عرب أمريكا اللاتينية.. من الهجرة إلى الاندماج والبناء
مدار الساعة - 40 مليون شخص من أصول عربية في أمريكا اللاتينية يحكون 40 مليون قصة للنجاح والتفوق على كل العثرات والإخفاقات، كل قصة دليل قدرة لتحويل التحديات إلى فرص. هؤلاء آمنوا أن الحياة ممكنة مهما جارت الظروف السياسية والاقتصادية. لذلك أشرقت عليهم شمس الإنجاز بعد ليل طويل وظلام دامس، فأعطوا للجميع درساً لا ينسى بأن التمسك بالأمل والجهد والعمل كفيل بالوصول للقمة، الحقيقة المؤكدة أن الناس لا يصلون إلى النجاح من دون المرور بمحطات التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في هذه المحطات.
عندما بدأت الخلافات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمكسيك على خلفية قضايا الحدود ألغى ترامب اتفاقية التجارة الحرة «نافتا» التي تجمع بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وهنا عقد رجل أعمال مكسيكي من أصل عربي مؤتمراً صحافياً ليطمئن الشعب المكسيكي إزاء قدرة اقتصاد بلادهم على تجاوز آثار الاتفاقية التي أعاد ترامب العمل بها وفق شروط جديدة بعد ذلك.
في السابق كان البعض يتهم العرب بعدم قدرتهم على الاندماج في المجتمعات الأوروبية والأمريكية، لكن العرب في أمريكا اللاتينية غيروا هذه «الصورة النمطية» من خلال الانخراط في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية والفنية، وتحقيق مكانة مرموقة جعلت من العرب في أمريكا اللاتينية رمزاً للنجاح والاندماج والبناء.
كيف تغلّب المتحدرون من أصول عربية في أمريكا اللاتينية على تحديات الهجرة والاغتراب؟ وما حجم ارتباطهم بقضايا أوطانهم الأصلية؟ وكيف تغلبوا على سلبيات أحداث دولية مثل ظاهرة الإرهاب، وتداعيات أحداث 11 سبتمبر على أحوال العرب خارج ديارهم؟.
500 عام
رغم وجود وثائق كثيرة تؤكد أن العرب هم أول من ذهبوا لأمريكا اللاتينية حتى قبل رحلة كولومبوس الأولى 1492، إلا أن البداية الحقيقية لهجرة العرب لأمريكا اللاتينية كانت عام 1876 عندما وطئتها أقدام «عائلة زخاريا» من بيت لحم الفلسطينية، وتبعها باسيل حجار عام 1877، وحالياً يبلغ عدد المتحدرين من أصل عربي في أمريكا اللاتينية حوالي 40 مليوناً، منهم 15 مليوناً في البرازيل وحدها، وتأتي الأرجنتين في المرتبة الثانية بـ6 ملايين نسمة، أما فنزويلا فتأتي في المرتبة الثالثة بمليون نسمة. وهاجر إلى تشيلي حوالي 600 ألف من أصل عربي، منهم نصف مليون فلسطيني، وهو ما يمثل أكبر تجمع للفلسطينيين خارج فلسطين وفق وزارة الخارجية الفلسطينية.
وصل أول مهاجر فلسطيني إلى تشيلي وهو إلياس جبرائيل دعيق عام 1880 واستقر في مدينة (كنسبسيون) الساحلية، واصطحب معه اثنين من الجيران، وهؤلاء دخلوا تشيلي وهم يرتدون زيّهم الوطني.
وهناك تجمعات أقل في المكسيك وباراغواي وبيرو، وساهم المهاجرون العرب في بناء الكثير من مصانع الغزل والنسيج في العواصم الكبرى مثل سان باولو، وريو دي جانيرو، وسانتياغو في تشيلي، وبيونس أيريس الأرجنتينية، وعملوا في الزراعة، وإصلاح الأراضي، وبنوا المؤسسات والجمعيات والنوادي والمستشفيات الخيرية والمكتبات، التي ضمت الكتب والأدب والتاريخ العربي وأسسوا الصحف والمجلات الناطقة بالعربية والإسبانية، وكتب فيها خيرة الشعراء والأدباء.
3 أسباب
وقال باولو لوليتا الباحث في شؤون البرازيليين من أصول عربية لـ «البيان» من العاصمة برازيليا، إن هناك ثلاثة أسباب دفعت العرب للهجرة إلى أمريكا اللاتينية وهي الاضطهاد التركي لأبناء سوريا ولبنان وفلسطين خلال الحرب العالمية الأولى وسعي السلطان العثماني لتجنيد هؤلاء إجبارياً، وقيام قائد الجيش التركي في ذلك الوقت أحمد جمال باشا (جمال باشا الجزار) بقتل الآلاف من السكان في بلاد الشام. وثاني هذه الأسباب هو الحصار الاقتصادي الفرنسي الإنجليزي، ما دفع سكان هذه الدول لحافة الفقر المدقع، والسبب الثالث هو ما سمعه أهالي المنطقة العربية في ذلك الوقت من وجود فرص هائلة في العالم الجديد، حيث شارك عدد من العرب في بعض الفاعليات التي شهدها العالم الجديد.
ويذكر المؤرخ الفلسطيني عدنان مسلم أن عدداً من التجار الفلسطينيين من مدينة بيت لحم شاركوا في المعرض الدولي في مدينة فيلادلفيا عام 1876، ثم في معرض شيكاغو الدولي عام 1893، والمعرض العالمي في سانت لويس عام 1904، فكانت المشاركة في مثل تلك المعارض فرصة للتعرف على تلك البلاد، وسبباً لبداية الاهتمام والسعي للهجرة والاستقرار هناك.
ويكشف لوليتا الباحث بجامعة فلومينينس الفيدرالية في نيتيروي القريبة من ريو دي جانيرو لـ «البيان» أن بعض المهاجرين العرب ظنّوا في البداية أنهم متوجهون لأمريكا الشمالية لكن السفن ذهبت بهم لدول في أمريكا اللاتينية. وكانوا يعرفون باسم السوريين اللبنانيين في الأرجنتين والبرازيل، وباللبنانيين في الإكوادور، وبالفلسطينيين في هندوراس وشيلي، وبالأتراك في عموم القارة في إشارة إلى الإمبراطورية العثمانية التي قدموا منها.
وهناك قصة منسوبة إلى المؤرخ الأمريكي أكرم فؤاد خاطر قال فيها: «معظم هؤلاء الذين كانوا يركبون البواخر من بيروت لم يكونوا يعرفون سوى أنهم ذاهبون إلى أمريكا. ليس واضحاً ما إذا كانوا يعرفون الفرق بين الولايات المتحدة والمكسيك والبرازيل. كان أملهم الوحيد هو «الذهاب إلى أمريكا» لجمع ثروة والعودة إلى ديارهم».
ويؤكد لوليتا لـ «البيان» أن هناك صورة نمطية إيجابية لدى شعوب أمريكا اللاتينية عن المتحدرين من أصول عربية فهم أكفاء في التجارة، وقادة كبار في الأحزاب السياسية، لدرجة أن الشعوب أعطتهم ثقتهم ليصلوا للرئاسة في أكثر من دولة خاصة في الدول الكبرى بأمريكا اللاتينية مثل البرازيل والأرجنتين، وارتبط التواجد العربي منذ بدايته ببناء الحضارة اللاتينية، وازدهر المعمار العربي الإسلامي، وبقي شاهداً حتى الآن على دور العرب، حتى اللغة الإسبانية الأكثر استخداماً بين أبناء القارة جرى إدخال العديد من المصطلحات العربية عليها ودمجها باللسان العربي.
التمسك بالجذور
ولا تقل التحديات التي واجهها العرب في أمريكا اللاتينية عن التحديات والأخطار التي لحقت بهم في بلاد الشام، ففي عام 1959 اندلعت ما سميت «حرب المشط» في كوريتيبا في جنوب البرازيل عندما رفض أحد أصحاب المتاجر إعطاء شرطي إيصالاً بمشط تم شراؤه، وهو ما أدى إلى نهب وتدمير 120 متجراً معظمها مملوكة للمهاجرين العرب، لكن العرب واصلوا نجاحهم في أمريكا اللاتينية من خلال جلب المزيد من عائلاتهم، وتشكيل جمعيات للمحافظة على مصالحهم، وتساهم حالياً الاتصالات الحديثة والإنترنت في مزيد من التواصل والانصهار بين التجمعات العربية في المدن والمناطق المختلفة، وحافظ عرب أمريكا اللاتينية على كثير من التقاليد الأسرية، وفي مقدمتها المطبخ العربي والرقصات العربية التي تعد جزءاً رئيسياً من الحفلات التي تنظمها المراكز السورية اللبنانية، كما يوجد في الأرجنتين واحدة من أكبر الشبكات المتماسكة من العرب بسبب Confederación de Entidades«Argentino Arabes» الذي يربط بين أكثر من 160 مجموعة مجتمعية عربية مختلفة في البلاد.
ويقول لوليتا لـ «البيان» إن الأندية العربية الفخمة في أمريكا اللاتينية لها وظيفتان أولاً: إثبات التفوق الاقتصادي والثقافي العربي، وثانياً تفسر هذه الأندية الزخم والتأثير العربي في تلك البلاد، وفي نفس الوقت القول إن العرب متمسكون بجذورهم العربية، خاصة أن هذه الأندية تدمج بين أصالة الشرق وموسيقى السامبا الكلاسيكية.
البيـع بالتقسيط
مال العرب في بلاد الشام للتجارة، لذلك لم تفارقهم هذه المهنة عندما ذهبوا إلى أمريكا اللاتينية وفق دراسة قامت بها تيريزا ألفارو، التي تدرس التاريخ في جامعة ولاية سونوما في كاليفورنيا، والتي أضافت «لم يعمل المهاجرون من سوريا ولبنان وفلسطين كعمال في الزراعة أو المهن الأخرى، بل عملوا كتجار خاصة في مجال الأقمشة، وهذا الأمر خلق لهم مكانة خاصة بين سكان البلاد، حيث إن المهاجرين العرب كانوا أول من فكر في «البيع بالتقسيط»، وهذا الأمر كان مؤثراً في تغيير نمط التجارة منذ ذلك الحين في أمريكا اللاتينية، كما أن عملهم كتجار ساهم بقوة في التعرف والتعاطي مع جميع الفئات الاجتماعية.
وتؤكد تيريزا ألفارو أن مهنة التجارة ساعدت أبناء هذه العائلات للوصول لمكانة رفيعة سياسياً واقتصادياً في دول كبيرة مثل البرازيل والأرجنتين وشيلي وفنزويلا، وتشير في ذلك إلى أن 45% من المهاجرين العرب الذين سجلوا في المكسيك بين عامي 1926 و1951 كانت مهنتهم التجارة.
وتؤكد أن كبرى سلاسل المحلات حالياً تعود لعائلات عربية في المدن الكبيرة بأمريكا اللاتينية مثل هافانا وسان خوسيه وماناغوا، وحقق المغتربون العرب نجاحهم الأكبر في ميداني التجارة والصناعة، حتى إن الجالية العربية في مدينة ساو باولو، كبرى مدن البرازيل، تمتلك وحدها شارعين كبيرين يكوّنان قلب المدينة التجاري، ومع بداية الألفية الثالثة تحول الاهتمام لدى عرب أمريكا اللاتينية بعيداً عن دمج المهاجرين الجدد إلى الحفاظ على الثقافة العربية في العديد من دول أمريكا اللاتينية.
رجال اقتصاد
برزت أسماء من أصول عربية كثيرة في عالم المال والثراء، ولعل أبرزها في الوقت الحالي كارلوس سليم في المكسيك، وهو من أصل سوري، وسلفادور سعيد، الذي يعد واحداً من أثرياء تشيلي والقارة اللاتينية، حيث قدرت ثروته في عام 2017 بنحو 38 مليار دولار. ويمتلك سعيد مشاريع في تشيلي والأرجنتين والبرازيل والولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك وكولومبيا والبيرو، وتتنوع استثماراته ما بين العقارات، والمراكز التجارية، والبنوك، والطاقة، والقطاع الزراعي، والغذائي.
كارلوس سليم
ألفارو سايه «صايغ» البندك
وفي هندوراس برز اسم ميغيل فاكوسة (فقوسة) (1924 - 2015)، أغنى الأغنياء في هندوراس، وبحسب دراسة أعدتها مؤسسة فريدريتش ايبرت عام 2006 عدّ فاكوسة واحداً من أكثر ثلاثة رجال سلطة نفوذاً في هندوراس، كما برزت أسماء أخرى في هندوراس كفريدي ناصر الذي يسيطر على صناعة البترول في البلاد، كما كان يعد خوان لاشين أبرز قادة نقابات العمال وصانع الرؤساء.
ما قبل 11 سبتمبر وما بعده
تقول د. أمل مختار المتخصصة في شؤون دول أمريكا اللاتينية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية لـ«البيان» إنه تم قبول المهاجرين العرب في فترة ما قبل 11 سبتمبر كـ«تجار مجتهدين»، لكن بعد 11 سبتمبر، كان ينظر إليهم بشكل أكثر إثارة للريبة، إما كـ«لاجئين» أو حتى كـ«إرهابيين».
ويحكي الأكاديمي والصحافي المغربي محمد السلال المقيم في البرازيل عن محاولة البعض الربط بين العرب والأحداث الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر 2001، لكن هذا الخطاب لم ينجح في أمريكا اللاتينية نتيجة وجود العرب ضمن النخبة السياسية والاقتصادية لدول أمريكا اللاتينية، وتم نفي أي علاقة للإسلام بالإرهاب ونجحت البرامج السياسية والإعلامية التي شارك فيها العرب في التأكيد بشكل قاطع أن الإرهاب لا دين له، وأن دول أمريكا اللاتينية وشعوبها لم ترَ أي تطرف على حوالي 6 ملايين مسلم في أمريكا اللاتينية، فوفق المنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية، هناك ما يقدر بنحو 6 ملايين مسلم منهم 700 ألف في الأرجنتين، و120 ألفاً في فنزويلا، و115 ألفاً في المكسيك، و122 ألفاً في تشيلي، وعندما تحدثت الولايات المتحدة عن وجود متطرفين في المثلث الحدودي بين البرازيل والأرجنتين وباراغواي رفضت النخب السياسية والاجتماعية هذا الخطاب المعادي.
فلسطين القضية في أمريكا اللاتينية
ازداد التفاف الفلسطينيين من جميع أنحاء العالم حول المنظمة التحرير الفلسطينية، ولم يكن فلسطينيو أمريكا اللاتينية بمعزل عن هذه التطورات، فقد افتتحت منظمة التحرير أول مكاتبها في أمريكا اللاتينية في البرازيل عام 1975، ثم في كوبا عام 1976، وفي تشيلي عام 1979. كما ساهمت المنظمة في افتتاح مركز المعلومات في التشيلي، وتأسيس حركة «سنعود» الثقافية الشبابية في تشيلي.
وساهمت هذه التحولات في تزايد الارتباط بفلسطين من جديد بين العرب هناك، وشهدت الألفية الجديدة، تزايداً في الاهتمام والمتابعة للشأن الفلسطيني، وذلك بالتزامن مع أحداث الانتفاضة الثانية. وفي عام 2000 تأسست في تشيلي جمعية «فلسطين- بيت لحم»، وصدرت عنها مجلة «الضمير» التي خصصت لتناول أخبار الفلسطينيين في أمريكا اللاتينية وقصص نجاحهم، والمساعدات التي يتم إرسالها إلى فلسطين من خلال الجمعية والقنوات الأخرى. كما تتابع افتتاح عدد من المواقع الإلكترونية المختصة بالشأن الفلسطيني. وتزايد الارتباط بفلسطين مع ثورة المعلومات والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع بالعديد من الشبان إلى زيارة فلسطين، وفي عام 2011 حدثت واقعة شدت الانتباه لأهمية ما يقوم به عرب أمريكا اللاتينية عندما قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمنع دخول 5 مسافرين من تشيلي لأنهم يحملون أسماء عائلات فلسطينية. وترجم تزايد الاهتمام والنشاط الفلسطيني في مبادرة دول أمريكا اللاتينية للاعتراف بدولة فلسطين عام 2011.
العرب في قلب النخب السياسية
على مدار أكثر من 80 عاماً يشارك عرب أمريكا اللاتينية في الحياة السياسية، وظاهرة الرؤساء من أصول عربية ليست ظاهرة جديدة، بل لطالما شكل عرب أمريكا اللاتينية منذ عقود جزءاً من نخبة بلدانها. وتعد البرازيل أكثر الدول اللاتينية احتضاناً للعرب المهاجرين، ولهم فيها نشاط سياسي كبير، حتى إن تمثيلهم في مجلس الشيوخ البرازيلي يتجاوز أحياناً 15%، بينما تربو نسبة حضورهم في مجلس النواب عن 20%.
وتمتلك الجالية العربية في ساو باولو قناة تلفزيونية ووكالة أنباء خاصة بهم، ما يعزز حضور الجاليات العربية في الوسط السياسي والمشهد الحزبي. ويتذكر الجميع ألفريدو جبور، الذي أسس مع فيديل وراؤول كاسترو وآخرين المجلس العسكري الثوري في كوبا عام 1956. وفي الاتجاه نفسه كان موسى حسن المتحدر من أصل فلسطيني ثاني أرفع قادة الثورة السندينية «الجبهة الساندينية للتحرير الوطني» في نيكاراغوا، بعد الرئيس دانيال أورتيغا.
وفي الأربعينيات من القرن الماضي تم انتخاب أول عضو من أصل فلسطيني في مجلس الشيوخ التشيلي، وجاء التحول الأبرز في عهد الرئيس التشيلي كارلوس ايبانيز (1952- 1958) عندما شارك في حكومته وزيران من أصل فلسطيني من حزب العمال، اشتهر منهم رافاييل طارود (طراد) الصيداوي (1918- 2009)، الذي شغل آنذاك منصب وزير الاقتصاد والمناجم، وقد واصل طارود مسيرته السياسة، والتي بلغت ذروتها عام 1970 حين أعلن عن ترشّحه للانتخابات الرئاسية لعام 1970. وكان السائد خلال تلك المرحلة اتجاه الفلسطينيين إلى الأحزاب اليسارية.
أسماء لامعة
ويعتبر شفيق حنضل (1930- 2006) من بين أبرز الأسماء السياسة العربية في أمريكا اللاتينية، وهو من أصل فلسطيني (من مدينة بيت لحم)، شغل منصب السكرتير العام للحزب الشيوعي في السلفادور. وبرزت أسماء فلسطينية عديدة على مستوى أمريكا اللاتينية وصلت إلى كبرى المناصب والمواقع القيادية منها مويسيس (موسى) حسان، القائد في «الجبهة الساندينية للتحرير الوطني» في نيكاراغوا، وفرانسيسكو شهوان، الذي وصل إلى منصب نائب رئيس الجمهورية في التشيلي في الفترة (2006 - 2010) وفي البرازيل، انتخب عمر عزيز عام 2010 حاكماً لولاية الأمازون، التي يتركز فيها التواجد الفلسطيني في البلاد. أما في جواتيمالا، فقد وصل خورخيه لاراش «جورج الأعرج» إلى منصب وزير الخارجية في الفترة (2004- 2006). وفي بنما، انتخب جاسم سلامة، رئيساً لمقاطعة كولن البنمية، في الفترة (2002 - 2004). وفي بيرو، اختير سيمون يوده «عودة» رئيساً للوزراء في الفترة (2008 - 2009)، في حين وصل عمر شحادة، إلى منصب النائب الثاني لرئيس بيرو، في الفترة (2011 - 2012)، وانتخب دانييل أبو غطاس، رئيساً للبرلمان في الجمهورية خلال الفترة (2010 – 2014).
أدب وثقافة وفنون بنكهة عربية
لم يقتصر نشاط المتحدّرين من أصل عربي في أمريكا اللاتينية على الأنشطة الرياضية والفنية والاقتصاد والسياسة، بل كان لهم نشاط واضح في الثقافة والأدب، وأصدروا الصحف والمجلات باللغة العربية ولغة البلاد نفسها. واهتم المغتربون العرب منذ سنواتهم الأولى بالصحافة، فأصدروا الصحف والمجلات ليعبروا عن آرائهم ويتواصلوا في ما بينهم ومع الوطن الأم.
وكانت الصحافة العربية في البرازيل وسيلة لنشر الثقافة والمدارس الأدبية والشعرية، وكان «رواق المعري» أول رابطة أدبية أنشئت في ساو باولو تلتها «جمعية الخريجين»، أما الجمعية الأشهر فهي «العصبة الأندلسية» التي أُسست عام 1933 وضمت كبار أدباء المهجر وشعرائه، ومن أبرزهم رشيد سليم الخوري (الشاعر القروي) وإلياس فرحات ورياض وشفيق معلوف وسواهم، وظلت تصدر مجلتها الشهيرة طوال عقدين من الزمن إلى أن احتجبت عام 1953. كذلك أُنشئت في عام 1965 رابطة أدبية جديدة أطلق عليها اسم «جامعة القلم»، وهي تضم معظم حملة الأقلام العربية في ساو باولو وتسعى إلى التعاون مع «ندوة الأدب العربي» في الأرجنتين.
ولا يمكن لأحد أن ينسى الكاتب فوزي المعلوف الذي لعب دوراً كبيراً في ربط أمريكا اللاتينية بالعالم العربي، كما كان قيصر المعلوف الذي ولد في 1874 رائد الصحافة العربية في أميركا الجنوبية، حين أصدر في سان باولو عام 1898 جريدة عربية باسم «البرازيل».
«فلسطين» اسم نادٍ عريق في تشيلي
يلعب نادي «ديبورتيفو بالستينو»، الذي أسسه المهاجرون الفلسطينيون في عشرينيات القرن الماضي، في دوري الدرجة الأولى بتشيلي ويرتدي لاعبوه ألوان الأحمر والأخضر والأسود والأبيض، وهي ألوان العلم الفلسطيني. ويعد نادي بالستينو «النادي الفلسطيني» في تشيلي أحد أنجح الأندية الرياضية في البلاد وسبق أن انتزع لقب بطولة تشيلي لكرة القدم وخرج منه عدد من النجوم الكبار.
أسس هذا النادي على يد مجموعة من المهاجرين الفلسطينيين المتواجدين هناك في تشيلي، وذلك في 20 أغسطس من عام 1920، وبدأ النادي بفريق لكرة القدم ومدة 32 سنة استمر بوصفه نادياً هاوياً في تشيلي، أي حتى عام 1952 حين دخل عالم الاحتراف ولعب في مصاف دوري الدرجة الثانية.
في بداياته كان يعتمد على اللاعبين أصحاب الأصول العربية فقط، لكنه بعد ذلك دخل عالم الاحتراف بأفضل صورة فتعاقد مع عديد اللاعبين حتى أطلق عليه في فترة ما «الفريق المليونير» ومر النادي بظروف صعبة وخاصة عام 1988، وآخر الأزمات كانت عام 2004 عندما تعرض بالستينو لأزمة مالية خانقة، تحول إثرها إلى شركة تجارية وحملة الأسهم فيها هم مجموعة من العائلات الفلسطينية في تشيلي، وكانت الحقبة الأفضل في تاريخ بالستينو على مستوى التتويجات في النصف الثاني من السبعينيات حيث حصد عدداً من الألقاب، ووزعت الألقاب بين مدربين الأول كاوبوليكا بيينا الذي درب الفريق على فترتين الأولى من 1974- 1976 والثانية من 1977 وحتى 1980، فيما تولى فيرناندو ريارا الدفة التدريبية لبالستينو.
بطولة النكبة
وتخطى نادي بالستينو جغرافية تشيلي بما يحظى به من دعم من قبل أبناء فلسطين في جميع أنحاء العالم، وفي فلسطين بالذات، كما تخطاها بالزيارات التي قام بها النادي إلى فلسطين سواء كانت من قبل فريق كرة القدم الذي زار فلسطين في أكثر من مناسبة وآخرها عام 2011 عندما شارك في بطولة النكبة.
وحصد الفريق لقب دوري الدرجة الأولى مرتين أولاهما كانت في عام 1955 عندما جمع في رصيده 40 نقطة وبفارق 10 نقاط كاملة عن صاحب المركز الثاني، ثم كانت الثانية عام 1978 عندما حصد 53 نقطة وبفارق 4 نقاط عن وصيفه، وحل ثانياً ثلاث مرات أعوام 1953 و1974 و1986، وتوج بلقب الكأس المحلية مرتين عامي (1975 و1977) على حساب فريقي يونيو إسبانولا، ولوتا شواغار على التوالي، وحل وصيفاً مرة واحدة، عام 1985 عندما خسر في النهائي أمام كولو كولو بهدف من دون رد.
وتولى سوريون ولبنانيون رئاسة أندية برازيلية شهيرة في عالم كرة القدم وبينها فلامينغو وآتلتيكو مينيرو.