إِعْمَلْ عَمَلاَ صَالِحاً وَلاَ تُشْرُكَ بِالله تَدْخُلَ اَلْجَنةَ
لا أحد في هذا الكون منذ سيدنا آدم عليه السلام أبو البشر الأول وحتى بعد أن أغرق الله الأرض وما عليها وأبقى سيدنا نوح عليه السلام أبو البشر الثاني ومن ركب معه في السفينة التي أمره الله أن يصنعها من مخلوقات رب العالمين (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (هود:37))، (حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (هود: 40)) ينكر أن لكل مخلوق في هذا الكون بداية ونهاية وأن كل إنسان سيعود إلى الله (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (البقرة: 281)). يعود إلى المكان الذي خلق منه أبونا آدم عليه السلام وهي الأرض (التراب). وأن هناك حياة برزخ وهناك يوم بعث وحساب وعقاب وجنة ونار (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ(آل عمران: 185)).
ونحن على يقين أنه لا يوجد إنسان عاقل يرغب في أن تكون نهايته النار والعذاب الشديد. وحتى لا يخسر أي إنسان رحمة الله ويلقى ربه بوجه طيب ويحظى برحمته ورضاه ويفوز بجنته عليه أن يأخذ بما جاء في هذه الآية العظيمة (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (الكهف: 110)).فعليه أن يقوم بعملين سهلين اولهما: أن يعمل أعمالاً صالحة في حياته لغيره من مخلوقات رب هذا الكون والأعمال الصالحة كثيرة منها عمارة الأرض، مساعدة المحتاجين، قضاء حاجات الناس، جبر خواطر الآخرين، الوقوف ومساندة المظلومين، إطعام الطعام، شهادة الحق ... إلخ. وثانيهما: أن لا يشرك بعبادة ربه أحداً مهما كان من الملائكة أوالنجوم أو الصالحين أو أشخاص أو رموز معينه من مخلوقات الله كما يفعل بعض الناس. والله سبحانه وتعالى أكد على ماجاء في هذه الآية في الآية (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا (النساء: 48))، والآية (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (النساء: 116)). فالشرك بالله هو إفتراء على الله عظيماً وضلالاً بعيداً عن سواء السبيل.
كما أكد الله في آية أخرى على ما أسلفنا وهي (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الزمر: 53)) أي أن أي عبد من عباد الله عمل أعمالاً سيئة وكما يقولون في العامية: عمل السبعة وذمتها وعاد إلى ربه واستغفره يغفر الله له ويدخله جنته. أَمْرُ الجنة والنار هي برضا ورحمة الله بأنبيائه وعباده أو غضبه عليهم بالترتيب. لقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: عُذِبَت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت ، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش. بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِىٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِى إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ وأدخلها الجنة.أي بإختصار شديد الدين هو المعاملة مع مخلوقات الله بما يرضى الله وليس بالعبادة والتعبد فقط.