الرزاز ينتقد «كلام الصالونات» حول الفساد في الأردن (صور)
مدار الساعة - أكد رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أن الحكومة تعمل بجدية كاملة على ترجمة توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني لمحاربة الفساد دون هوادة.
وشدد خلال رعايته اليوم الاثنين في مدينة الحسين للشباب الاحتفال باليوم الدولي لمكافحة الفساد، أن لا حصانة لفاسد، وأن المسؤول مهما كان موقعه يساءل، والمقصر يحاسب والفاسد يعاقب.
وأوضح، في الحفل الذي اقامته هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تحت شعار " لا للفساد .. فلننهض بالبلاد "، أن أعداد القضايا التي تمت احالتها للقضاء تؤكد جدية الحكومة في التعامل مع هذا الموضوع.
وأكد رئيس الوزراء أن تقدم الاردن في المؤشرات الدولية لمكافحة الفساد مهم جدا، "ومعيارنا الأول والاخير بهذا الصدد هو ثقة المواطن بمؤسساته، وان يلمس مباشرة أن هذه المؤسسات لا تصطاد بالماء العكر ولا تتعسف، وفي نفس الوقت تتابع كل قضية بصرف النظر عن الشخص الذي خلفها، وهو ما يحقق ما يوجهنا به جلالة الملك ويصبو اليه كل مواطن" .
وقال الرزاز "هناك من يقول ان الحديث عن الفساد يضر بالاستثمار، ويهرب المستثمرين وبالمقابل هناك من يقول أن الفساد عم كل شيء، واعتقد ان كلا المقولتين غير دقيق"، موضحا "نحن لسنا بحاجة لكيل الاتهامات والتعسف والكيدية واغتيال الشخصية".
وشدد، بهذا الصدد، على ان لا تناقض بين محاربة الفساد وجذب واستقطاب الاستثمارات، كون المستثمر الحقيقي يسعى للاستثمار في الدول التي تحارب الفساد وفيها شفافية وتسير وفق معايير شفافة وموضوعية بعيدا عن الاستهداف والشخصنة"، مؤكداً "هذا يحمي الاقتصاد ومنظومتنا السياسية".
وزاد "نحن فخورون بقضائنا النزيه والعادل الذي يعد الركيزة الاساسية لمكافحة الفساد، وفخورون ايضا بهيئة النزاهة ومكافحة الفساد وديوان المحاسبة ودورهما المهم بهذا الصدد".
ولفت رئيس الوزراء إلى التشريعات التي انجزتها الحكومة لتعزيز منظومة النزاهة ومكافحة الفساد، وضمت قوانين ديوان المحاسبة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد والكسب غير المشروع والتي اسهمت في مأسسة عملية محاربة الفساد على ارض الواقع، استنادا على معلومات وابلاغات يتم التحقق منها وليس وفق ما يثار من احاديث عامة.
وقال "طورنا آليات اشهار الذمة المالية من خلال قانون الكسب غير المشروع، ووسعنا الجهات التي يشملها وألزمنا الجميع بها، ومن يتأخر بإشهار ذمته تتم مخاطبته واعطائه مهلة لإشهار ذمته، لافتا إلى أن جميع الوزراء قاموا بإشهار ذممهم المالية دون تأخير .
واشار إلى التقدم الواضح في آليات الابلاغ عن المخالفات الشكاوى، عن طريق التطبيق الذي توفره هيئة مكافحة الفساد، فضلا عما يوفره تطبيق بخدمتكم في رئاسة الوزراء الذي يتضمن مساحة للشكاوى والابلاغات التي يتم تحويلها للهيئة.
وأكد أن قانوني ديوان المحاسبة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد يستهدفان تعزيز الاستقلالية لهاتين المؤسستين المهمتين، وأن الحكومة ستمنح هيئة مكافحة الفساد حرية الحركة في اختيار بعض الاختصاصات الفنية لغايات تعزيز العمل والأداء، مثل التحقيقات الإلكترونية وغيرها من الاختصاصات التي لا يوفرها ديوان الخدمة المدنية.
ولفت إلى ان الحكومة لا تمانع مستقبلا من توسيع آلية اختيار رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وان يكون للقضاء رأي في هذا الاختيار، بحيث لا تكون السلطة التنفيذية هي الجهة الوحيدة في عملية الاختيار.
من جهته، أكد رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد الدكتور مهند حجازي في كلمة ألقاها خلال الحفل أن الأردن يشارك دول العالم باليوم الدولي لمكافحة الفساد، للتأكيد على مفهوم التضامن في مواجهة الفساد بأطيافه ومستوياته كافة.
وقال الدكتور حجازي: إن الأردن تعرض كغيره من الدول لأشكال الفساد المختلفة سواء المالي والإداري والسلوكي، على الرغم من قيام الأجهزة الرقابية المختلفة بواجباتها على أكمل وجه، في حدود مسؤولياتها القانونية، غير أن الفساد طور من أدواته وأساليبه، متجاوزا الحدود في الاعتداء على المال العام والخاص، في إيجاد امتدادات داخلية وخارجية له.
وبين أن الأردن كان في طليعة الدول التي تنبهت لآفة الفساد ومخاطرها على المنجزات ومستقبل الأجيال، فقد أنشأت عام 2006 هيئة لمكافحة الفساد بأمر من جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي واصل ودعم بكل قوة وحزم جميع مراحل التطور والتحديث للهيئة، وصولا إلى القانون الذي تم بموجبه تشكيل هيئة النزاهة ومكافحة الفساد عام 2016 ، كهيئة مستقلة تعمل وفق أعلى المعايير الدولية على تعزيز قيم الشفافية والنزاهة، وقواعد السلوك في مؤسسات الدولة العامة والخاصة، ومكافحة جميع أشكال الفساد، وترسيخ أفضل سبل التعاون والتنسيق بين المؤسسات ذات العلاقة بضمان الجودة وحسن الأداء.
وأوضح أن الهيئة تقوم بواجباتها من خلال منظومة استراتيجية لتحقيق الغايات المنشودة في القضاء على الفساد، مشيرا إلى اعتمادها على إجراءات وقائية واستباقية كان لها الأثر الكبير في إحباط عمليات الفساد قبل وقوعها، إضافة إلى ما تم تحقيقه في مجالات التوعية بمخاطر الفساد، ونشر ثقافة النزاهة والشفافية والمساءلة، إلى جانب استرداد الأموال المتحصلة من أفعال الفساد، حيث تمكنت الهيئة من استرداد ما يزيد عن 350 مليون دينار.
وقال حجازي: إن الهيئة تعاملت منذ مطلع العام الحالي مع ما مجموعه 3534 بين إخبار وشكوى ومعلومات وتظلّم، منها 264 قضية تظلم صوبت جميعها، وبقي 20 قضية منها قيد الاجراء، وأحيل منها 389 شكوى إلى مديرية الوقاية لإجراء ما يلزم حسب الأصول، وحفظ 1558 شكوى تبين أنها كيدية أو لا تدخل ضمن اختصاص الهيئة، في حين ما زالت 419 شكوى قيد الاجراء، وتحويل 904 شكاوى إلى مديرية التحقيق ووحدة العمليات في الهيئة وفتح ملفات تحقيقية بها.
وتابع، بلغ عدد الملفات التي حفظت 405 ملفات لعدم ثبوت شبهة فساد أو تم تصويبها حسب الأصول، فيما تم تحويل 272 ملفا تحقيقيا إلى الادعاء العام لإجراء المقتضى القانوني، وبقي 227 ملفا قيد الإجراء.
وأكد الدكتور حجازي أن هذه المؤشرات تدل على حجم ونوعية المهام التي تقوم بها الهيئة، والجهود التي يبذلها العاملون والخبراء للفصل بين الحقائق والشبهات، وفق قواعد السرية التي تضمن حماية المبلغين عن قضايا الفساد، كما تكفل حماية سمعة الأبرياء ممن يتعرضون لاغتيال الشخصية لأسباب غير موضوعية.
وأشار إلى التحديات الكثيرة والمتنوعة في ظل تسارع التطورات التكنولوجية وأنظمة الاتصالات الحديثة والانتشار الواسع للأجهزة الذكية والبرمجيات الحديثة والتي ساعدت في ارتكاب جرائم الفساد، ما اقتضى استحداث مديرية فنية متخصصة للدعم الرقمي ومديرية للاستخبار الرقمي تعنى بالتكنولوجيا الحديثة والأدلة الرقمية، لتمكين المحققين من التعامل مع تلك القضايا بكفاءة ومقدرة واحتراف، لمواجهة المخاطر المؤكدة لما يُسمى بالعملة الافتراضية.
وبين الدكتور حجازي أن جهود هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بالتعاون مع أجهزة الدولة المختلفة في محاربة هذه الآفة نتيجة حتمية عن إرادة سياسية صارمة تقضي بمكافحة الفساد، وتعقب الفاسدين، تنفيذا للرؤى الملكية السامية وتركيزها على نهج مكافحة الفساد، مشيرا إلى التقدم الذي أحرزه الأردن على مؤشر مدركات الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية سنويا والذي ينعكس سلبا أو ايجابا على موقف الهيئات والشركات الاستثمارية العالمية من عمليات الاستثمار.
وأكد أن هذا التحدي يدفع باستمرار نحو المزيد من العمل لتقدم الأردن الذي يحتل حاليا المرتبة الرابعة عربيا والسابعة والخمسين عالمياً، باعتبارها مرتبة غير متدنية وفق معايير المؤشر والتي تدل على جدية الأردن في مكافحة الفساد، وفعالية التشريعات والقوانين والأنظمة في مواجهة الفساد.
وشدد على أن الهيئة أطلقت تطبيقها على الهواتف الذكية باللغتين العربية والانجليزية على متجر جوجل بنسختيه (Apple/Android)، للتسهيل على المواطنين من خلال إتاحة المزيد من الخيارات للتواصل مع الهيئة، ومنحهم المزيد من الخصوصية والسرية.
وأضاف أن التطبيق يتيح المجال لتقديم الشكاوى والتظلمات والاخبارات ومتابعتها إضافة لمتابعة أخبار الهيئة وأنشطتها المختلفة، مشيرا إلى أنه تم تخصيص نافذة عبر التطبيق لتلقي شكاوى الاستثمار تسهيلاً للمستثمرين وأصحاب العلاقة في التواصل مع الهيئة.
وأوضح الدكتور حجازي أن الهيئة تعمل على انفاذ وتطبيق مقولة جلالة الملك عبدالله الثاني في إصراره على كسر ظهر الفساد، مبينا أن تلك المقولة هي نهج وبوصلة في التصدي للفساد والفاسدين، وفرض سيادة القانون، وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص، معولا على التعاون والتضامن بين الهيئة ومؤسسات الدولة والإعلام الوطني كافة، في محاربة تلك الآفة وتجفيف منابعها.
وقدّم الدكتور حجازي شكره وتقديره لرئيس الوزراء على ما قدمه من دعم للهيئة واستجابة لمتطلبات نجاح مقاصدها، وتعزيز قدراتها الذاتية، مثمنا جهود كل من شارك في اليوم الدولي لمكافحة الفساد.
من جهتها، قالت المدير التنفيذي لرشيد الشفافية الدولية عبير مدانات: إن وجودنا سويا اليوم إنما يعبر عن قناعتنا جميعا بترسيخ قيم النزاهة وتكاتف الجهود لوعينا أنه لا سبيل لتقدمنا الا بمحاربة آفة الفساد، لما لهذه الآفة من تبعات مدمرة على جميع مناحي الحياة ومنها الثقة بين ابناء الوطن الواحد والنسيج الاجتماعي وزعزعة ثقة المواطن بالدولة.
واشارت مدانات إلى مذكرة التفاهم مع هيئة النزاهة ومكافحة الفساد لتحقيق الاهداف المشتركة لتمكين العمل سويا لتنفيذ وانجاح الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، والعديد من مذكرات التفاهم مع عدد من المؤسسات الرسمية والأجهزة الأمنية لترسيخ التعاون والتشارك بين الحكومة والمجتمع المدني لدعم ممارسات الحاكمية الرشيدة والشفافية.
وعرض الخبير الفني الدكتور جاسم الطراونة، ملخص نتائج ومقترحات دراسة مدى توافق التشريعات الناظمة للاستثمار مع المعايير الدولية لمكافحة الفساد في الاردن.
وتخلل الحفل ندوة حوارية تحت عنوان "فلننهض بالبلاد " شارك بها عدد من الجهات الرسمية، أكدت تعزيز الثقة بالدولة ومؤسساتها وانعكاسها على جهود الحكومة في مكافحة الفساد، والدور الذي تقدمه مؤسسات المجتمع المدني في مكافحة هذه الآفة.
ويشارك في اليوم الدولي لمكافحة الفساد، وحدة الجرائم الإلكترونية التابعة لمديرية الأمن العام، ووزارة الشباب، ووزارة التربية والتعليم، ومركز رشيد "الشفافية الدولية"، ودائرة الإفتاء العام، ومنصة بخدمتكم، وديوان المحاسبة، إضافة إلى المركز الوطني لحقوق الإنسان.