المساعدة يكتب: لن تجف اقلامنا يا وصفي

مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/01 الساعة 00:22
بقلم: أ.د عدنان المساعده* من يعشق الأرض يكون بفطرته منتميا، ومن ’يقدم روحه رخيصة من أجل ثرى التراب الذي احب هو الذي يمتلك روحا وثابة لا تعرف الوجل او الخوف، لأن هذه النفس تحمل مشروعا كبيرا وهمّا وطنيا يتجاوز كل الحدود والآفاق، وهكذا كان شهيدنا وصفي عاشقا لثرى الأردن وترابه مارس معنى الانتماء واقعا وكّرس معنى الولاء للقيادة الهاشمية، فكان رفيق جلالة سيد الرجال حسيننا العظيم الذي اختاره كرجل دولة شجاع غير هيّاب ولا ’مرتاب، واختاره رجل المهمات الصعبة لما يمتلك من رؤية ثاقبة واخلاص عزّ نظيرة فتحققت الانجازات وساهم في بناء الدولة الاردنية، وكان يؤمن أن خدمة الأرض والاهتمام بالزراعة والانتاج تحقق السيادة الوطنية وتحفظ كرامة الانسان. كان وصفي رجل دولة بحق يعيش في ذاكرتنا الوطنية، لأن يده لم تمتد إلى مال قذر او حرام، فعاش عفيفا وزاهدا وقويّا وصلبا، كانت ترتعد أمام أمانته وصدقه ونبله وقوته فرائص الفاسدين وتجار المواقف، وكان ينتهج سياسة لا مجال للخطأ في قضايا الوطن، ولا مجاملة لأحد على حساب الوطن، وحافظ على الاراضي الزراعية من أن يطالها البنيان، كما آمن ان الجندية شرف لا يدانيه شرف، فهي الحصن المنيع التي تحمي الوطن، وفيها الردع القوي لكل من ينحرف أو يسيء الى الثوابت الوطنية ومقومات الدولة الاردنية الراسخة. وصفي أيها الحاضر ان رصاصات الغدر والجبن والعار التي امتدت الى جسدك الطاهر من قبل أيد مرتجفة مرتعدة هدفت من وراء ذلك الى قتل مشروع النهضة الذي كنت تحمله تجاه وطنك وقضايا امتك ...قتلوا بغدرهم وصفي الجندي الصلب والمفكر العنيد الذي لم تأخذه بالحق لومة لائم... ولكن أي وصفي انت باق في قلوب الاردنيين في كل بقعة على هذه الارض التي عشقت تضاريسها ولك حكايات فيها جميلة كبهاء طلتك ونبلك وسيرتك، كما احببت الفقير وكنت نصيرا للضعيف، وكانت هيبة الدولة وسلوك الوظيفة العامة امر مقدس فلا يتطاول أحد على سيادة القانون وهيبة الدولة، فالكل سواء أمام القانون ولا فرق بين انسان واخر الا بمقدار ما ’يقدم ويضحي من أجل وطنه والنهوض به. أي وصفي، أيها الحاضر بيننا كقدوة لرجل الدولة الشجاع والقوي الامين حيث كان نهجك شموليا، فكنت العسكري المحارب والجندي المخلص، والمزارع والفلاح المنتج الذي روّى بعرق جبينه ثرى وتراب الارض، وكنت المفكر الكبير، والسياسي القوي الذي ’يسمّي الأمور بمسمياتها بكل فراسة وجرأة ووضوح، وكنت رجل الدولة الاستثنائي حيث لم تسع لجمع ثروة أو مال فحافظت على المال العام، وكانت اليد التي تمتد اليه من أشباه الرجال الذين لا همّ لهم الا الثراء الفاحش الذي نبت في السحت تنال القصاص بقوة الدولة وهيبة القانون، بل كنت نسعى الى بناء الانسان فكرا وانتماء وولاء لتتحقق النهضة في أردن العزم والكرامة. أيها الراقد في حفظ الرحمن في عالم أكثر رحابة وسعة من رحابنا، نم قرير العين فلم يستطع أحد من الذين سبقوك ومن الذين جاؤوا بعدك ان يطاولوا قامتك الممشوقة كرامة وعفة وصدقا وولاء وانتماء، وكتبوا على انفسهم ان يبقوا قصار القامة يبحثون عن اهدافهم الخاصة على حساب الوطن، وهيهات هيهات فلا مجال للمقارنة بين نهجك وعطائك ورجولتك التي تطاول عنان السماء وتعانق النجوم سمّوا وارتفاعا وبين نهجهم الضعيف الذي يتمحور حول الذات والأنانية البغيضة وجمع المال دون ضوابط أو قيم. أيها المغادر ما زالت روحك الطاهرة تبذر الخيرعطاء وحبّا لهذه الارض، وما زالت قسمات وجهك الأسمر الأصيل الذي لوحته شمس الاردن التي لا ولم ولن تغيب باذن الله بسواعد الاوفياء والمخلصين عنوانا لنا نمضي به نحو اردن المجد، ولن يجف حبر الاقلام التي تقدّر وتحترم نهجك الوطني المخلص الذي انتهجت كرجل دولة الذي قضى الى رحاب الله شهيدا أنبت بدمه الزكي الطاهر نهجا للأجيال في ان الدماء تبذل رخيصة لبناء أسوار الوطن المكللّه بالعز والفخار لتبقى عمّان عرين الهاشميين ’درّة عواصم الدنيا ’كلها مسيّجة بالمجد والكرامة. فلتطمئن روحك الطاهرة يا شهيدنا المسجى بدفيء تراب شيحان والبلقاء ومعان والمفرق وكل مكان من هذه الارض المباركة يفوح منها رائحة سنابل قمح بلادي وزيتونه وماءه العذب الزلال، فقافلة الشهداء لن تتوقف من أجل الاردن الذي أحببت، والمسيرة تمضي برعاية الله في حماية بيتنا الاردني الواحد والموحّد يقود مسيرتنا جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين بعزيمة الرجال جندي ملك يتقدم الصفوف وأعلى منازل الانتماء ’مهاب الجانب قوي الشكيمة وصادق الوعد والعهد عاهد الله والوطن يسير على درب الهاشميين الاطهار مترسما نهج والده الملك الانسان الحسين الباني سيد الرجال لتستمر قافلة البناء والنهضة. أي وصفي، لن تجف أقلامنا أبدا تجاه نهجك الوطني المخلص، وستبقى رصاصات الغدر نارا تحرق وجوه المجرمين والحاقدين، وان نالت من جسدك الطاهر، فإنها لم تنل من نهجك وفكرك ومدرستك التي تمثل لنا جميعا شجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء، وكالسنديانة القوية التي لم تنحن الا لله، ونمتلك العزيمة والتضحية من اجل اردننا الغالي كالجبال الراسيات التي لا يهزها اعصار أو ريح ونقف في وجه التحديات ونحن أشد عودا وأكثر صلابة، أي وصفي لقد نلت شرف الشهادة واقفا بأنفة وكبرياء خلدتك ذاكرة الاردنيين وكل الشرفاء كقامة وطنية لا تنسى عطاء وبذلا وتضحية، ورحمك الله يا عاشق هذه الارض وهذا التراب، ولتنعم بإذن الله مع رفيق دربك حسيننا العظيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وسلام عليكما في الخالدين ولا نامت أعين الجبناء. ربي اجعل هذا البلد آمنا، ودام جلالة الملك سيدا وقائدا وحفظ الله سمو ولي العهد الأمين. • كاتب واستاذ جامعي/كلية الصيدلة - جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية. •عميد كلية الصيدلة سابقا في جامعتي اليرموك والعلوم والتكنولوجيا الاردنية. • رئيس جمعية اعضاء هيئة التدريس سابقا.
مدار الساعة ـ نشر في 2019/12/01 الساعة 00:22