اعلان ’أولكر‘ يغضب الأتراك.. وما علاقته بـ ’الانقلاب‘

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/04 الساعة 10:40
 
مدار الساعة- قبل عدة أيام، وبمناسبة "كذبة أبريل"، قامت شركة أولكر للشوكولاتة، إحدى كبرى شركات الأغذية التركية، والمالكة لواحدة من أعرق شركات الشوكولاتة البلجيكية في العالم، شركة غوديفا، بعرض إعلان على شاشات التلفاز التركي وعلى الإنترنت، أثار ضجة هائلة في تركيا خلال الأربع والعشرين ساعة التي تلت عرضه، واستمرت الضجة حتى الآن، بعد 3 أيام من عرضه، إلى حد انهيار أسعار أسهم الشركة. فما الذي أثار الأتراك إلى هذا الحد؟!



ووفق ما نشر موقع "هافنغتون بوست عربي" يبدو أن الشعب التركي قد صار أكثر حساسية، ناحية ما قد يهدد الاستقرار السياسي في البلاد، فبعد ساعات فقط من نشر إعلان شركة أولكر للشوكولاتة، والذي فسره أتراك بأنه إشارة إلى محاولة انقلاب عسكري أخرى محتملة، نزل المئات من المواطنين إلى الشوارع، خاصة بالقرب من منزل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول؛ لحمايته من أي خطر قد يحدث بعيد نشر الإعلان.

الدعاية التي جذبت مئات الآلاف من المشاهدات على موقع يوتيوب، وتم حذفها من على حساب الشركة، قبل أن يعيد نشره العشرات من الأتراك، مصحوباً بتحليلات عدة لمضامينه والتعبيرات المستخدمة فيه، كان يتناول بإشارات تبدو مبهمة، عما يمكن أن يحدث للشخص يوم الأول من أبريل/نيسان.

أتى الإعلان في أكثر من نسخة. يقول الإعلان في نسخة منها: "في يوم مشمس، ستخرج من المنزل إلى الهواء الطلق، وفجأة ستبدأ عاصفة رعدية!.. الأول من أبريل يقترب، وحانت ساعة الحساب.. مفاجآتنا تنتظرك!"، وختمت الشركة جميع نسخ الإعلان بهاشتاغ، وجملة تقول: "هذا ما يحصل عليه الأخ الأصغر.. مع كل الحب".

المزحة لم تعجب الحكومة التركية، التي أعلنت فتح تحقيق في طبيعة الإعلان وأسباب نشره بهذا الشكل. وفي حوار له مع قنوات تركية، قال رئيس الوزراء بن علي يلدريم إنه لم يشاهد الإعلان، ولكنه رغم ذلك كان غير مفهوم وتم نشره في توقيت خاطئ. وتابع يلدريم: "لقد استعمل الإعلان إشارات تذكّر الناس بأيام الانقلاب، وأشار إلى "اقتراب ساعة الحساب"، واستعمل تعبيرات مثل الأخ الأكبر والأخت الكبرى (وهو اللقب الذي يُطلق على المسؤولين في جماعة غولن) في وقت يعيش فيه مجتمعنا حالة من القلق من مثل هذه الكلمات".

وأنهى يلدريم تعليقه بالقول: "لهذا، أراه إعلاناً -مع الأسف- غير مناسب".


لم تكن الحكومة التركية وحدها هي من رأى في الإعلان تهديداً حقيقياً؛ إذ خرج مئات المتظاهرين للتنديد بالإعلان، وتجمّع عشرات منهم أمام بيت الرئيس التركي؛ لحمايته من أي محاولة للهجوم عليه مثلما حدث في محاولة الانقلاب التي جرت في يوليو/تموز 2016.

أحد المتظاهرين الذين تجمعوا أمام بيت أردوغان، وصف الإعلان بأنه "وصمة عار"، وأنها لا يمكن أن تخدع الشعب التركي بعد اليوم.

وتساءل المتظاهر الغاضب الذي حصل على هتافات مؤيدة من المحيطين به عن السبب وراء إذاعة إعلان الشوكولاتة في الساعة الرابعة صباحاً، في الوقت الذي لن يشاهده فيه أحد.

شركة أولكر من جانبها، أصدرت بياناً دافعت فيه عن حملتها الإعلانية، ونفت فيه أن يكون الإعلان قد حمل أي إشارات سيئة أو تحريضاً على الانقلاب، كما اتهمت الشركة في بيانها جهات لم تسمها بتنظيم حملة لتشويه صورتها. وقال البيان إن "منظمي الحملة تلاعبوا ببعض الصور والتعبيرات وقاموا بتحميلها مضامين لا تعبر عنها الدعايا".

وقالت الشركة في بيانها الذي نشرته على موقع تويتر، إن الحملة التي وصفتها بالسلبية قد "انحدرت إلى مستوىً متدنٍّ من الحقارة لتهديد صورتنا".


وعلى موقع تويتر أيضاً، قال مراد أولكر، الرئيس التنفيذي للشركة: "أنا خارج البلاد. سمعت بالأمر الآن، وأشكر من أخبروني به. أولئك الذين نظَّموا الحملة الإعلانية سيحصلون على ما يستحقونه. نحن نقف مع شعبنا!".

مراد أولكر، مالك الشركة، كان قد واجه اتهامات غير رسمية تشير إلى علاقة تجمعه بحركة فتح الله غولن التي صُنفت تنظيماً إرهابياً في تركيا، وبمحاولة الانقلاب التي جرت صيف عام 2016، وهي الاتهامات التي تبذل الشركة قصارى جهدها لدحضها.

لكن حديث مراد أولكر وبيان الشركة لم يكنا كافيين؛ إذ هبطت أسهم الشركة في افتتاح البورصة التركية صباح الإثنين 5 نقاط في خسارة كبيرة بيوم واحد.


أسهم شركة أولكر هبطت بشدة خلال يوم واحد بسبب الإعلان الذي استفز العديد من الأتراك

وبالنسبة للمستثمرين، فإن الضجة حول أولكر، التي تُعد واحدة من أكثر الشركات التركية نجاحاً على المستوى الدولي، تذكير بأن الاقتصاد التركي بأكمله يقف على صفيح ساخن جراء حالة الطوارئ وعلى بُعد أيام من الاستفتاء حامي الوطيس حول تطبيق النظام الرئاسي في البلاد، وهو الخيار الذي يدعمه ويدعو إليه الرئيس أردوغان وحزبه حزب العدالة والتنمية.

وتأتي هذه الضربة في وقت تتزايد فيه التوترات داخل تركيا، التي صادرت حكومتها أكثر من 850 شركة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة. وكانت أولكر، مثلها مثل غيرها من الشركات التركية، عرضة للشائعات السياسية، والتي وصلت في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى حد إشاعة أن الشركة تسعى لنقل أصولها وأموالها إلى خارج تركيا، وهو ما وصفته الشركة بالادعاء "الكاذب والخبيث".

بشكل عام، يبدو الأتراك متأهبين للغاية، فمنذ عدة أشهر، انقطعت الكهرباء عن مدينة سقاريا التي لا تبعد كثيراً عن إسطنبول، فخرج العديد من سكان المدينة متظاهرين إلى الشوارع؛ ظناً أنه انقلاب.

وتحدثت تقارير صحفية مؤخراً، مثل التقرير الذي ترجمه "هافينغتون بوست عربي" بعنوان "كواليس الانقلاب تتكشف.. تحقيق استقصائي يتتبع شبكة تخطيط غولن للإطاحة بأردوغان"، تحدثت عن إشارات لمحاولة الانقلاب الأخيرة تضمنتها دعايا الشركات في الأشهر التي سبقت الانقلاب.

التأهب التركي الشعبي والرسمي سيستمر حتماً فترة مقبلة، لا سيما مع التوترات المتوقعة مع الاستفتاء المقرر بعد أقل من أسبوعين، في 16 من أبريل، والذي سيرسم شكل السياسة التركية، ربما، لعقود قادمة.
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/04 الساعة 10:40