علي سعادة يكتب بالتزامن مع توقف صحيفة السبيل: ما هو الحل أمام الصحافة الورقية؟

مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/31 الساعة 10:18

بقلم علي سعادة:

يترسخ اعتقاد لدى أكبر المستثمرين في الصحافة أن الصحف الورقية المطبوعة الوحيدة القابلة للحياة هي الصحف الوطنية الكبرى مثل «نيويورك تايمز» و»واشنطن بوست» و»وول ستريت جورنال». لكن لماذا؟ سنجيب عن السؤال ضمن سياق المقال!
لو كان صحيحا أن الناس لم تعد تقرأ الصحافة الورقية أو الكتب المطبوعة فلماذا إذن تعج معارض الكتب بمئات الزوار من الشباب الذين يتصحفون الكتب المطبوعة أو يطلبونها عبر الإنترنت!
يسأل الكاتب الأمريكي تيد رال، لماذا لا تزال صحف مثل «النيويوركر» و»الايكونوميست» تحقق أرباحا في الوقت الذي ينتهي فيه وجود الآخرين، ما الذي يجعل نسخة يوم الأحد من «نيويورك تايمز» تحقق نسبة مبيعات كبيرة؟
يعتقد، رال، أن المواد المطولة أيسر في القراءة عبر الوسائط المطبوعة، كما أن كثيرا من الناس لا يمانعون في دفع المال من أجل تجنب أوجاع الرقبة والعين والتحديق في شاشة منخفضة الإضاءة نسبيا بينما هم يقرأون بمعدل أقل مما يقرأونه في النسخة المطبوعة. هذا هو مستقبل الصحافة المطبوعة.
يعتقد عدد من المهتمين بالصحافة الورقية أن التحليلات المطولة التي تشرح لأخبار التي سبق نشرها في الصحف اليومية والمواقع الإلكترونية هي المستقبل. فهي تكشف تفاصيل جديدة للأحداث وتقول للقارئ المغزى من هذه الأحداث، ولماذا حدثت.
ومع بداية دخول المواقع الإلكترونية والإنترنت حيث تعج بالأخبار القصيرة والسريعة توقف الناس عن متابعة الصحف الورقية التي ستصدر في اليوم التالي بنفس الأخبار، فلماذا يدفعون مالا لنفس المحتوى ما دام باستطاعتهم أن يقرأوه مجانا وبشكل فوري في الصحف الالكترونية؟
بعض الصحف الورقية ستواصل الصدور لسنوات طويلة بسبب التزامها بنموذج صحافة المواد المطولة المفصلة التي تتناول الأحداث الجارية، وتتخللها عادة رسوم توضيحية مرسومة باليد وبرفقة أشكال بيانية. هذه المطبوعات لا تنشر أخبارا عاجلة ولا تستطيع ذلك.
أنت تعرف مسبقا ماذا حدث. التحليلات المطولة تقول لك ماذا يعنى ذلك.
تيد رال يحسم الأمر بالجملة التالية: «إن نموذج المواد المطولة هو المستقبل».
وتعد المطبوعات الوسيط الأمثل للمواد المطولة لأن الناس يفضلون تقليب الصفحات للتصفح. وهي أيسر لعينيك.
من تولى إدارة الصحف في السنوات الأخيرة للأسف لم يفكروا في إيجاد حلول للمشكلة بل ذهبوا إلى الحكومات بحثا عن الدعم، ثم الاقتراض لحل المشكلة التي تفاقمت بفعل الديون مع تراجع الإعلانات في الصحف الورقية التي هجرها القارئ والمعلن معا.
إدارات الصحف لم تسلم القيادة لأناس لديهم رؤية ولو محدودة. فهم يطردون أصحاب الخبرة الذين يفكرون خارج الصندوق لحساب موظفين بيروقراطيين.
كان يجب على الصحف أن تعرف منذ وقت طويل أن الناس لن يدفعوا مالا مقابل نفس الأخبار التي قرؤوها بالأمس على هواتفهم مجانا، وكان على إدارات الصحف أن تكتفي بنشر جميع الأخبار العاجلة على نسختها الإلكترونية، بينما تقدم للقارئ في صباح اليوم التالي محتوى مختلفا تماما عن المحتوى الإلكتروني.
ان السبب في محنة الصحافة الورقية متعدد الجوانب وهو لن يخرج عن الأسباب التالية: الإنترنت وما تمتاز به من سرعة في نقل الأخبار، تراجع الدخل من الإعلانات، الإدارات التي لم تستطع المواءمة بين الورقي والإلكتروني ولم تكن مستعدة لترك مكانها لمن يملكون الحل، وبقيت تنفق وتتوسع رغم معرفتها تماما أن الإيرادات في تراجع مخيف.الرابط

مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/31 الساعة 10:18