فوضى القيم والبيئة المدرسية وضعت المعلم في دائرة الخطر
مدار الساعة - قال خبراء تربويون إن “ازدياد” حالات الاعتداء على المعلمين، “باتت تُعد ظاهرة مؤرقة وخطيرة”، دعوا إلى تغليظ العقوبات ضد كل من يقوم بالاعتداء على المعلم أو المؤسسة التربوية والتعليمية.
وعزوا، الأسباب إلى عدة عوامل، منها: “خلل في منظومة القيم التي يمتلكها الطلبة، “عدم تناسب البيئات التعليمية في المدارس مع احتياجات الطلبة، وغياب العلاقة الحقيقية بين المجتمع المحلي والمدرسة نتيجة جهل المجتمع بأهمية دور المعلم في بناء الأجيال، رافقه غياب نصوص قانونية رادعة بحق من يعتدي على المعلمين، والتركيز الإعلامي على الجوانب السلبية في التعامل مع القضايا التربوية، الأمر الذي ساهم في التقليل من شأن وهيبة المعلم”.
وكان الأسبوعان الماضيان، قد شهدا حادثتين منفصلتين، عندما قام 4 أشخاص بالاعتداء على خمسة معلمين في مدرسة الكتيفة الثانوية للبنين في لواء الموقر، والثاني اعتداء شقيق طالب بمدرسة أبو ذر الغفاري في مديرية تربية جرش على معلمين وأحد الطلبة.
إلى ذلك، قال نائب نقيب المعلمين، القائم بأعماله، الدكتور ناصر النواصرة “إن هناك جهودا سابقة لنقابة المعلمين من أجل إصدار تشريع قانوني لأمن وحماية المعلم، ولكنه لم يصدر حتى الآن، رغم أهميته”، مضيفا “أن إيجاده وتفعيله سيحد من هذه الظاهرة الخطيرة”.
وبين أن القوانين المتعلقة بحماية الموظف العام “ما تزال قاصرة، وذلك بسبب تدخل العديد من الوجهاء والمعارف لإسقاط القضية قبل وصولها للمحكمة”.
وأشار النواصرة إلى أن المعتدى عليه (المعلم) أصبح متخوفا من رفع قضية على المعتدي لوجود ما يسمى بالشكوى الكيدية التي تجعل المعتدي والمعتدى عليه بنفس المستوى.
وأوضح “أن الجانب الإعلامي ساهم في تبهيت صورة المعلم، والتقليل من شأن مهنة التعليم من خلال التركيز على السلبيات والأخطاء، دون التركيز على الجوانب الإيجابية والإبداعية التي يقوم بها المعلم”.
وأكد النواصرة “أن هناك ضعفا عاما عند غالبية المعلمين في الجانب القانوني وحقوقهم الكاملة في خصوص التقاضي”، لافتا إلى أهمية القيام بتعديل تشريعي يضمن عدم توقيف المعلمين بشكل فوري بمجرد تقديم شكاوى ضدهم.
وشدد على ضرورة إقرار تشريع قانوني لحماية المعلمين في أسرع وقت ممكن، مشيرا إلى أن هذا الملف سيكون على سلم أولويات عمل المجلس خلال الفترة المقبلة، بحيث يتم القضاء بشكل نهائي على الاعتداء على المعلمين.
كما أكد النواصرة ضرورة تعاون السلطات القضائية والتشريعة والتنفيذية من أجل إقرار القانون، فاحترام المعلم وهيبته سينعكس على أداء المعلم في الغرفة الصفية، وبالتالي على المخرجات التعليم بشكل عام.
وكان وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي قال، في تصريحات إعلامية سابقة، إن الوزارة تدفع لاجراء تعديل قانوني من خلال ديوان التشريع والرأي بحيث لا يتم توقيف المعلمين بمجرد تقديم شكوى ضدهم.
وأضاف أن “التربية” تدين العنف الواقع على المعلمين، ولا تقبل بالوقت نفسه أن يمارس العنف على الطلبة، مؤكدا أن الوزارة سترفع دعوة قضائية ضد المعتدين على المعلمين، الذين تم الاعتداء عليهم مؤخرا.
كما أكد النعيمي رفض الوزارة بالمطلق وجود تنمر أو عنف أو اعتداء على المعلمين، لافتا إلى ضرورة تعاون المجتمع المحلي والمعلمين والطلبة للقضاء على هذه “الظاهرة”.
من جهته، قال وزير التربية والتعليم الأسبق فايز السعودي إن الاعتداء على المعلمين أو الطلبة “هو أمر مرفوض ولا يسمح به بأي شكل من الأشكال”.
وأضاف “أن العنف موجود بالمجتمع، وهو متفاوت في البيئات المجتمعية، مؤكدا زيادة نسبة الاعتداء على المعلمين خلال الأعوام الثلاثة الماضية، من قبل طلبة وذويهم، وبنفس الوقت وجود نسبة لا بأس بها من الاعتداء على طلبة من قبل معلمين”.
وعزا السعودي أسباب الاعتداء على المعلمين إلى “أن عملية إعداد وتدريب المعلمين لا تراعي الفروقات الفردية عند الطلبة، وبالتالي يشعر بعض الطلبة انهم مستهدفون في بعض ممارسات المعلمين، ما ينتج لدى الطالب ردود فعل سلبية تتمثل في اعتداء على المعلمين”.
إلى جانب “عدم وجود أنظمة رادعة وصارمة بحق كل معتدي على معلم أو طالب، ونقص البرامج التدريبية التي تساعد المعلم على امتلاك مهارات التواصل والاتصال”، حسب ما أضاف السعودي.
وتابع السعودي “أن هناك طلبة يعتدون على المعلمين نتيجة الفراغ القيمي والروحي الموجود لديهم، فالبيئات التعليمية لا تتناسب مع احتياجات الطلبة وقدراتهم العقلية، لذلك يجب الابتعاد عن التعليم التلقيني والانتقال إلى التعليم التفاعلي، وبهذه الطريقة يصبح الطالب منهمكا بالعملية التعليمية”.
وأشار إلى أن حل هذه المشكلة يكمن في إيجاد برامج تدريبية تساعد المعلمين على امتلاك مهارات الاتصال والتواصل وتمنع الاحتكاك المباشر بين الطالب والمعلم وتوعية للأهل حول طريقة التنشئة الصحيحة للطفل، بحيث يمتلك قواعد واتجاهات إيجابية، فضلا عن إيجاد بيئات تعليمية تتناسب مع قدرات وإمكانيات الطلبة.
وبين السعودي أن التعليم التلقيني لا يتناسب مع الانفجار المعرفي، ولذا يجب الاتجاه نحو التعليم التفاعلي، خصوصا وأن الطلبة اليوم يمتلكون قدرات عقلية متميزة بسبب وسائل التكنولوجيا التي يستخدمونها.
من ناحيتها، أكدت المعلمة إسراء تيسير “ضرورة تغليظ وتفعيل العقوبات بحق كل من يعتدي على المعلم”.
وعزت أسباب الاعتداء إلى “غياب العلاقة الحقيقية بين المجتمع المحلي والمدرسة، نتيجة جهل المجتمع بأهمية المعلم ودوره في بناء الأجيال، فضلا عن وجود خلل بمنظومة القيم الحميدة والإيجابية لدى طلبة”.
من جانبها، تؤكد وزارة التربية والتعليم تؤكد “رفضها بأي شكل من الأشكال الاعتداء على المعلمين، فهيبة المعلم وكرامته من هيبة الوزارة”.
آلاء مظهر - الغد