تعبئة أردنية شاملة ضد الاحتلال.. ما الذي يجري؟
مدار الساعة - لقمان إسكندر - لم تعد مجرد رسائل أردنية موجهة لدولة الاحتلال. لقد تحولت إلى تعبئة على جميع المستويات.
اليوم. تجعل وزارة الأوقاف عنوان الخطبة "فلسطين أرض إسلامية مباركة"، وهي كذلك، سوى أن العنوان أبعد من درس عَقَدي.
الأردنيون، الجمعة، يتذاكرون في الساعة الثانية عشرة ظهراً "فلسطين"، في حصّة موحّدة جامعة.
هذه ليست رسالة للاحتلال. هذه تعبئة للشارع الأردني ضد من بات يهدد عظم الأردن ولحمه.
جوهر ما يجري أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتّجه لضم غور الأردن. الخطوة التي تلقي كل أوراق أدبيات التسوية مع الاحتلال في سلة المهملات، وتهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، وتعيد أطماع الاحتلال شرق النهر. فما يفعل الأردنيون؟ بدا أن الأزمة كرة ثلج تتدحرج.
كرة، كلما مضى الوقت جمعت حولها الشوائب والتعقيدات. بينما حقيبة الأردن ملآ بأوراق الضغط، المتدحرجة هي الأخرى. وكلما مرّ يوم أخرجت اليد الأردنية ورقة، سواء محلية، أو خارجية، وإن كانت الأوراق المحلية هي ما تركز عليها عمان اليوم. في المُعلن على الأقل من شواهد.
أن تلوّح وزارة الأوقاف بالأردنيين ضد يمين يهودي مجنون، فهذا يعني شيئاً، بالتأكيد.
أن يصف رمز الاردن ورأسه، جلالة الملك عبدالله الثاني، أن العلاقات الاردنية الاسرائيلية في أسوأ حالاتها، فهذا التصريح لم يمرّ على الاحتلال مروراً عابراً.
أن يذكّر الأردنيون المحتلين بمعركة الكرامة، في تمرين عسكري، شرقي النهر، يطلقون عليه اسم "سيوف الكرامة"، فهذا تخطّى شكل الرسالة، نحو معنى أعمق. أعمق بكثير.
أن يجبر حرس البترا يهودا متدينين على خلع ملابسهم الدينية، ثم تُرمى في سلة المهملات؛ هذه أوسع من "مسج" لتل أبيب.
أن تفتح دبلوماسية عمّان قوساً ثلاثياً على علاقاتها بدمشق، وما أدراك ما دمشق، فهذا يجب ألا يعني للمراقب، دمشق الناطقة بالعربية فقط، بل والناطقة بالفارسية والروسية أيضاً.
أن تصالح سياسات الحكومة الاقتصادية المواطنين وتتغزّل بهم، حزمة بعد حزمة، وضمان بعد موازنة، فهذا يمر بمعنى واحد؛ تمتين الجبهة الداخلية.
بدأ الأمر حنجلة في الباقورة والغمر. هناك حيث سجد الملك شِكراً، ورُفع العلم الأردني باحتفالية عسكرية بهية.
هذا ما نعلم، فهل هناك ما هو خفي، وأعظم من شواهد، تريد عمّان جمع حطبها لشتاء تعلم أنه سيكون صعباً هذا العام؟
بدأت الرسائل الأردنية على شكل عبدالرحمن مرعي وهبة اللبدي. على أن من يظن أن قصة الشابين من لحم ودم مخطئ. كانا منذ البداية دخانا جانبيا لصراع آخر.
لكن لحظة. هناك ملاحظتان خارجتان عن السياق، تتعارضان مع ما سبق، هما: اتفاقية الغاز، ومناقشة مشروع المنطقة الحرة الأردنية الاسرائيلية، لكن حتى الآن لا نعرف ما تفعل عمّان بهما؟ أو كأنها حوّلتهما إلى ورقة سياسية.
يبدو أننا على مفترق طرق تاريخي. أما أين ستستقر الأمور؟ دعونا نراقب، فإن غدا لناظره قريب.