العمل التطوعي ومهارات الشباب

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/06 الساعة 10:55

بقلم: الأستاذ الدكتور عمر علي الخشمان

ان توجية طاقات الشباب نحو العمل التطوعي الاجتماعي له اهمية بالغة في مواجهة التحديات وان ما يحملة الشباب من فكر وثقافة في ممارسة المسؤولية المجتمعية يسهم بشكل كبير في تحقيق السلم المجتمعي، ونرى كثيرا من المبادرات الشبابية التطوعية الايجابية في المحافظات وذلك من خلال الاقبال الشديد من قبل الشباب على المبادرات التطوعية الفردية والذي يدل على التطور في الفكر الثقافي لدى الشباب وتغير الصورة النمطية لشبابنا.

يعتبر العمل التطوعي ركيزة أساسية هامة في بناء المجتمعات والنهوض بها وتطويرها وتنميتها خاصة في وقتنا الحالي، ويكتسب العمل الاجتماعي التطوعي أهمية متزايدة يوماً بعد يوم حيث ان الحكومات والمؤسسات العامة في البلدان المتقدمة والنامية لم تعد قدرة على القيام منفردة بدورها التنموي وسد حاجات أفرادها ومجتمعاتها مع صعوبة الظروف المعيشية والاقتصادية والمادية ازدادت الاحتياجات الاجتماعية وأصبحت في تغير مستمر وبشكل متسارع ولذلك كان لا بد من وجود جهات موازية لجهود الجهات الحكومية تقوم بمساعدة القطاع العام وتكمل الدور الذي تقوم به الجهات الحكومية في تلبية الاحتياجات ويطلق عليها " المؤسسات الأهلية " التي تقوم بدور كبير في الشأن الاجتماعي والتنموي وغالباً ما تكون في المقدمة في معالجة قضايا المجتمع ورسم الخطط وتنفيذ البرامج التي تدعم عمل الحكومة في مختلف مجالات التنمية الوطنية الشاملة وتعتمد المؤسسات الأهلية على الإنسان كجزء أساسي وهام في نجاح عملها .

يختلف العمل التطوعي عن السلوك التطوعي فالسلوك التطوعي هو سلوك عفوي يظهر نتيجة لاستجابة الفرد لظروف طارئة مثلاً كإنقاذ غريق أو إسعاف مصاب بحادث وهذا العمل يأتي تلبية لرغبات إنسانية وأخلاقية صرفة حركتها ظروف معينة ولا يتوقع من قام بها أن يحصل على مقابل مادي مقابل ذلك العمل الذي قام به .

بينما العمل التطوعي هو ذلك العمل المنظم والدائم والذي لا يرتبط بظرف معين بل يرتبط بقناعة وإيمان بالفكرة والأهداف بعيداً عن الإكراه والإلزام الخارجي وهو كذلك التضحية بالوقت أو الجهد او المال او الخبرة والمعلومات دون انتظار عائد مادي وهو كذلك نشاط اجتماعي يقوم به الأفراد بشكل فردي أو جماعي من خلال الجمعيات والأندية والمؤسسات الأهلية الخيرية وتختلف نوعية العمل التطوعي المنظم من غير المنظم فيما يتعلق بطبيعة العمل ومفاهيمه وضوابطه واليات التطبيق ويتفق المختصون في هذا الحال على مرتكزات أساسية في العمل الاجتماعي التطوعي من اهمها القناعة بجدوى " العمل الاجتماعي التطوعي " في تنمية المجتمع وخدمة الإنسان والمجتمع وتوفر الرغبة الملائمة لممارسة نوع العمل التطوعي هو التضحية بالوقت والمال والجهد والخبرة وكذلك توفر درجة من الثقافة والاطلاع على أداء العمل التطوعي لدى الشخص المتطوع وعدم التمييز بين الفئات الاجتماعية وتطبيق مبدأ المساواة والعدالة في توفير الخدمة التطوعية.

ويعتمد العمل الاجتماعي على عدة عوامل لنجاحه ، ومن أهمها المورد البشري وهو العنصر الشبابي فكلما كان المورد البشري متحمساً للقضايا الاجتماعية ومدركاً لإبعاد العمل الاجتماعي فحماس الشباب وانتمائهم لمجتمعهم كفيلان بدعم ومساندة العمل الاجتماعي والرقي بمستواه ومضمونة ، فضلاً على أن العمل الاجتماعي سيراكم الخبرات وقدرات ومهارات الشباب والتي سيكونون بأمس الحاجة لها خاصة في مرحلة تكوينهم ومرحلة ممارستهم لحياتهم العملية وبالرغم من أهمية العمل الاجتماعي التطوعي الا أننا نجد نسبة ضئيلة جداً من الشباب تمارس العمل الاجتماعي فهناك عزوف من قبل أفراد المجتمع وخاصة الشباب منهم عن المشاركة في العمل الاجتماعي بالرغم من إن الشباب يتمتع بمستوى عالي من الثقافة والوعي والانتماء وكذلك وجود القوانين والمؤسسات التي تشجع الشباب على المشاركة بشكل فاعل في تنمية مجتمعهم .

وتكمن أهمية العمل الاجتماعي التطوعي لدى فئات الشباب في تعزيز الانتماء والولاء والمشاركة في بناء المجتمع ، تنمية قدرات الشباب ومهاراتهم الشخصية العلمية والعملية لهم ، كذلك أن العمل الاجتماعي يتيح للشباب التعرف على ابرز نقاط الضعف في نظام الخدمات لدى المجتمع وكذلك يوفر للشباب فرصة القيام بالخدمات المؤكلة إليه برغبته وحل المشاكل بجهدهم واقتراحاتهم الشخصية، بالإضافة إلى انه يوفر للشباب فرصة اكبر للمشاركة في تحديد الأولويات التي يحتاجها المجتمع المدني وكذلك المشاركة في صنع القرار .

وتنبع أهمية مشاركة الشباب في العمل التطوعي كونهم قادرين أكثر من غيرهم على فهم مشاكلهم وإيجاد الحلول الأنسب لها كذلك الأثر الكبير الذي يتركه العمل الاجتماعي على الشباب حيث يمنحهم الثقة بالنفس واحترام الذات والشعور بقيمة العمل وترجمة مشاعر الولاء والانتماء للوطن إلى واقع ملموس واستثمار وقت الشباب في أعمال تطوعية خيرة نبيلة إضافة إلى تعزيز الروابط الاجتماعية وتقليص الفوارق الطبقية بين فئات المجتمع .

نتمنى على وزارة الشباب تبني مشروع وطني للعمل التطوعي لتنظيم المبادرات الفردية التطوعية لدى الشباب الاردني بشكل مؤسسي ومنظم لاتاحة الفرصة اما الشباب المتطوع وتكريم التطوعين ووضع برامج وامتيازات لهم كما يتطلب تطوير القوانيين والتشريعات الناظمة للعمل التطوعي بما يكفل في ايجاد فرص حقيقية للمشاركة الشبابية في السلم المجتمعي.

ولا ننسى دور المدرسة والجامعة والمؤسسات الدينية ووسائل الإعلام في حث الشباب على العمل الاجتماعي التطوعي وخصوصاً في أوقات العطل الدراسية بهدف توجيه الطلبة وإرشادهم وتنمية روح الانتماء الوطني والولاء والمبادرة لقطاع الشباب معتبرين أن الإنتاج والعمل هما أمران لا يتحقق احدهما دون أن يكون الإنسان هو الركيزة الأساسية فيه ، ذلك أن الشريحة الهامة المنتجة في أي مجتمع هم الشباب الذين يعتمد عليهم في بناء وتطوير وتقدم المجتمعات.

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/06 الساعة 10:55