أمريكا وبشار من جديد.. وفرحة «الممانعين»!!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/04 الساعة 01:17

ثلاثة تصريحات خلال 24 ساعة صدرت من واشنطن بشأن بشار الأسد، وقد تصل هذه السطور للقارئ، وقد صدر المزيد من ذات اللون والممضون.
التصريح الأول كان لمندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة “نيكي هيلي”، التي قالت إن “سياسة بلادها في سوريا لم تعد تركز على إزاحة الرئيس بشار الأسد”، مضيفة أن “أولويتنا هي كيفية إنجاز الأمور ومن نحتاج للعمل معه لإحداث تغيير حقيقي للناس في سوريا (..) لا يمكننا بالضرورة التركيز على الأسد بالطريقة التي فعلتها الإدارة السابقة”.
بعدها بساعات كان وزير الخارجية، تيلرسون، يقول إن مصيره (أي بشار) “سوف يحدده الشعب السوري على المدى الطويل”، وهي ذات العبارة التي ما برحت طهران (أتباعها أيضا) وموسكو ترددها منذ خمس سنوات.
بعد ذلك جاء دور المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، والذي قال إن هناك حقيقة سياسية واقعية علينا تقبلها بخصوص حكم رئيس النظام السوري بشار الأسد، مشددا على أن “بلاده في حاجة الآن إلى التركيز على هزيمة تنظيم الدولة بصفتها رأس أولوياتنا”.
والسؤال الذي يطرح نفسه بناء على ذلك، وفي ظل الاحتفالية التي أقامها إعلام التابعية الإيرانية بهذه التصريحات، هو: هل ثمة جديد في الموقف الأمريكي من بشار حقا، أم أن الاستراتيجية التقليدية لا زالت تتواصل منذ خمس سنوات ولغاية الآن؟
ربما نحتاج هنا إلى القول إن التصريحات الدبلوماسية لا تعكس دائما السلوك الواقعي على الأرض، ونتذكر على هذا الصعيد مثلا ما كنا نتابعه من تصريحات تتعلق بسوريا من قبل أوباما، وعلى نحو متكرر حد الملل من وزير خارجيته جون كيري، ونتذكر كيف كانا يقولان الشيء ونقيضه، وكيري تحديدا كان يتحدث عن سوريا بحسب البلد الذي حل فيه، والضيف الذي يكون بجواره، وكانت قضية الموقف من بشار هي الأكثر ارتباكا في التصريحات.
أما على الأرض، فكانت الاستراتيجية الأمريكية هي ذاتها لم تتغير ولم تتبدل منذ عسكرة الثورة نهاية العام 2011، وهي إطالة أمد الحرب من أجل استنزاف الجميع. وفيما كان هذا الموقف استجابة للرغبة الصهيونية في البداية، فقد أصبح أكثر وضوحا بعد التدخل الروسي على أمل توريط الروس في حرب طويلة تستعيد أفغانستان، وأن بدا بوتين حريصا على هذا الصعيد.
هناك تطور برز في الآونة الأخيرة يتمثل في زيادة التدخل العسكري الأمريكي في سوريا، لكنه تدخل بذات الروحية، ممثلة في إطالة أمد النزيف، إلى جانب مساعي دعم الأكراد تحديدا، وهو دعم يصب أيضا في لعبة إطالة الحرب أيضا، فيما يمكن القول إن الحرب على تنظيم الدولة تصب أيضا في صالح النظام بهذا القدر أو ذاك، وإن استثمر كثيرا في وجود التنظيم لأجل وصم الثورة بالإرهاب.
الخلاصة أن أمريكا لم تكن يوما مع الثورة السورية، بل هي ذاتها من ضغط على جميع داعمي الثورة من أجل حرمان الثوار من السلاح النوعي القادر على الحسم، والاكتفاء بالسلاح القادر على إبقاء مسيرة الحرب مستمرة. وإذا شئنا توخي الأمانة، فإن هذه الاستراتيجية التي خطط لها الصهاينة واعتمدتها أمريكا، وأمّن عليها الغرب عموما قد أثبتت نجاحا، فقد استنزفت إيران وحلفاءها، وكذلك تركيا وربيع العرب، وتم تدمير سوريا، وكل ذلك يستخدمه بعض فاقدي الأخلاق ضد الثورة، لكأن الجريمة هي جريمة شعب طلب الحرية والكرامة، وليست جريمة نظام وحلف طائفي رد على مطالبه المشروعة (وبطريقة سلمية لشهور) بالموت والتهجير والتدمير.
يبقى القول إن من سيفرض مصير بشار والنظام هو تسلسل الأحداث، وتحديدا حين يدرك الجميع أن أحدا لن يوقف الحرب ما لم يحصل السوريون على حد مقبول من طموحاتهم، ممثلة في التخلص من المنظومة الطائفية الأمنية القديمة، ولو استمرت الحرب عشرة أعوام أخرى.

الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/04 الساعة 01:17