ما معنى التوبة؟ وما شروطها؟
مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/26 الساعة 08:26
مدار الساعة - ارتكبت بالزنا مرات، وقد ندمت على فعلي، وأنا أريد الآن أتوب إلى الله وأن لا أعود ذلك الفعل المنكر، فيكف أتوب إلى الله، وكيف أستعين به على الاجتناب عن هذه المعصية الكبيرة؟ وكيف أعالج نفسي عن الداء الذي أصيبت به؟
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد : فلا شك أن الزنا من أشد الكبائر، لذلك قرنه الله تعالى بأعظم الذنوب، وهو الشرك، حيث قال تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ) [الفرقان: 68]. كما بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطورة الزنا على الإيمان، حيث قال في الحديث المتفق عليه : “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن”. لكن في المقابل نجد أن الإنسان إذا تاب توبة صادقة، فإن الله تعالى يتقبل توبته، كما قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ). [الشورى: 25]. والتوبة لا تحصل إلا بشروط : أولها : الإقلاع عن الذنب والبعد عنه، فإن المتلبس بالذنب لا تصح توبته. ثانيها : الندم على فعله. ثالثها : العزم على عدم العودة إليه، بحيث يكون غير مصر على الذنب، كما قال تعالى : (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ). [آل عمران:135]. ويضاف شرط رابع، وهو : إذا كان الذنب متعلقا بحق مالي، فإنه يؤدى إلى صاحبه. وعليه، فإن عليك التحلي بالإرادة والعزيمة الصادقة للإقلاع، والبعد عن هذه المعصية الكبيرة، واستعن على ذلك بما يلي :
– الاجتهاد في الدعاء.
– المحافظة أكثر على الصلاة والخشوع فيها، فإنها سبب للابتعاد عن الكبائر، كما قال تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ). [العنكبوت: 45].
– الابتعاد عن الوسائل المثيرة لارتكاب الفاحشة، كإطلاق البصر فيما حرم الله تعالى، والاختلاط الممنوع شرعا.
– التدبر والتأمل في العقوبة المترتبة على فعل هذه الفاحشة.
ـ ومما يعين على التوبة من المعصية البعد عن دواعيها وأسبابها، فلا بد من الابتعاد عن مواطنها، واجتناب أهلها، واستبدال ذلك بمخالطة وصحبة الأخيار والصالحين ومجالستهم ،والسماع منهم، كما جاء في حديث الذي أراد أن يتوب فقتل مائة نفس، فقال له العالم: “انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء”. (رواه مسلم).
ـ حضور واستماع دروس العلم.
ـ المواظبة على الأذكار في الصباح والمساء وسائر الأوقات والأحوال. وعليك أن أن تتوب الى الله جل وعلا توبة نصوحًا، وأن لا تطلع أحداً على ذلك، ولتستتر بستر الله جل وعلا حتى ولو كنت في بلد تطبق فيه الحدود، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : “من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا”. (رواه الحاكم والبيهيقي وصححه السيوطي وحسنه العراقي).
ـ علاجك يا أخي! لا يبدأ حين تتذبذب بين محاولة الالتزام بطاعة الله والوقوع في معصيته، وإنما يبدأ حين تلتزم بابه محسنا ظنك به سبحانه، وطالبا منه العفو والمغفرة، وعازما على عدم العودة إلى هذه المعصية الكبيرة، في الوقت الذي يلزمك فيه أن تأخذ إجراءات عملية في سبيل الزواج فهو ضرورة لك لتصون نفسك. إن من المهم أن تحسب ماذا ستخسر إذا أقدمت الآن على الزواج؟ وماذا ستكسب إذا انتظرت؟ وما أراه أنه لا توجد خسارة أكبر من أن تخسر رضا الله عليك.. أليس كذلك؟ أنت مذنب وباب التوبة مفتوح لا يغلق ما دمت تريد التوبة، وقد طلبت منا التذكير وذكرناك، وأؤكد لك أن الزواج يجب ألا يؤجل ما دام قد توفرت لديك الإمكانات اللازمة، وهناك أولوية للاستعفاف تأخذ حجما كبيرا في حالتك. واقرأ أخي السائل في حال شباب الصحابة والتابعين والسلف الصالح لترى كيف كانوا وكيف نحن الآن؟ ففي الاطلاع على سيرهم زاد لنا في حياتنا، واقرأ أيضا في قصص التائبين إلى الله، وكيف تابوا إليه، وكيف أصلحوا فيما بينهم وبين الله، وكيف بدلوا سيئاتهم حسنات. أخي، ابك على نفسك، فأنت لاه في غيك، وغيرك يسبقك إلى جنان ربك، وبدلا من أن تنضم إلى قوافل المصلحين، ركنت إلى حزب العاصين، وليتك كنت مع الصالحين دون المصلحين، ولكن قصرت عليك نفسك، فلا أدري، لأي شيء تعيش؟
خذ الآن خطوات جادة لعلاج نفسك، فأنت طبيب نفسك، وما صنعناه إلا إضاءة على الطريق، إن أردت أن تسير في طريق النور، أما إن كنت تريد طريق الظلام فأنت أعلم به، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ). [الشعراء : 227]. (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50) [سورة الحجر]. غفر الله لنا ولك، وتاب علينا وعليك.. يمكنك زيارة صفحة العائدون إلى الله. والله أعلم.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد : فلا شك أن الزنا من أشد الكبائر، لذلك قرنه الله تعالى بأعظم الذنوب، وهو الشرك، حيث قال تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ) [الفرقان: 68]. كما بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطورة الزنا على الإيمان، حيث قال في الحديث المتفق عليه : “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن”. لكن في المقابل نجد أن الإنسان إذا تاب توبة صادقة، فإن الله تعالى يتقبل توبته، كما قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ). [الشورى: 25]. والتوبة لا تحصل إلا بشروط : أولها : الإقلاع عن الذنب والبعد عنه، فإن المتلبس بالذنب لا تصح توبته. ثانيها : الندم على فعله. ثالثها : العزم على عدم العودة إليه، بحيث يكون غير مصر على الذنب، كما قال تعالى : (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ). [آل عمران:135]. ويضاف شرط رابع، وهو : إذا كان الذنب متعلقا بحق مالي، فإنه يؤدى إلى صاحبه. وعليه، فإن عليك التحلي بالإرادة والعزيمة الصادقة للإقلاع، والبعد عن هذه المعصية الكبيرة، واستعن على ذلك بما يلي :
– الاجتهاد في الدعاء.
– المحافظة أكثر على الصلاة والخشوع فيها، فإنها سبب للابتعاد عن الكبائر، كما قال تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ). [العنكبوت: 45].
– الابتعاد عن الوسائل المثيرة لارتكاب الفاحشة، كإطلاق البصر فيما حرم الله تعالى، والاختلاط الممنوع شرعا.
– التدبر والتأمل في العقوبة المترتبة على فعل هذه الفاحشة.
ـ ومما يعين على التوبة من المعصية البعد عن دواعيها وأسبابها، فلا بد من الابتعاد عن مواطنها، واجتناب أهلها، واستبدال ذلك بمخالطة وصحبة الأخيار والصالحين ومجالستهم ،والسماع منهم، كما جاء في حديث الذي أراد أن يتوب فقتل مائة نفس، فقال له العالم: “انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء”. (رواه مسلم).
ـ حضور واستماع دروس العلم.
ـ المواظبة على الأذكار في الصباح والمساء وسائر الأوقات والأحوال. وعليك أن أن تتوب الى الله جل وعلا توبة نصوحًا، وأن لا تطلع أحداً على ذلك، ولتستتر بستر الله جل وعلا حتى ولو كنت في بلد تطبق فيه الحدود، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : “من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا”. (رواه الحاكم والبيهيقي وصححه السيوطي وحسنه العراقي).
ـ علاجك يا أخي! لا يبدأ حين تتذبذب بين محاولة الالتزام بطاعة الله والوقوع في معصيته، وإنما يبدأ حين تلتزم بابه محسنا ظنك به سبحانه، وطالبا منه العفو والمغفرة، وعازما على عدم العودة إلى هذه المعصية الكبيرة، في الوقت الذي يلزمك فيه أن تأخذ إجراءات عملية في سبيل الزواج فهو ضرورة لك لتصون نفسك. إن من المهم أن تحسب ماذا ستخسر إذا أقدمت الآن على الزواج؟ وماذا ستكسب إذا انتظرت؟ وما أراه أنه لا توجد خسارة أكبر من أن تخسر رضا الله عليك.. أليس كذلك؟ أنت مذنب وباب التوبة مفتوح لا يغلق ما دمت تريد التوبة، وقد طلبت منا التذكير وذكرناك، وأؤكد لك أن الزواج يجب ألا يؤجل ما دام قد توفرت لديك الإمكانات اللازمة، وهناك أولوية للاستعفاف تأخذ حجما كبيرا في حالتك. واقرأ أخي السائل في حال شباب الصحابة والتابعين والسلف الصالح لترى كيف كانوا وكيف نحن الآن؟ ففي الاطلاع على سيرهم زاد لنا في حياتنا، واقرأ أيضا في قصص التائبين إلى الله، وكيف تابوا إليه، وكيف أصلحوا فيما بينهم وبين الله، وكيف بدلوا سيئاتهم حسنات. أخي، ابك على نفسك، فأنت لاه في غيك، وغيرك يسبقك إلى جنان ربك، وبدلا من أن تنضم إلى قوافل المصلحين، ركنت إلى حزب العاصين، وليتك كنت مع الصالحين دون المصلحين، ولكن قصرت عليك نفسك، فلا أدري، لأي شيء تعيش؟
خذ الآن خطوات جادة لعلاج نفسك، فأنت طبيب نفسك، وما صنعناه إلا إضاءة على الطريق، إن أردت أن تسير في طريق النور، أما إن كنت تريد طريق الظلام فأنت أعلم به، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ). [الشعراء : 227]. (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50) [سورة الحجر]. غفر الله لنا ولك، وتاب علينا وعليك.. يمكنك زيارة صفحة العائدون إلى الله. والله أعلم.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/26 الساعة 08:26