الهمذاني يكتب: مقام النقابات المهنية

مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/02 الساعة 15:40
مدار الساعة – لقمان إسكندر – في بلاد بعيدة كان هناك شيء ما تدعى النقابات المهنية، زكية الطيب، من ذوات الأفنان والفنون، سوى أنها منذ عَقد معقود، صارت تنأى قصيا، حتى اشتهى الناس منها زمانا مضى. قلت أخرجُ لعلي أَنْتَهِزُ المواقف والكراجات، والأزقة والشوارع، وبينما أنا كذلك، أَحَلَّنِي موطئ، كان وكان، فيه كائن يجفّ معارضة مثل فيل، أصابه الجفاف، قلت: حالك؟، وقد بدأ ضخ الغاز الفلسطيني إلى الأردن. قالت أصدرت بيانا عتيدا، سخطت فيه على القريب والبعيد. فهمست في نفسي: كأنها عقدة نقص لما كان منها سابقا، تريد استباق العهد والمعهود. وإذ إنا كذلك، أطلّ من بعيد نقابي عنيد، يَسُوقُ بِالجَهْدِ مركبته، فَقُلْتُ، وقد استحضرت الهمذاني: ظَفِرْت وَاللهِ بِصَيْدٍ فريد، وَحَيَّاكَ اللهُ أَبَا عمر، مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ وَأَيْنَ نَزَلْتَ؟ وَمَتَى وَافَيْتَ؟ وَهَلُمَّ إِلَى البَيْتِ، فَقَالَ: لَسْتُ بِأَبِي عمر، وَلَكِنِّي أَبْو عمير، فَقُلْتُ: نَعَمْ. أصغرت سنا أم مقاما؟ من أين أتيت؟ وقد أبعدك النسيان عَقدا، فقال: حفرت حفرةً في "موطئ كان وكان"، أطلت العهد فيها. فقلت: إِنَّا للهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَلاَ حَوْلَ ولاَ قُوةَ إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيم، فأشار بيَده إلى كرسي. ثم قال: هذا يجلس عليه الراقد والمرقود، والقاعد والمقعود، الحيّ فيه والميت عنه، ثم َقَبَضَ عَلى خَصْرِي يريد أن يجمع شتاته، وَقَالَ: نَشَدْتُكَ اللهَ لتُمَزَّقَنَّها، فَقُلْتُ: ما هي؟ قال: البيانات الصحافية. قلتُ: لِمَ. قال: قنابل دخانية. ثم َجَعَلَ يَبْكِي محاولا فكَّ عُقَدَ لسانه، وهو يقول: ويح النقابات بنت المهنية وما أنتهت إليه.
  • مدار الساعة
  • الأردن
مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/02 الساعة 15:40