نوفان العجارمة يقترح تعديلاً دستورياً يجيز للحكومة وضع قوانين مؤقتة في الامور التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير
مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/12 الساعة 09:11
مدار الساعة - اقترح رئيس ديوان التشريع والرأي الأسبق الدكتور نوفان العجارمة تعديلاً دستورياً يجيز للحكومة وضع قوانين المؤقتة في الامور التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير اضافة الى الحالات الواردة في المادة (94) من الدستور.
وقال العجارمة في منشور على صفحته بالفيسبوك:
مراجعات دستورية (2): القوانين المؤقتة
اولاً : في عام2011 تم تعديل المادة (94) من الدستور والباحثة في حق الحكومة في وضع القوانين المؤقتة في حالة حل البرلمان وقد اصبح نص المادة كالتالي:
1. عندما يكون مجلس النواب منحلاً يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يضع قوانين مؤقتة لمواجهة الأمور الآتي بيانها:
1.الكوارث العامة.
2.حالة الحرب والطوارئ.
3.الحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل.
ويكون للقوانين المؤقتة التي يجب أن لا تخالف أحكام الدستور قوة القانون على أن تعرض على مجلس الأمة في أول اجتماع يعقده، وعلى المجلس البت فيها خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ إحالتها، وله أن يقر هذه القوانين أو يعدلها أو يرفضها، فإذا رفضها أو انقضت المدة المنصوص عليها في هذه الفقرة ولم يبت بها وجب على مجلس الوزراء بموافقة الملك أن يعلن بطلان نفاذها فوراً، ومن تاريخ ذلك الإعلان يزول ما كان لها من قوة القانون على أن لا يؤثر ذلك في العقود والحقوق المكتسبة.
ثانياً: نلاحظ بان التعديل الدستوري وضع عدة ضوابط لغايات قيام الحكومة في سن القوانين المؤقتة وهي:
1. ان يكون مجلس النواب منحلاً وبالتالي لا تملك الحكومة سن قانون مؤقت في فترات عدم انعقاد البرلمان .
2. حدد الحالات التي يجوز ان تتناولها القوانين المؤقتة حصراً وهي:
· الكوارث العامة.
· حالة الحرب والطوارئ.
· لحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل.
3. تعرض القوانين المؤقتة على مجلس الأمة في أول اجتماع يعقده، وعلى المجلس البت فيها خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ إحالتها وله أن يقر هذه القوانين أو يعدلها أو يرفضها فإذا رفضها أو انقضت المدة المنصوص عليها في هذه الفقرة ولم يبت بها وجب على مجلس الوزراء بموافقة الملك أن يعلن بطلان نفاذها فوراً، ومن تاريخ ذلك الإعلان يزول ما كان لها من قوة القانون على أن لا يؤثر ذلك في العقود والحقوق المكتسبة.
ثالثاً: ان رد الفعل في تعديل المادة (94) لم تكن مبررة ولم تكن موفقة من حيث تحديد الحالات التي يجوز ان تتناولها القوانين المؤقتة حصرا وقصرها على الحالات المذكورة ، وكان من الافضل لغايات سلامة الدولة وبقائها ان نبقي على عبارة ( في الامور التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير ) كأحد الحالات التي تمكن الحكومة من وضع القوانين المؤقتة وللأسباب التالية:
ان الاصل التاريخي لنص المادة (94) من الدستور الاردني هو نص المادة (41) من الدستور المصري الملكي لعام 1923 والتي تنص على: (( إذ حدث فيما بين أدوار انعقاد البرلمان ما يوجب الإسراع إلى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير ، فللملك أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون بشرط أن لا تكون مخالفة للدستور ويجب دعوة البرلمان إلى اجتماع غير عادى وعرض هذه المراسيم عليه في أول اجتماع له فإذا لم تعرض أو لم يقرها المجلسين زال ما كان لها من قوة القانون )).
ان المتفحص لنص المادة (94) بعد تعديلها والتي حددت الحالات التي يمكن ان تكون محلا لقوانين مؤقتة وهي((الكوارث العامة. و حالة الحرب والطوارئ. و لحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل )) سوف يصل الى نتيجة مفادها بتعذر او باستحالة وضع قانون مؤقت من قبل الحكومة وهذا لا يخدم المصلحة الوطنية العليا.
ان حالتي (الكوارث العامة و حالة الحرب والطوارئ) الواردتين في صلب المادة (94) مغطاه حكما في نص المادتين (124) و (125) من الدستور، فالنصوص الدستورية يجب أن تفسر بالنظر إليها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضاً، بحيث لا يفسر أي نص منها بمعزل عن النصوص الأخرى- فلا يمكن النظر للمادة (94) من الدستور بمعزل عن الماد تين 124 و 125 من الدستور، بل يجب أن يكون تفسيرها بما يقيم بينها التوافق والنأي بها عن التعارض، لان النصوص الدستورية تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض ، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ ، أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي، وبالرجوع الى نص هاتين نجده :
· تنص المادة (124) من الدستور على: (إذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ فيصدر قانون باسم قانون الدفاع تعطى بموجبه الصلاحية إلى الشخص الذي يعينه القانون لاتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية بما في ذلك صلاحية وقف قوانين الدولة العادية لتأمين الدفاع عن الوطن، ويكون قانون الدفاع نافذ المفعول عندما يعلن عن ذلك بإرادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء .) .
· تنص (125) من الدستور والتي تنص على: 1. في حالة حدوث طوارئ خطيرة يعتبر معها أن التدابير والإجراءات بمقتضى المادة السابقة من هذا الدستور غير كافية للدفاع عن المملكة، فللملك بناء على قرار مجلس الوزراء أن يعلن بإرادة ملكية الأحكام العرفية في جميع أنحاء المملكة أو في أي جزء منها.2. عند إعلان الأحكام العرفية للملك أن يصدر بمقتضى إرادة ملكية أية تعليمات قد تقضي الضرورة بها لأغراض الدفاع عن المملكة بقطع النظر عن أحكام أي قانون معمول به، ويظل جميع الأشخاص القائمين بتنفيذ تلك التعليمات عرضة للمسؤولية القانونية التي تترتب على أعمالهم إزاء أحكام القوانين إلى أن يعفوا من تلك المسؤولية بقانون خاص يوضع لهذه الغاية ...)).
نلاحظ وبكل جلاء ان نص المادتين (124) و (125) من الدستور يغطي حالة الكوارث العامة و حالة الحرب والطوارئ، وبالتالي لا يمكن ان نتصور وضع قوانين مؤقتة بشأنهما نظرا لوجود قانون لدفاع والذي خول دولة رئيس الوزراء اصدار انظمة دفاع ، وكذلك تعليمات الاحكام العرفية .
بقي عندنا حالة واحدة فقط من الحالات المذكورة في المادة (94) من الدستور وهي حالة (الحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل ) وبتقديري بان هذه حالة نادرة الحدوث في ظل وجود نص المادة (113) من الدستور والتي تنص على(( اذا لم يتيسر اقرار قانون الموازنة العامة قبل ابتداء السنة المالية الجديدة يستمر الانفاق باعتمادات شهرية بنسبة 1/ 12 لكل شهر من موازنة السنة السابقة)) وكذلك انتهاء الحكومات من تقديم ملاحق موازنة بعد اقرار قانون الموازنة العامة.
نخلص الى القول – من الناحية الواقعية والعملية – بعدم امكانية او مقدرة الحكومة على وضع قوانين مؤقته في حالة حل البرلمان وهذا فيه ضرر كبير ، وتشدد غير مبرر وللأسباب التالية:
1. ان النصوص التشريعية إنما وضعت لتحكم الظروف العادية، فإذا طرأت ظروف غير عادية ثم أجبرت الحكومة على تطبيق النصوص العادية، فإن ذلك يؤدي حتماً إلى نتائج غير مستساغة تتعارض حتى ونية واضعي تلك النصوص، فالقوانين تنص على الإجراءات التي تتخذ في الأحوال العادية، وما دام أنه لا يوجد فيها نص على ما يجب إجراؤه في حالة الامور التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير ، تعين او تمكين السلطة الإدارية او الحاكمة من اتخاذ الإجراءات العاجلة، التي لم تعمل لغاية سوى المصلحة العامة دون غيرها، وغنى عن البيان في هذا المجال أن هناك قاعدة تفوق القوانين جميعاً ، ومحصلتها وجوب الإبقاء على الدولة، فغاية مبدأ سيادة القانون يتطلب أولاً وقبل كل شيء العمل على بقاء الدولة. 2. إن نظرية الضرورة في القانون الدستوري – والتي من صورها نص المادة 94 - إنما وضعت لتخفف الأعباء عن الحكومة بما تفرضه التشريعات من قيود تحد من قدرتها على التصرف إذا ما استجدت ظروف تستوجب اتخاذ تدابير عاجلة لا تحتمل التأخير لم توضع مثل هذه التشريعات لمواجهتها، إذ تستطيع طبقاً لتلك النظرية أن تتخذ مثلاً إجراءات وتدابير مما يدخل بحسب الأصل في سلطة البرلمان، كأن تعدل القوانين القائمة أو تعلقها أو تعطل نفاذها، ولا يعد هذا خروجاً على مبدأ سيادة القانون، وإنما فقط توسيع لنطاقه أو تعديل لحدوده بما يرخص للحكومة من ممارسة السلطات اللازمة للوفاء بالتزاماتها الجوهرية حيال نظام الدولة العام ومرافقها الأساسية، ولهذا يطلق على مبدأ المشروعية او سيادة القانون في هذه الحالة (مبدأ المشروعية الاستثنائية) باعتبار أنه حالة مؤقتة مآلها إلى الزوال بزوال الظروف التي أوجدتها، فهو في الواقع ترجمة للقاعدة الشرعية القائلة (درء المفاسد أولى من جلب المنافع ). 3. ان تقدير شرط الضرورة ابتداءً يعود بالدرجة الأولى لمجلس الوزراء يمارسه تحت رقابة البرلمان بمعنى أن مجلس الامة إذا لم يجد هناك ثمة ضرورة تستوجب إصدار القوانين المؤقتة، فيكون من حقه رفض تلك القوانين، بالإضافة إلى حقه الطبيعي بتحريك المسؤولية الوزارية او المسؤولية السياسية للحكومة. 4. للمحكمة الدستورية ايضا الحق في بسط رقابتها على شرط الضرورة، اذا ما طعن في أي قانون مؤقت امامها ، فاذا تبين لها أن الحكومة قد استغلت هذه الصلاحية لغير الغاية المعدة لها ، فمن حق المحكمة الدستورية ابطالها في مثل هذه الحالة. 5. ان المدة ما بين حل البرلمان و اجراء الانتخابات قصيرة وهي مدة (4) شهور فقط ، وهذه الفترة التي يمكن للحكومة ان تضع قوانين مؤقته خلالها ، وبالتالي لا يمكن تصور وضع قوانين مؤقته خلال هذه الفترة الا اذا كانت على درجة كبيرة من الخطورة والاهمية بالنسبة للدولة وفيها طابع الاستعجال .
وعليه، اجد من الضروري اضافة (في الامور التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير) الى الحالات الواردة في المادة (94) من الدستور. إقرأ أيضاً: العجارمة يقترح تعديلات دستورية
1. ان يكون مجلس النواب منحلاً وبالتالي لا تملك الحكومة سن قانون مؤقت في فترات عدم انعقاد البرلمان .
2. حدد الحالات التي يجوز ان تتناولها القوانين المؤقتة حصراً وهي:
· الكوارث العامة.
· حالة الحرب والطوارئ.
· لحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل.
3. تعرض القوانين المؤقتة على مجلس الأمة في أول اجتماع يعقده، وعلى المجلس البت فيها خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ إحالتها وله أن يقر هذه القوانين أو يعدلها أو يرفضها فإذا رفضها أو انقضت المدة المنصوص عليها في هذه الفقرة ولم يبت بها وجب على مجلس الوزراء بموافقة الملك أن يعلن بطلان نفاذها فوراً، ومن تاريخ ذلك الإعلان يزول ما كان لها من قوة القانون على أن لا يؤثر ذلك في العقود والحقوق المكتسبة.
ثالثاً: ان رد الفعل في تعديل المادة (94) لم تكن مبررة ولم تكن موفقة من حيث تحديد الحالات التي يجوز ان تتناولها القوانين المؤقتة حصرا وقصرها على الحالات المذكورة ، وكان من الافضل لغايات سلامة الدولة وبقائها ان نبقي على عبارة ( في الامور التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير ) كأحد الحالات التي تمكن الحكومة من وضع القوانين المؤقتة وللأسباب التالية:
ان الاصل التاريخي لنص المادة (94) من الدستور الاردني هو نص المادة (41) من الدستور المصري الملكي لعام 1923 والتي تنص على: (( إذ حدث فيما بين أدوار انعقاد البرلمان ما يوجب الإسراع إلى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير ، فللملك أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون بشرط أن لا تكون مخالفة للدستور ويجب دعوة البرلمان إلى اجتماع غير عادى وعرض هذه المراسيم عليه في أول اجتماع له فإذا لم تعرض أو لم يقرها المجلسين زال ما كان لها من قوة القانون )).
ان المتفحص لنص المادة (94) بعد تعديلها والتي حددت الحالات التي يمكن ان تكون محلا لقوانين مؤقتة وهي((الكوارث العامة. و حالة الحرب والطوارئ. و لحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل )) سوف يصل الى نتيجة مفادها بتعذر او باستحالة وضع قانون مؤقت من قبل الحكومة وهذا لا يخدم المصلحة الوطنية العليا.
ان حالتي (الكوارث العامة و حالة الحرب والطوارئ) الواردتين في صلب المادة (94) مغطاه حكما في نص المادتين (124) و (125) من الدستور، فالنصوص الدستورية يجب أن تفسر بالنظر إليها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضاً، بحيث لا يفسر أي نص منها بمعزل عن النصوص الأخرى- فلا يمكن النظر للمادة (94) من الدستور بمعزل عن الماد تين 124 و 125 من الدستور، بل يجب أن يكون تفسيرها بما يقيم بينها التوافق والنأي بها عن التعارض، لان النصوص الدستورية تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض ، ولا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ ، أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي، وبالرجوع الى نص هاتين نجده :
· تنص المادة (124) من الدستور على: (إذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ فيصدر قانون باسم قانون الدفاع تعطى بموجبه الصلاحية إلى الشخص الذي يعينه القانون لاتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية بما في ذلك صلاحية وقف قوانين الدولة العادية لتأمين الدفاع عن الوطن، ويكون قانون الدفاع نافذ المفعول عندما يعلن عن ذلك بإرادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء .) .
· تنص (125) من الدستور والتي تنص على: 1. في حالة حدوث طوارئ خطيرة يعتبر معها أن التدابير والإجراءات بمقتضى المادة السابقة من هذا الدستور غير كافية للدفاع عن المملكة، فللملك بناء على قرار مجلس الوزراء أن يعلن بإرادة ملكية الأحكام العرفية في جميع أنحاء المملكة أو في أي جزء منها.2. عند إعلان الأحكام العرفية للملك أن يصدر بمقتضى إرادة ملكية أية تعليمات قد تقضي الضرورة بها لأغراض الدفاع عن المملكة بقطع النظر عن أحكام أي قانون معمول به، ويظل جميع الأشخاص القائمين بتنفيذ تلك التعليمات عرضة للمسؤولية القانونية التي تترتب على أعمالهم إزاء أحكام القوانين إلى أن يعفوا من تلك المسؤولية بقانون خاص يوضع لهذه الغاية ...)).
نلاحظ وبكل جلاء ان نص المادتين (124) و (125) من الدستور يغطي حالة الكوارث العامة و حالة الحرب والطوارئ، وبالتالي لا يمكن ان نتصور وضع قوانين مؤقتة بشأنهما نظرا لوجود قانون لدفاع والذي خول دولة رئيس الوزراء اصدار انظمة دفاع ، وكذلك تعليمات الاحكام العرفية .
بقي عندنا حالة واحدة فقط من الحالات المذكورة في المادة (94) من الدستور وهي حالة (الحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل ) وبتقديري بان هذه حالة نادرة الحدوث في ظل وجود نص المادة (113) من الدستور والتي تنص على(( اذا لم يتيسر اقرار قانون الموازنة العامة قبل ابتداء السنة المالية الجديدة يستمر الانفاق باعتمادات شهرية بنسبة 1/ 12 لكل شهر من موازنة السنة السابقة)) وكذلك انتهاء الحكومات من تقديم ملاحق موازنة بعد اقرار قانون الموازنة العامة.
نخلص الى القول – من الناحية الواقعية والعملية – بعدم امكانية او مقدرة الحكومة على وضع قوانين مؤقته في حالة حل البرلمان وهذا فيه ضرر كبير ، وتشدد غير مبرر وللأسباب التالية:
1. ان النصوص التشريعية إنما وضعت لتحكم الظروف العادية، فإذا طرأت ظروف غير عادية ثم أجبرت الحكومة على تطبيق النصوص العادية، فإن ذلك يؤدي حتماً إلى نتائج غير مستساغة تتعارض حتى ونية واضعي تلك النصوص، فالقوانين تنص على الإجراءات التي تتخذ في الأحوال العادية، وما دام أنه لا يوجد فيها نص على ما يجب إجراؤه في حالة الامور التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير ، تعين او تمكين السلطة الإدارية او الحاكمة من اتخاذ الإجراءات العاجلة، التي لم تعمل لغاية سوى المصلحة العامة دون غيرها، وغنى عن البيان في هذا المجال أن هناك قاعدة تفوق القوانين جميعاً ، ومحصلتها وجوب الإبقاء على الدولة، فغاية مبدأ سيادة القانون يتطلب أولاً وقبل كل شيء العمل على بقاء الدولة. 2. إن نظرية الضرورة في القانون الدستوري – والتي من صورها نص المادة 94 - إنما وضعت لتخفف الأعباء عن الحكومة بما تفرضه التشريعات من قيود تحد من قدرتها على التصرف إذا ما استجدت ظروف تستوجب اتخاذ تدابير عاجلة لا تحتمل التأخير لم توضع مثل هذه التشريعات لمواجهتها، إذ تستطيع طبقاً لتلك النظرية أن تتخذ مثلاً إجراءات وتدابير مما يدخل بحسب الأصل في سلطة البرلمان، كأن تعدل القوانين القائمة أو تعلقها أو تعطل نفاذها، ولا يعد هذا خروجاً على مبدأ سيادة القانون، وإنما فقط توسيع لنطاقه أو تعديل لحدوده بما يرخص للحكومة من ممارسة السلطات اللازمة للوفاء بالتزاماتها الجوهرية حيال نظام الدولة العام ومرافقها الأساسية، ولهذا يطلق على مبدأ المشروعية او سيادة القانون في هذه الحالة (مبدأ المشروعية الاستثنائية) باعتبار أنه حالة مؤقتة مآلها إلى الزوال بزوال الظروف التي أوجدتها، فهو في الواقع ترجمة للقاعدة الشرعية القائلة (درء المفاسد أولى من جلب المنافع ). 3. ان تقدير شرط الضرورة ابتداءً يعود بالدرجة الأولى لمجلس الوزراء يمارسه تحت رقابة البرلمان بمعنى أن مجلس الامة إذا لم يجد هناك ثمة ضرورة تستوجب إصدار القوانين المؤقتة، فيكون من حقه رفض تلك القوانين، بالإضافة إلى حقه الطبيعي بتحريك المسؤولية الوزارية او المسؤولية السياسية للحكومة. 4. للمحكمة الدستورية ايضا الحق في بسط رقابتها على شرط الضرورة، اذا ما طعن في أي قانون مؤقت امامها ، فاذا تبين لها أن الحكومة قد استغلت هذه الصلاحية لغير الغاية المعدة لها ، فمن حق المحكمة الدستورية ابطالها في مثل هذه الحالة. 5. ان المدة ما بين حل البرلمان و اجراء الانتخابات قصيرة وهي مدة (4) شهور فقط ، وهذه الفترة التي يمكن للحكومة ان تضع قوانين مؤقته خلالها ، وبالتالي لا يمكن تصور وضع قوانين مؤقته خلال هذه الفترة الا اذا كانت على درجة كبيرة من الخطورة والاهمية بالنسبة للدولة وفيها طابع الاستعجال .
وعليه، اجد من الضروري اضافة (في الامور التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير) الى الحالات الواردة في المادة (94) من الدستور. إقرأ أيضاً: العجارمة يقترح تعديلات دستورية
مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/12 الساعة 09:11