اليوم 58 لاحتجاجات لبنان.. استخدام للقوة وترقب سياسي
مدار الساعة - قفزت التطورات السياسية إلى واجهة الأحداث في اليوم الـ58 من الاحتجاجات الشعبية في لبنان، قبل أيام قليلة من الاستشارات النيابية الملزمة التي دعا إليها رئيس الجمهورية ميشال عون، الاثنين المقبل، لاختيار شخصية جديدة لتشكيل حكومة في البلاد.
ويترقب الشارع اللبناني كلمة لأمين عام حزب الله حسن نصر الله غداة إعلان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عدم مشاركة تكتله النيابي وتياره السياسي بأي حكومة يترأسها سعد الحريري.
ويتعارض موقف باسيل مع موقفي حليفيه الأساسيين، حركة أمل وحزب الله، اللذين يفضلان عودة الحريري على رأس حكومة جديدة، لكن مراقبين يقولون إن هذه المواقف منسقة بين باسيل وحلفائه، خصوصا بعد لقاء جمعه ورئيس مجلس النواب نبيه بري الخميس، وآخر بعيد عن الأضواء مع رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا.
بينما تحدثت بعض وسائل الإعلام عن لقاء جمعه بنصر الله في وقت سابق.
ويأتي رفض باسيل لحكومة برئاسة الحريري انطلاقا من رفض الأخير لمشاركة رئيس التيار الوطني الحر فيها، وتشديده على حكومة تكنوقراط برئاسته، الأمر الذي عارضه باسيل بشدة.
وتشير المعطيات إلى أن الاستشارات النيابية الملزمة المقررة يوم الاثنين ستؤدي إلى تسمية سعد الحريري كرئيس مكلف لتشكيل حكومة بأغلبية بسيطة، بعد التفاهمات والاتصالات التي ستوضح في الساعات المقبلة.
ويرفض الشارع عودة الحريري إلى الحكم، ويطالب المتظاهرون بحكومة إنقاذ مستقلة، تساهم في إنقاذ الوضع الاقتصادي.
احتجاجات متواصلة
ميدانيا، تتواصل الاحتجاجات في عدد من المناطق. ففي جل الديب شمال بيروت قطع العشرات الطرق الأساسية، صباح الجمعة، لكن الجيش اللبناني أعاد فتحها بالقوة.
وتحدث المتظاهرون عن استخدام الجيش للقوة المفرطة، ووثقت لقطات مصورة تعرض بعضهم للضرب والركل من قبل عناصر الجيش أثناء محاولة فتح الطريق، وإزالة السيارات المركونة وسط الشارع في جل الديب.
وأوقف الجيش اللبناني 8 متظاهرين، مما أثار غضب المحتجين الذين أعلنوا أنهم بصدد تصعيد تحركهم، لكنه عاد وأفرج عن كل الموقوفين بعد نحو ساعتين.
وقال المحتجون إن قطع الطريق كان "بهدف توجيه إنذار إلى السلطة السياسية بأن أي حكومة لا تلبي طموحات الناس سيتم إسقاطها في الشارع".
اعتدا أوجيرو
وفي مؤسسة "أوجيرو" الرسمية للاتصالات، وقعت مشادة بين متظاهرين وموظفين تابعين للمؤسسة أثناء تظاهرة على مداخل المؤسسة، اعتراضا على الهدر وسوء الخدمات فيها.
واعتدى الموظفون بالضرب على المحتجين، مما أسفر عن سقوط بعض الجرحى.
وفي جونيه شمال بيروت، أغلق محتجون لليوم الثاني على التوالي مدخل مصلحة تسجيل السيارات، ومنعوا الموظفين من الدخول إلى مكاتبهم.
وفي حلبا وبلدات عكار، ومدينة طرابلس شمال لبنان، تتواصل الاحتجاجات أمام مؤسسات رسمية وحيوية.
وفي بعلبك شرقي لبنان، اعتصم عشرات المحتجين أمام مصرف لبنان، مرددين شعارات منددة بالسياسة المصرفية والمالية، وبضرورة تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن.
وفي صيدا جنوب لبنان، نفذ متظاهرون في مبنى الضمان الاجتماعي وقفة احتجاجية للمطالبة بحقوق المواطن من ضمان شيخوخة، وضمان صحي، وتغطية علاج الأمراض المزمنة والمستعصية، وضمان أصحاب المؤسسات.
ويجول ناشطون ومحتجون على عدد من المصارف في بيروت والمناطق، مطالبين بوقف السياسات التقييدية على السحوبات، وبالإفراج عن أموال المودعين الصغار.
وفي بر الياس في البقاع شرقي لبنان، أظهرت لقطات مصورة سيدة تطالب مدير أحد المصارف بالحصول على أموالها، قائلة: "أولادي بلا أكل، وأنتم تحرموننا من أخذ أموالنا". وتطور الأمر إلى مشادة أدت إلى توقيف الجيش لشخص.
"مش دافعين"
وأطلق ناشطون، مساء الخميس، حملة واسعة تحت عنوان "مش دافعين" تشجع اللبنانيين على التخلف عن دفع الضرائب والفواتير والمستحقات التي تطلبها المصارف، وذلك احتجاجا على ما تقوم به السلطة الحاكمة من سياسات لا تلبي مطالب الشارع.
وتهدف الحملة إلى إعلان "العصيان المدني الضريبي" بوجه كل المؤسسات العامة والمصارف، احتجاجا على الفساد والهدر المتواصل للمال العام.
ولاقت الحملة انتشارا واسعا، فأعلن المئات من المتظاهرين على مواقع التواصل الاجتماعي توقفهم عن دفع أي ضريبة للدولة اللبنانية والمصارف، من ضرائب الكهرباء والمياه والهاتف النقال وصولا إلى المستحقات الأخرى.
وأعلن علي حسن خليل وزير المال في حكومة تصريف الأعمال، الخميس، تراجع الإيرادات في الأشهر الثلاثة الأخيرة عن التوقعات السابقة إلى حدود 40%، واصفا ما يحدث بأنه "مقلق جدا".
الاقتصاد يترنّح
وخفضت وكالة فيتش العالمية، الخميس، تصنيف لبنان الائتماني للمرة الثالثة هذا العام، محذرة من أنها أصبحت تتوقع أن يعمد لبنان إلى إعادة هيكلة ديونه أو التخلف عن السداد.
وتأتي هذه التطورات بعد يومين من مؤتمر لمجموعة الدعم الدولية للبنان عقد في العاصمة الفرنسية باريس، دعا فيه المشاركون إلى ضرورة تشكيل حكومة، وسط تشديد على تطبيق الإصلاحات قبل الحصول على مساعدات مؤتمر سيدر التي قدرت بـ11 مليار دولار.
ويقوم سعد الحريري، رئيس الوزراء المستقيل، باتصالات مع الدول العربية والغربية الصديقة للبنان لمساعدته على اجتياز أزماته في الاستيراد، وتعزيز الأمن الغذائي في لبنان.
ويعيش لبنان، منذ أشهر، واحدة من أكبر الأزمات الاقتصادية التي قد تنتهي بانهيار مالي، بحسب خبراء اقتصاديين.
وارتفعت الأسعار بشكل جنوني في الأسابيع الماضي، تزامنا مع فقدان القدرة الشرائية، والتلاعب بسعر صرف العملة، وفقدان مواد أساسية من الأسواق، واعتماد المصارف على سياسة تقييدية في السحوبات، مما أثار غضبا شعبيا كبيرا.(سكاي نيوز)