الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود يكتب: الأردن

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/04 الساعة 09:19
الأردن بكل تحيّز ، وكما يقال أن الشهادة مجروحة اذا نبعت من محب أو متعاطف. فنعم أنا متحيز ومحب ومتعاطف.

الأردن والأردنيون لهم مكانة في قلبي، عرفتهم وتعاملت معهم، صادقتهم وآخيتهم. تشرفت بزيارة بلدي الأردن عدة مرات على مستوى رسمي وشخصي. وتشرفت بمقابلة الأشقاء الأردنيين على جميع المستويات في بلدهم المملكة العربية السعودية.

لي الكثير من المواقف والتجارب والذكريات التي بدأت كحلم لا زلت اتذكر حقيقته. فقد كنت طفلآ وصور الملك حسين بن طلال – يرحمه الله ويحسن مثواه – عند زياراته للمملكة تنعكس أمامي حيث كنّا نراه يستقبل ويحتفى به من قبل أشقائه ملوك المملكة العربية السعودية على مر الزمان، الى آخر أيامه عندما زاره الملك عبد الله قبل وفاته ثم حضوره مراسم العزاء يرحمهم الله. لقد كانت علاقة تفوق الوصف أقوى وأمتن من أي علاقة بين قائدين تسودها المحبة والصداقة والاحترام. وامتدت هذه العلاقة لتكبر بمشاعر الأب والأخ والصديق بين المرحوم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – رحمه المولى رحمة واسعة – وصاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة.

لقد عشت الأردن صداقة ومحبة واحترامآ، وكان لي شرف معرفة رجالاتها وعلى رأسهم صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني، انسانا" وأميرا" وملكا". وكم كان تواضعه وسموّه وعظمة مكانته لها أكبر الأثر، كما أن تلك السمات وما يدعمها من كرم ورجولة وشهامة لمستها في الكثير من رجالات الأردن الشقيق. تعرفت على موظف الفندق وسائق السيارة والبائع والنادل، وتعاملت مع العسكري والمدني، مع الفنّان والمثقف، مع الوزير والأمير، مع الانسان البسيط ومع رجل الأعمال الكبير، ووجدت فيهم روح العروبة تميّزها الصفات الأردنية.

نعم! هذا الأردن حضارة وتاريخآ، عادات وتقاليد، أحسستها وشعرت بها في جميع المناسبات المختلفة التي جمعتني في رحلاتي على اختلاف مسؤولياتها ومستوياتها. زرت الأردن في معية الملك الانسان في مناسبات لا ينساها انسان. فكانت حفاوة الاستقبال، وأصدق مشاعر الاخوة والامتنان عبقها يملأ المكان ولا يغيّرها الزمان. كما زرتها كمسؤول أمني، كرّمني الزملاء بأسخى العطاء لانجاح مهمتي، ومشاركتي بكل معلومة طلبتها بصدق وبدون أي تردد أو تحفّظ. كذلك شددت اليها الرحال من خلال رسالة جمعت بين الثقافة والفن بمعرض " مساجد تّشد اليها الرحال" فما أقرب الأردن للمملكة وما أقرب المملكة والأردن للقدس الشريف.

من تجاربي تعلمت منها ولن أنسى وقعها، كانت زياراتي للأردن وكذلك زيارات الأصدقاء والزملاء الأردنيين للمملكة عندما كنت مسؤولآ في التعليم. فيكفي ما سمعته من مسؤولي وزارة التعليم الأردنية عن أهمية التعليم. حيث أن الأردني على استعداد كما قيل " بيع ما وراه وما دونه لتعليم أبنائه ". كذلك وبالرغم من شحّ الامكانيات المادية مقارنة بالدول الغنية على مستوى الفرد أو المؤسسة، فان التعليم يرتقي الى مستويات نعتز ونفتخر أنها في ديارنا لتستثمر في بناء مستقبل أجيالنا، وهنا لا يفوتني أن أذكر نصيحة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني لي في حضرة المغفور له باذن الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أول أيام عملي في وزارة التربية والتعليم عندما التقيا في المنطقة الشرقية، حين تكرّم يحفظه الله واقترح بأن يوجه مجموعة من الاخوة المسؤولين في حقل التعليم بالمملكة الأردنية للاجتماع بمسؤولي وزارتنا وتبادل الآراء للعمل على الاستفادة من تجاربهم، خصوصآ في حقل التقنية ومستقبل التعليم. ولا أخفي سرآ أن من أهم التوجيهات المستقبلية للتعليم هي ما ساعدنا بتبنيها وتطويرها نخبة من الزملاء والأصدقاء والاخوة الأردنيين. ففكرة شركات تطوير التعليم الاستثمارية، كذلك بعض البرامج التقنية مثل " نور" كانت من بركات توجيه الملكين.

هذا هو الأردن الشقيق الذي دفعني للكتابة بدون تحيّز أو مجاملة، المشهد الكبير الذي استقبل به انسانه ممثلا في قيادته وشعبه سلمان الحزم والعزم بهذه الروح والكرم والاحترام الهاشمي النبيل. وذكرتني تلك المشاهد ما لمسناه بالأمس، وها نحن نراه اليوم ولا يدخلني شك أن هذه العلاقة ستدوم وتبقى بمشيئة المولى وتقديره، جامعة القلوب بصادق المحبة، وموحدة الجهود بروح الاخوة، ومعززة التقارب بتاريخ علاقة أسسها الموحد عبد العزيز بن عبد الرحمن والمؤسس عبد الله الأول
.
وفق الله قيادتينا وشعبينا لجمع الكلمة وتوحيد الصف وتكامل الرؤى للاستثمار الحقيقي في مستقبل شباب امتنا بما يحفظ بقاءها واستدامة تطورها خدمة لامتينا العربية والاسلامية، مساهمة في مسيرة نهضتنا العالمية.
  • مدار الساعة
  • المملكة العربية السعودية
  • الملك عبد الله الثاني
  • المملكة الأردنية الهاشمية
  • وزارة التربية والتعليم
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/04 الساعة 09:19