دراسة توصي بإعادة هيكلة بنود الموازنه والرقابة على مؤشرات الاداء المالي
مدار الساعة - عقد المجلس الاقتصادي و الاجتماعي جلسة حوارية لمناقشة الدراسة التي أعدها المجلس بعنوان (الموازنه العامة للدولة 2020, أفاق وحلول ) بمشاركة نخبة من الخبراء اللذين أشاروا الى أن الدراسة تضمنت تشخيص دقيق وعلمي لحال الموازنة العامة للدولة منذ سنوات ولغاية موازنة 2019 , وتقدم جملة من التوصيات والمقترحات الهامة لإعادة هيكلة الموازنة من حيث الشكل و المحتوى بحيث تكون محفزة وتساهم في رفع نسبة النمو الاقتصادي وتنعكس إيجاباً على معيشة المواطن وتضبط الانفاق الحكومي وتزيد فرص الاستثمار وأقامة المشاريع التنموية .
وأكد المشاركون على ماورد في الدراسة بضرورة وجود دائرة للرقابة و المسائلة على مؤشرات الاداء المالي للوزارات و المؤسسات و الوحدات الحكومية للتأكد من تحقيق النتائج المرجوة الموضوعة لدى اعداد الموازنة، بالاضافة الى إزالة التشوهات الفنية والادارية وتقييم اداء الهيئات والمؤسسات المستقلة قبل إجراء عمليات الدمج.
وطالب المشاركون ان تتضمن الدراسة تحليل لواقع المديونية وارتفاع الدين العام وحلول قابلة للتطبيق لمعالجة بنود الانفاق العام واللوجستي والانفاق الرأسمالي وكذلك حلول للترهل الاداري وخفض نفقات الرواتب والتقاعد المدني والضمان الاجتماعي .
تشير الدراسة الى أن موازنة الحكومة الأردنية شهدت توسعاً كمياً كبيراً، وفي ضوء ذلك دأبت الحكومة على تطوير أنظمة إدارة الموازنة العامة للدولة من خلال اتباع أفضل الممارسات العالمية في إعداد الموازنات العامة ونشرها، ولكن مع كافة هذه الإجراءات إلّا أن الموازنة العامة لم تحقق الطموح في الوصول إلى موازنة ذات كفاءة عالية، لأن العديد من الإجراءات كانت شكلية ولم تؤثر على كفاءة التخصيص ودقة التقديرات، وما زالت بعض الانحرافات موجودة في تقديرات الموازنة، إضافة إلى انخفاض إنتاجية الإنفاق الحكومي في تحقيق الأهداف الوطنية، وذلك من خلال استهداف الوحدات الحكومية لأهداف شكلية غير متابعة لنسب الإنجاز وتصحيح الانحرافات لتكون في شكلها وحسْب موجهة بالنتائج، ومضمونها في الأصل هو موازنة بنود، وهذه الموازنة لا تعمل حقيقة على تحقيق الأولويات في الأهداف الوطنية، ولا تعمل على إعادة برمجة العمليات للوصول إلى الكفاءة في تحقيق الأهداف المرجوة، إضافة إلى غياب الأهداف الاقتصادية العامة للسياسة المالية بعدِّها موجهة للاقتصاد، فاكتفت الموازنة إذاً بتحقيق هدف الانضباط المالي قصير الأجل المنعكس على تخفيض عجز الموازنة وضبط الدَّيْن، دون توجيه للاقتصاد الكلي وحفز للنمو الاقتصادي الذي يحقق التوازن في الأجل الطويل.
أكدت الدراسة على ضرورة إعادة النظر في السياسات المتعلقة بإجراءات الموازنة في ضوء ما يمرّ به الاقتصاد الأردني من ظروف استثنائية نتيجة تأثر الأردن خلال العقود الماضية بأزمات عدّة، منها إقليمية وعالمية ساهمتا في تباطؤ نموه الاقتصادي، مما جعله غير قادر على تحمل أي أعباء إضافية، وخاصة في العجوزات المالية المتتالية في الموازنة وما ترتب عليها من وصول المديونية إلى مستويات غير مسبوقة.
كما نوهت الدراسة الى زيادة العبء الماليّ المترتب على الموازنة العامة بسبب إنشاء الوحدات الحكومية، التي تعاني من ارتفاع حجم إنفاقها ومديونيتها، وعدم كفاءة تحصيل إيراداتها ومرونة نفقاتها، وحِدّة التفاوت في المنافع والمزايا الممنوحة لموظفيها، وعدم كفاءة إنفاقها، وتداخل مهامها وأهدافها . وتجدر الإشارة إلى أن الدراسة أكدت على ضرورة الاستمرار بالاصلاح وازالة التشوهات المتصلة بالوحدات الحكومية وهو ما اشار اليه وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء سامي الداوود سابقاً.
كما وأشارت الدراسة الى الالتزام بسيادة القانون والحوكمة في جميع الوحدات الحكومية، وعدم منح استثناءاتٍ غير مُسوَّغة تفضي إلى التمييز بين الموظفين وتؤثر على أداء العمل، والعمل على تحسين كفاءة الإنفاق العام، وتحسين أدوات تحصيل الأموال المترتبة لها.
وقد خلصت الدراسة إلى العديد من التوصيات من شأنها تحسين إنتاجية الإنفاق العام وكفاءته، وإضفاء المزيد من الشفافية على هذا الإنفاق، من بينها ضرورة وضع ضوابط مالية على إنفاق الوحدات الحكومية (Fiscal Rules) وخاصة في مجال نمو النفقات، إضافة إلى ضرورة وجود خطة موثقة ومدروسة تبين إجراءات ضبط النفقات وتُحدَّث دوريا حسب المستجدات، والتسريع في التطبيق العملي والفعلي لنظام إدارة المعلومات المالية الحكومية GFMIS، وكذلك إعادة تصنيف الإنفاق الرأسمالي وخاصة من حيث الأثر، إذ إن أغلب الإنفاق الاستثماري في الوحدات الحكومية مرتبط بإدارة المباني، والإنشاءات والصيانة والتأثيث والأجهزة.
ولتحسين فاعلية الإدارة المالية لا بدّ من تطبيق الأسس المحاسبية السليمة للوحدات الحكومية ضمن قانون الموازنة، من خلال تطوير النظام المحاسبي المستخدم بالتحوّل من الأساس النقدي إلى أساس الاستحقاق بطريقة تؤدي إلى زيادة الكفاءة والفاعلية، واستخدام الطرق المحاسبية المطبقة في القطاع الخاص، لدراسة المنافع والتكاليف والنشاطات التي تقوم بها الوحدة الحكومية، على أن يكون التحوّل تحوُّلاً تدريجياً، وتعزيز مبدأ الشفافية والوضوح في إعداد موازنة الوحدات الحكومية، من خلال نشر ميزانية تفصيلية للوحدة تبين بياناً تفصيلياً تعريف المصطلحات والبنود الإجمالية، من خلال إعداد جداول تحليلية شاملة تمتد لمدة خمس سنوات سابقة، وإلزام القائمين على مشاريع الوحدات الحكومية الاستثمارية بتقديم تقارير دورية وسنوية تتضمن بيانات مالية مدققة ومُعدّة وفق أسس تجارية، إضافة إلى تحويل كافة سيارات الحكومة إلى سيارات تعمل على الكهرباء، وإعادة هيكلة الوحدات الحكومية التي تم ضمها للموازنة، إذ كان نقل الوحدات الحكومية من مستقلة إلى قانون الموازنة العام شكلياً ولم يساهم في تحسن نفقات الوحدات المضافة، فكان من الأجدر أن يكون النقل مربوطاً بالضمّ وإعادة الهيكلة، إضافة إلى وضع آليات أكثر فاعلية لتعزيز إقامة المشاريع الرأسمالية التنموية، من خلال تعديل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وذلك بهدف تسهيل الإجراءات والإسراع في إنجاز دراسات الجدوى الاقتصادية للمشـــــــــاريع المقترحة، وخاصة مشاريع البناء والتشغيل ونقل الملكية BOT.
وكذلك العمل على تعزيز إدارة الخدمات الحكومية المساندة من خلال إيجاد جهة حكومية واحدة لإدارة المباني الحكومية وأثاثها، وإدارة النقل والسيارات، وإدارة خدمات الأمن، وإدارة أعمال النظافة، وإدارة خدمات الصيانة، إضافة إلى تملك مبنى واحد يضم كافة الوحدات الحكومية داخل الموازنة وخارجها، والتسريع في التطبيق الكامل لنظام الشراء الإلكتروني وإدارة المخزون الذي يهدف إلى حوسبة العمليّات الشرائيّة الحكوميّة على اختلاف أنواعها، من لوازم عامّة، وعطاءات إنشائيّة، وعلاجات، وكلّ ما يصاحب هذه العمليّات من إجراءات، وذلك بهدف تعزيز الشفافيّة، ودقّة الإجراءات وسرعتها، وتوفير المعلومات لمتخذي القرار.
كما اوصت الدراسة الى إعادة النظر في المسميات الوظيفية داخل الوحدات الحكومية المستقلة وتوحيدها ضمن مسميات عامة، وتوحيد سلم الرواتب فيها، إذ ثمّة تفاوت كبير وخاصة في بنود العلاوات الإضافية، إضافة إلى اللجوء إلى وسائل علمية أكثر دقة في إجراء التوقعات في جانب النفقات والإيرادات، مثل استخدام النماذج القياسية المبنية على تحليل السلاسل الزمنية، وكذلك تحليل أثر الإنفاق على النتائج، وإنشاء قسم في هيئة النزاهة ومكافحة الفساد أو في ديوان المحاسبة يُعنى بدراسة كفاءة إنفاق أموال دافعي الضرائب على غرار العديد من الدول المتقدمة ترأس الجلسة رئيس المجلس الدكتور مصطفى الحمارنه وشارك فيها رؤساء وأعضاء اللجنة المالية والاستثمار في مجلس النواب والامين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي ونخبة من خبراء المال و الاقتصاد