حذاء ممثلة وخبر الترفيعات عواجل إخبارية.. مرحبا بكم في عصر التفاهة .. وكذبة قادة الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/01 الساعة 11:53
مدار الساعة - لقمان إسكندر - تصيبك الحيرة وأنت تتابع اهتمامات الناس الإعلامية. وتحتار أكثر وأنت ترى استجابة "الإعلام" لهذه الاهتمامات. ليس الكل، لكن المعظم غارق.
"ابو عنان" موظف في الثلاثين من عمره لديه أسرة، يريد حمايتها اقتصاديا واجتماعيا، كما فعل سابقا والده.
لا خبر أمتع له من أخبار تلك الحسناء، بعيدة المنال.
خبر حذاء ممثلة يتصدّر قائمة اهتمامات الناس أكثر من خبر يرسم لهم مصائرهم هم وأطفالهم، فهل انحنى الاعلام لرغبة ثقافة التفاهة، أم أنه صانعها؟
يحب "أبو عنان" أن يتصفح صفحات التواصل الإخبارية - أو أن تتصفحه هي - لا فرق.
في أخبار الترفيعات، تحوّل الاعلام الى ساعي بريد، بين الجهات الرسمية والمواطن. هذا كل شيء.
"كله كذب". يقول "أبو عنان" عن الاخبار السياسية. هو يرغب بمراقبة اخبار ترفيعات معارفه، كما كان سابقا والده يتابع أخبار "الوفيات".
أخبار "الترفيعات" أخت أخبار "الوفيات"، اللهم "التواصل" اختلف. هو لم يختلف عن والده.
من يراقب التفاعل الشعبي لأخبار الأحذية والفساتين، وجسد الممثلة، يَعجب. إننا في عصر التفاهة حقًا.
شؤون المجتمعات هي شأن الإعلام، إذا انحدرت انحدر. أما حكاية "قادة الرأي" فالقواد كثر، وحبال الخريطة صارت مثل كرة صوف بيد طفل.
صاحبنا لا يكترث. "ماذا تريدون مني أن أفعل؟ يقول.
دعونا نتلمّس الحكاية. ما يجري للمجتمعات المعاصرة أن "خصخصة" عنيفة وقعت للأزمات الوطنية، ثم صارت المعالجات على إثرها "مخصخصة".
يوم يجد "أبو عنان" صعوبة في الحياة، سيحاول العمل بوظيفتين وإن لم يجد سيعثر على حلول خاصة به، وبأسرته.
يوم تضيق الدائرة الفردية للأشخاص الى الاسرة والفرد، وتصبح النجاة من النيران الجماعية، محاولة هروب فردية، ينطبق المثل على الناس: انج سعد فقد هلك سعيد، و"كل حدا يقلع شوكه بايده".
صارت هنا محاولة علاج الأزمات الوطنية للفرد معالجة خاصة وفردية، بعيدا عن الرؤيا الجماعية للمجتمع.
صاحبنا اليوم مطالب وسط شعور المجتمع - أي مجتمع - بالضياع، أن يجد طريقا خاصا لتشعر أسرته بالأمان.
إن المعالجات الفردية للازمات الجماعية إما أن تكون خارجة عن القانون، أو أنانية. وهنا تصبح المعالجة الفردية نفسها ورطة جماعية.
يسرق. يرتشي. ينصب. يسكت. "يطنّش". يشغل نفسه بالتفاهات.
هكذا استجاب الإعلام لكل تلك الفردانية، فارتقى حذاء ممثلة كخبر متصدّر، وأخبار قوائم الترفيعات، دردشات تستحق أن تصبح "خبرا عاجلا".
مدار الساعة ـ نشر في 2020/01/01 الساعة 11:53