ما قبل إعلان عمّان وما بعده
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/02 الساعة 00:07
د. مأمون نورالدين
على الرغم من أهميِّة وقيمة إعلان عمّان، إلّا أنّه علينا أن نعي أنّه ليس المؤشر الوحيد لتقييم مخرجات القمّة ونتائجها. لذا، فلا بد لنا من النظر إلى ما هو أبعد من ذلك من المؤشرات، والنظر إلى القمة بنظرة شمولية تتناول أكثر من منظور لنفهم تسلسل الأحداث المدروس والمنهجي. أول منظور هو منظور ما قبل إنعقاد القمّة وما شهدت تلك الأيام من تحرّك من قبل جلالة الملك تحضيراً وتخطيطاً للقمّة وما بعدها. من زيارة جلالته إلى المغرب ومن ثم إستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في عمّان، وما حمل هذا اللقاء من ترتيبات تخصّ العلاقات الأردنية السعودية كقطرين عربيين فاعلين في المنطقة من جانب، والتضامن والتوافق العربي بشكل عام من جهة أخرى. حيث يستثمر جلالة الملك دوماً علاقات الأردن الطيبة والوطيدة مع مختلف الأقطار العربية في رأب التصدّعات وتعزيز وتوحيد الصف العربيّ والإسلاميّ.
وهنا نأتي إلى منظور يوم القمّة، أي اليوم الذي بدأت جهود جلالة الملك تؤتي ثمارها على أرض الواقع، حيث كان أحد أهم هذه الثمار لقاء جمع خادم الحرمين الشريفين بالرئيس السيسي في خطوة مهمّة وفي الإتجاه الصحيح بعد حالة من التوتر في العلاقات بين البلدين العربيين الشقيقين صاحبا الدور الكبير والفاعل في المنطقة. ويضاف هذا اللقاء إلى مجموعة من اللقاءات بين القادة العرب الذين استغلّوا تواجد غالبيتهم في مكان واحد للتباحث وتبادل حوارات التآخي والتعاون المشترك. إلّا أنّ أهمّ ما علينا أن نوليه إنتباهنا في منظور يوم إنعقاد القمّة هو بُعدٌ إستراتيجيّ مهم إتّبعه جلالة الملك في دعوته لضيوف القمّة -من غير القادة العرب- في قائمة ضمّت كلا من الأمين العام للأمم المتحدة؛ ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي؛ والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي؛ والمبعوث الشخصي للرئيس الروسي؛ والمبعوث الشخصي للرئيس الأميركي؛ومبعوث الحكومة الفرنسية؛ والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي. حيث بدعوته لكل المذكورين أعلاه يؤكّد جلالة الملك على رسالة أن العرب ليسوا بمعزولين عن العالم وأن قضايا هذه الأمة تؤثّر وتتأثّر في كل جهة يمثّلها كلّ من هؤلاء الضيوف؛ عدا عن أن التعاون والشراكة الفاعلة ما بين الأمة العربية وهذه الجهات وخصوصاً في الفترة الحالية هو أمر حيويّ وأساسي مطلوب لدعم المصالح المشتركة والأمن والسلام العالميين وتحقيق المنفعة المتبادلة مع المجتمع الدولي بكافة أطيافه.
مساعي جلالته تصبّ في محاولات لتوحيد التوجّه العربي داخلياً وخارجياً وهو ما ورد في صريح كلامه عندما دعا في كلمته يوم القمّة إلى التوافق على الأهداف والمصالح كخطوة أولى لوقف التدخلات الخارجية في الشؤون العربية، موضّحاً ضرورة أن يكون هناك حلول مشتركة للتحديّات المشتركة التي تواجهنا كأمة. وقد تكلّلت جهود جلالته ذلك اليوم بلقاءات بين الملك والقادة العرب الحاضرين، كان أبرزها لقاء ثلاثي جمعه بالرئيس السيسي والرئيس محمود عبّاس تركّز فيه الحوار حول القضية الفلسطينية، لنستخلص منه وجود تنسيق توافقي للرؤى فيما يخصّ قضية العرب المركزية، وتوحيد في اللغة والطرح العربي المستند إلى مبادرة السلام العربية القائمة على حلّ الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ قبيل لقاءات تجمع القادة الثلاثة كلٌّ على حدا مع الرئيس الأميركي في واشنطن، حيث يغادر جلالة الملك بعد أقل من أسبوع من إنتهاء أعمال القمة إلى الولايات المتّحدة وبيده على الأقل ثلاثة ملفات مهمّة جداً وثقيلة عربياً وأردنياً وعلى رأسهم ملف القضية الفلسطينية وملف الأزمة السورية وثالثهما ملف الجهود المشتركة في مكافحة وإجتثاث الإرهاب.
إذن، وبالنظر إلى المنظورين الأولين نجد أن قمّة عمّان قد تمكّنت فعلاً من تحويل العمل العربيّ المشترك من حالة القصور الذاتيّ إلى حالة النشاط والعمل القائم على النظرة الشمولية والعمل المؤسسيّ الذي ينادي به جلالة الملك، وهذا بحدّ ذاته نجاح. فقد بدأ فعلاً التحرّك بّإتجاه الأمام في بداية جديدة لتحرّكات عربية عربية، وعربية دولية سوف نلمس نتائجها بمنظور ما بعد القمة لحلّ أزمات المنطقة وتحقيق التقدّم العربيّ الذي طال إنتظاره. الرأي
على الرغم من أهميِّة وقيمة إعلان عمّان، إلّا أنّه علينا أن نعي أنّه ليس المؤشر الوحيد لتقييم مخرجات القمّة ونتائجها. لذا، فلا بد لنا من النظر إلى ما هو أبعد من ذلك من المؤشرات، والنظر إلى القمة بنظرة شمولية تتناول أكثر من منظور لنفهم تسلسل الأحداث المدروس والمنهجي. أول منظور هو منظور ما قبل إنعقاد القمّة وما شهدت تلك الأيام من تحرّك من قبل جلالة الملك تحضيراً وتخطيطاً للقمّة وما بعدها. من زيارة جلالته إلى المغرب ومن ثم إستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في عمّان، وما حمل هذا اللقاء من ترتيبات تخصّ العلاقات الأردنية السعودية كقطرين عربيين فاعلين في المنطقة من جانب، والتضامن والتوافق العربي بشكل عام من جهة أخرى. حيث يستثمر جلالة الملك دوماً علاقات الأردن الطيبة والوطيدة مع مختلف الأقطار العربية في رأب التصدّعات وتعزيز وتوحيد الصف العربيّ والإسلاميّ.
وهنا نأتي إلى منظور يوم القمّة، أي اليوم الذي بدأت جهود جلالة الملك تؤتي ثمارها على أرض الواقع، حيث كان أحد أهم هذه الثمار لقاء جمع خادم الحرمين الشريفين بالرئيس السيسي في خطوة مهمّة وفي الإتجاه الصحيح بعد حالة من التوتر في العلاقات بين البلدين العربيين الشقيقين صاحبا الدور الكبير والفاعل في المنطقة. ويضاف هذا اللقاء إلى مجموعة من اللقاءات بين القادة العرب الذين استغلّوا تواجد غالبيتهم في مكان واحد للتباحث وتبادل حوارات التآخي والتعاون المشترك. إلّا أنّ أهمّ ما علينا أن نوليه إنتباهنا في منظور يوم إنعقاد القمّة هو بُعدٌ إستراتيجيّ مهم إتّبعه جلالة الملك في دعوته لضيوف القمّة -من غير القادة العرب- في قائمة ضمّت كلا من الأمين العام للأمم المتحدة؛ ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي؛ والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي؛ والمبعوث الشخصي للرئيس الروسي؛ والمبعوث الشخصي للرئيس الأميركي؛ومبعوث الحكومة الفرنسية؛ والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي. حيث بدعوته لكل المذكورين أعلاه يؤكّد جلالة الملك على رسالة أن العرب ليسوا بمعزولين عن العالم وأن قضايا هذه الأمة تؤثّر وتتأثّر في كل جهة يمثّلها كلّ من هؤلاء الضيوف؛ عدا عن أن التعاون والشراكة الفاعلة ما بين الأمة العربية وهذه الجهات وخصوصاً في الفترة الحالية هو أمر حيويّ وأساسي مطلوب لدعم المصالح المشتركة والأمن والسلام العالميين وتحقيق المنفعة المتبادلة مع المجتمع الدولي بكافة أطيافه.
مساعي جلالته تصبّ في محاولات لتوحيد التوجّه العربي داخلياً وخارجياً وهو ما ورد في صريح كلامه عندما دعا في كلمته يوم القمّة إلى التوافق على الأهداف والمصالح كخطوة أولى لوقف التدخلات الخارجية في الشؤون العربية، موضّحاً ضرورة أن يكون هناك حلول مشتركة للتحديّات المشتركة التي تواجهنا كأمة. وقد تكلّلت جهود جلالته ذلك اليوم بلقاءات بين الملك والقادة العرب الحاضرين، كان أبرزها لقاء ثلاثي جمعه بالرئيس السيسي والرئيس محمود عبّاس تركّز فيه الحوار حول القضية الفلسطينية، لنستخلص منه وجود تنسيق توافقي للرؤى فيما يخصّ قضية العرب المركزية، وتوحيد في اللغة والطرح العربي المستند إلى مبادرة السلام العربية القائمة على حلّ الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ قبيل لقاءات تجمع القادة الثلاثة كلٌّ على حدا مع الرئيس الأميركي في واشنطن، حيث يغادر جلالة الملك بعد أقل من أسبوع من إنتهاء أعمال القمة إلى الولايات المتّحدة وبيده على الأقل ثلاثة ملفات مهمّة جداً وثقيلة عربياً وأردنياً وعلى رأسهم ملف القضية الفلسطينية وملف الأزمة السورية وثالثهما ملف الجهود المشتركة في مكافحة وإجتثاث الإرهاب.
إذن، وبالنظر إلى المنظورين الأولين نجد أن قمّة عمّان قد تمكّنت فعلاً من تحويل العمل العربيّ المشترك من حالة القصور الذاتيّ إلى حالة النشاط والعمل القائم على النظرة الشمولية والعمل المؤسسيّ الذي ينادي به جلالة الملك، وهذا بحدّ ذاته نجاح. فقد بدأ فعلاً التحرّك بّإتجاه الأمام في بداية جديدة لتحرّكات عربية عربية، وعربية دولية سوف نلمس نتائجها بمنظور ما بعد القمة لحلّ أزمات المنطقة وتحقيق التقدّم العربيّ الذي طال إنتظاره. الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/04/02 الساعة 00:07