرفنا فيها عن الجنرال الشاب بساطته وجرأته في الطرح واتخاذ القرار، وإن كان ذلك سبب له بعض الانتقاد، إلا أنه كان أيضا منطلق نجاح للحواتمة الذي تميز بحسن التقاطه للتوجيهات الملكية، فلم يغلق بابه يوماً أمام أردني أو أردنية من شمال المملكة إلى جنوبها، وعامل الأردنيين بأخلاق الأردنيين، بل أنه عكس هذا التعامل نبلاً وأخلاقاً عندما نفذ التوجيهات الملكية بإكرام دفن سيدة عراقية تقطعت بها وببناتها السبل، ليقف العالم احتراماً للأردن. لا خوف على الأردن اليوم، فالتاريخ يعيد نفسه عند كل منعطف، ولم يسلم من قبل رجالات الوطن الذي حفظ لهم التاريخ لاحقاً وقفاتهم المخلصة، ونجا الأردن من كل المكائد، أما المدّعون، ودعاة الفرقة والخلاف فأوهامهم كغثاء السيل إلى زوال، فما صنعوا ويصنعون كيد ساحر، ولا يفلح الساحر حيث أتى، وإن لنا من الأيام شاهدا، ومن التجارب دليلا، ومن لم يصدّق فليقرأ التاريخ وينظر إلى أيٍ من مزابله ذهب المدعون. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/09 الساعة 09:39