بصبوص يكتب: يخلف عليكو كثر الله خيركو

مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/07 الساعة 15:19
بقلم المهندس عادل بصبوص
وأخيراً فعلتها الحكومة، عشرة دنانير كاملة زيادة على راتبي التقاعدي اعتباراً من مطلع العام القادم، زيادة لم أطلبها ولم أنتظرها، وبذلك تستحق الحكومة الشكر والثناء غير منقوص، لم يُتِح لي قرار الحكومة السار والمفاجئ مجرد التفكير في أوجه الإنفاق أو الإستثمار المستقبلي لهذا المبلغ، ولكن لا مشكلة فالزيادة لن تصرف قبل خمسين يوماً أو يزيد، وفي ذلك كثير من الوقت للتفكير والتخطيط، وإن كنت أميل لإدخارها في حساب خاص على غرار الصناديق السيادية التي تضع فيها دول الخليج فوائضها من عوائد النفط ..... ضمن حزمة الزيادات التي أقرتها الحكومة تلفت الإنتباه زيادات رواتب المتقاعدين المدنيين، فالغالبية العظمى منهم سوف يحصل على زيادة مقدارها عشرة دنانير فقط، وهي زيادة رمزية معنوية بكل المقاييس، يتساوى فيها من يبلغ راتبه مئات قليلة من الدنانير مع من يتجاوز راتبه ثلاثة أو أربعة آلاف دينار، وفي ذلك مفارقة لا تراعي العدالة بتاتاً وتؤكد رمزية الزيادة، وربما كان من الأفضل لو اقتصرت الزيادة على من يقل راتبه التقاعدي عن ألف دينار وتم رفع قيمة الزيادة من الوفر المتحقق. حسناً فعلت الحكومة برفع الحد الأدنى لقيمة راتب التقاعد المدني ليصبح 300 دينار في خطوة استفاد منها بشكل رئيسي من يتقاضون رواتب تقاعدية لا تزيد كثيراً عن 200 دينار، وجلهم معيلون لأسر فقيرة، مما سيشكل نقلة نوعية تنعكس ايجاباً على أوضاعهم وأوضاع أسرهم الإقتصادية والإجتماعية. نتفهم إحباط وخيبة أمل غالبية موظفي القطاع العام عاملين ومتقاعدين من قيمة الزيادات التي أعلنتها الحكومة، فمعظمها لا يتناسب مع معدلات التضخم المتزايدة والتي سوف تتكفل بتبديد وامتصاص أثر هذه الزيادات سريعاً، ويجب علينا أن لا ننسى في هذا السياق أن هناك عشرات الآلاف من الموظفين الذين يعملون لدى القطاع الخاص ولا بواكي لهم، والذين لا تتجاوز رواتبهم الشهرية كثيراً الحد الأدنى للأجور والبالغ 220 دينار، وآلافاً مؤلفة أخرى ممن يعانون من البطالة ويتوقون لفرصة عمل وإن قل عائدها المادي. لا يمكن لمنصف أن يطالب الحكومة في الظرف الحالي بتقديم المزيد، فزيادة الرواتب بمقدار دينار واحد تكلف مئات الآلاف من الدنانير شهرياً، وما تحقق اليوم كان حلماً بعيد المنال وخطاً أحمر لا يجوز الإقتراب منه بتاتاً قبل أسابيع فقط، وهو إجراء "ثوري" بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لم يكن دافعه فقط وضع مزيد من السيولة في أيدي المواطنين لتحريك وتحفيز عجلة اقتصاد يعاني من التراجع والركود منذ عدة سنوات، وإنما ضرورة أملتها متطلبات المحافظة على الأمن والسلم المجتمعي والذي كاد يهتز مع احتجاجات المعلمين والتي كان من الممكن أن تجرف معها قطاعات أوسع بما يؤدي إلى وضع يصعب احتواؤه ومآلات يتعذر معالجتها. نفرح كثيراً بزيادات الموظفين وخاصة ذوي الرواتب المتواضعة، ولكننا لا نخفي قلقاً من إحتمال أن لا تكون خطوات الحكومة بهذا الخصوص مدروسة بشكل جيد، وأن تكون الإفتراضات التي بنيت عليها منطقية وعلمية وغير مغرقة في التفاؤل والخيال، وهي حالة عايشناها جميعاً عندما تراجعت إيرادات الخزينة برغم اقرار قانون ضريبة الدخل وبررت الحكومة ذلك وقتها بتزايد معدلات التهريب ...!!!! ختاماً ندعوا الله مخلصين أن تؤتي إجراءات الحكومة الأخير أكلها المأمول بما يؤدي إل خروجنا جميعاً من عنق الزجاجة بعدما كاد اليأس والقنوط والإحباط أن يتسلل إلى نفوسنا، وأن يحفظ الله هذا البلد وأهله الطيبين.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/07 الساعة 15:19