القضاة يكتب: إعلام دولة.. وعدم المبالاة

مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/11 الساعة 09:51

بقلم: الزميل خالد القضاة

ان غياب إستراتيجية واقعية للإعلام الأردني ما هو الا انعكاس طبيعي لضبابية المشروع الحقيقي للدولة والمفترض ان يكون عابرا للحكومات وتتبنى ثوابته المؤسسات السيادية وفي مقدمتها الإعلام.

ضبابية المشهد والاختلاف في أولوياته شتّت المحتوى الأردني في الفضاء الإعلام الدولي فنحن نخاطب أنفسنا ونعيد ترميم المقسّم ونقسم ما تم ترميمه.

فالمحتوى الإعلامي اذا ما اقتصر على لغة واحدة كان محدود الأثر في قضايا لا نختلف عليها مثل القدس والدولة الفلسطينية وعدم التدخل في شؤون الغير من الدول المجاورة وان تبقى مستقرة تفرد سيادتها على كامل أراضيها بما يحقق للأردن استقرارا على حدوده وعدم العبث بأمنه واستقراره.

هذه الرسائل وغيرها من المواقف يتم تسويقها داخليا والدفاع عنها بين من لا يختلف عليها لانها تبث باللغة العربية والمفروض ان توجه لغيرهم باللغة التي يفهمونها وتخاطب عقولهم بالحجة والبرهان وبالبعد عن الخطاب القلبي وتغني ببطولات تقارع طواحين الهواء الهولندية.

فنضع رؤوسنا بالرمال كنعام ونحن نرى الأتراك والفرس والصهاينة وحتى الصينيين يغزون فضاءنا ويخاطبوننا بلغتنا بما حملت من السم في الدسم ويتباهون بقوة دولهم ويعتبرون المعارضة حتى لو علا سقفها جزءا من قوتهم ويتبارون امامنا بسيادة القانون.

اليوم الدولة لا تبالي بمصير صحيفة ناطقة باسمها وتحمل رسالتها باللغة الانجليزية اسمها "الجوردان تايمز"، وغضت الطرف عن قناة ونشرات أخبار باللغة الانجليزية كانت تصدر عن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون عابرة للحدود، في الوقت الذي يتوجب عليها ان تدفع باتجاه نشرات أخبار تستهدف الأصدقاء قبل الأعداء والأعداء المحتملين باللغة الانجليزية والفارسية والعبرية والتركية، وتدعم اي جهد من القطاع الخاص يحقق هذا الهدف حتى لو كانت فيه أصوات معارضة.

ولا اعتقد أن دولة سمحت بالتباين بين كفاءات المؤسسة الواحدة وبين المؤسسات الإعلامية بالامتيازات وتكافؤ الفرص ان تفكر برسالتها وإنها تصل للجمهور المستهدف بمنتهى المهنية، فالدولة التي تقلق من كلفة المعرفة عليها أن تتذكر كلفة الجهل، والدولة التي تقلق من كلفة العدالة عليها أن تتذكر كلفة الظلم، والدولة التي تقلق من الوقاية عليها ان تتذكر كلفة العلاج.

الأردن دولة بحجم الورد والكل معني بتعدد ألوان إعلامه واشكاله، وبقوة شوكه وقدرته على الصمود.

مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/11 الساعة 09:51