في الحالتين راسب
مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/23 الساعة 23:47
شبه خبير تربوي في تصريحات لصحيفة الغد نتائج الطلبة الأردنيين في اختبارات البرنامج الدولي بيزا ، بطالب كان راسبا في الدورة الماضية بـ8 مواد، وفي الدورة الحالية بقي راسبا ولكن في 4 مواد، والنتيجة في الحالتين هي راسب
بالمجمل حدث تحسن في ترتيب الطلبة الأردنيين مقارنة مع الدورة السابقة،وسجل الأردن تقدما في مواد العلوم والرياضيات وكذلك في القرائية
ومرد هذا التقدم المحدود اهتمام وزارة التربية بتدريب الطلبة المتقدمين للامتحان على النمط المتبع في المنافسة.والأكيد أن الوزارة اختارت أحسن ما عندها من الطلبة للدخول في المسابقة
لكن،هل تعكس هذه النتائج تطورا جوهريا في مستوى التعليم الحكومي؟
من المبكر جدا قول ذلك.نتائج مسابقة بيزا على أهميتها لا تمثل سوى بعد واحد من أبعاد عملية الاصلاح المطلوبة في قطاع التعليم. فإتقان هذا النوع من المهارات،لا يعني تحسنا في مسار التعليم الأساسي أو تبدلا جوهريا في نوعية التعليم ومخرجاته
وليس ثمة من سبب للاعتقاد بأن ما حصل من تقدم على طريق تطوير التعليم، كافيا لتلمس الفرق في مخرجاته.نتائج مثل هذا النوع من المسابقات، تعكس قدرة المتقدمين على المنافسة والاستعداد بالتدريب والمتابعة الحثيثة، ولا تقيس التغييرات العميقة في نظام التعليم برمته
فالحديث يدور عن عملية إصلاح شاملة، تطال المناهج وأساليب التدريس وقدرات المعلمين والبيئة الصفية،وغيرها. لقد بدأنا هذه العملية قبل سنوات،بإطلاق استراتيجية وطنية لتنمية الموارد البشرية ضمن برنامج زمني يمتد على عشر سنوات
لكن مسارات الاستراتيجية تواجه عقبات كأداء في التطبيق. تطوير المناهج تعرض لانتكاسة في مرحلته الأولى، نأمل ان يتم تجاوزها بعد مراجعة منهاجي الرياضيات والعلوم للصفين الأول والرابع، واستكمال خطة تطوير ما تبقى من مناهج دراسية
تدريب وتأهيل المعلمين يتعرض لهجمة شرسة من قوى متحصنة بالشعبوية تسعى لتوجيه العملية بما يخدم مصالحها
حدث تقدم ملموس على طريق التوسع في برنامج رياض الأطفال التعليم المبكر وقرار الحكومة التاريخي بإلزاميته بشكل متدرج اعتبارا من العام الدراسي المقبل
غير أن موازنة وزارة التربية والتعليم منهكة بالنفقات الجارية ولا تملك المخصصات اللازمة للسير في برامج الاصلاح من دون دعم ومساندة من مؤسسات معنية ومراكز عالمية متخصصة،ناهيك عن افتقارها للخبرات القادرة على تولي وإدارة برامج الاصلاح والتطوير
ولهذا، ينبغي علينا ألا نخدع الرأي العام، ونبالغ في تقدير ما تحقق في مسابقة بيزا وتسويقها على أنها نجاح باهر ومؤشر على تعافي النظام التعليمي في الأردن
نظام التعليم في بلادنا ما يزال موجوعا بأمراض مزمنة تراكمت أعراضها على مدار سنين، ولن تنقذه مسابقة دولية ولا امتحان مبرمج لقياس القدرات. ولن يخرجه من مأزقه سوى عملية إصلاح تطال جذوره العميقة، ومراجعة شاملة لتجربته السابقة
نأمل مع بداية العام الجديد بوقفة مراجعة لما تحقق من أهداف الاستراتيجية الوطنية، وإطلاق خطة لتسريع تطبيق ما تأخرنا في إنجازه.
الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/23 الساعة 23:47