الاستقالات تهز الطبقة الحاكمة في العراق

مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/30 الساعة 06:54
مدار الساعة - أفادت وسائل إعلام عراقية، الجمعة، أن العديد من المسؤولين العراقيين تقدموا باستقالات من مناصبهم، وذلك بعد ساعات قليلة من إعلان رئيس مجلس الوزراء العراقي عادل عبد الهادي، أنه سيقدم استقالته لمجلس النواب العراقي، تحت وطأة استمرار الاحتجاجات الشعبية الدموية في العراق، للشهر الثاني على التوالي.

والجمعة، أعلن الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي حميد الغزي، أنه قدم استقالته من منصبه، حسبما أفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، ويعد الغزي أول مسؤول حكومي يعلن استقالته من منصب.

وبدوره، قدم قائد شرطة ذي قار جنوب العراق استقالته، بعدما أعلن أن هناك اتفاقاً مع العشائر في ذي قار على وقف الاشتباكات وانسحاب القوات الأمنية لمقارها، ومنع إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.

وأفادت وكالة الأنباء العراقية، أيضاً، بتقديم مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد الهاشم استقالته.

وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، أعلن في وقت سابق من يوم الجمعة، أنه سيرفع استقالته إلى مجلس النواب حقناً للدماء، بعد شهرين من الاحتجاجات الدامية التي سقط فيها أكثر من 400 شهيد وآلاف الجرحى.

وأضاف عبدالمهدي في بيان "بالنظر إلى الظروف والعجز الواضح فالبرلمان مدعو لإعادة النظر في خياراته"، مشدداً على ضرورة تفادي انزلاق العراق إلى دوامة العنف.

وفور إعلان عبد المهدي عزمه تقديم استقالته، خرجت احتفالات في ساحة التحرير بالعاصمة بغداد، حيث يخيم محتجون مناهضون للحكومة. وبدأ المتظاهرون في الغناء والرقص وإطلاق الألعاب النارية، معبرين عن فرحتهم بقرار عبد المهدي.

وفي غضون ذلك، علق زعيم التيار الصدري "مقدى الصدر" على الإعلان عن توجه "عبد المهدي" للاستقالة، بوصفه أولى ثمار الحراك الشعبي، لافتاً إلى أن الاستقالة لا تعني نهاية الفساد، ودعا إلى استمرار المظاهرات بالطرق السلمية، وعدم التوجه لأعمال العنف.

كما دعا الصدر أيضاً إلى تشكيل حكومة جديدة بعيدة عن المحاصصات الطائفية والحزبية، مضيفاً "اقترح أن يكون ترشيح رئيس الوزراء خلال استفتاء شعبي على 5 مرشحين".

في حين كشفت مصادر في كتلة سائرون النيابية العراقية، أنها بدأت مناقشات نيابية لبحث ترشيح خليفة "عبد المهدي"، الذي أشارت وسائل إعلامية محلية إلى أنه ينوي تقديم استقالته خلال الساعات القليلة المقبلة.

فيما، علق تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، على استقالة الحكومة والبديل الذي سيحل محل عبدالمهدي، قائلاً إنه "من المبكر الحديث عن بديل لعبدالمهدي قبل استقالته رسميا والاستقالة لن تهدئ الشارع بشكل كلي".

ولم يوقف إعلان عبد المهدي عزمه الاستقالة، دوامة العنف الذي استمر في مناطق الجنوب الزراعية والقبلية، حيث قتل ما لا يقل عن 20 متظاهراً، الجمعة، في الناصرية التي تشهد صدامات دموية منذ الخميس، كما قتل آخر بيد مسلحين مدنيين أمام مقر حزب في النجف، بحسب شهود وأطباء.

وجاء إعلان عبد المهدي جاء بعد ساعات من دعوة المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني، في خطبة الجمعة، مجلس النواب العراقي إلى سحب الثقة من الحكومة. جمعة دامية وقتل خمسة عشر متظاهرا بالرصاص الحي وأصيب عشرات الأشخاص بجروح أمس في مدينة الناصرية جنوب العراق، خلال مواجهات دامية بين المحتجين وقوات الأمن، بحسب ما أفادت مصادر طبية. وكان مدير شرطة المدينة الجنوبية أعلن في وقت سابق أمس استقالته غداة استقالة المحافظ وإقالة القائد العسكري المكلف بإدارة خلية الأزمة، عقب أعمال الفوضى الدامية في المدينة التابعة لمحافظة ذي قار التي تضم آثارا تاريخية. وإلى ذلك أعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي عزمه الاستقالة بعيد دعوة المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني في خطبة صلاة أمس مجلس النواب العراقي إلى سحب الثقة من الحكومة غداة أحد الأيام الأكثر دموية في حركة الاحتجاج المستمرة منذ شهرين. وبدا واضحا للمرة الأولى، دعم المرجع السيستاني (89 عاما) للاحتجاجات الغاضبة التي تدعو منذ الأول من تشرين الأول (اكتوبر)، إلى “إقالة الحكومة” وتغيير الطبقة السياسية التي تسيطر على العراق منذ 16 عاما، مع اتهامها بالفساد وهدر ثروات هذا البلد. وقال السيستاني في خطبة أمس التي تلاها ممثلة أحمد الصافي في كربلاء، إن “مجلس النواب الذي انبثقت منه الحكومة الراهنة مدعوّ الى أن يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق والمحافظة على دماء أبنائه، وتفادي انزلاقه الى دوامة العنف والفوضى والخراب”. وبعد ساعات، أعلن عبد المهدي (77 عاما) المستقل والذي تولى منصبه منذ أكثر من عام، عزمه الاستقالة، وقال في بيان “سأرفع الى مجلس النواب الموقر الكتاب الرسمي بطلب الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية ليتسنى للمجلس إعادة النظر في خياراته”. وعلى الفور، هتف متظاهرون في ساحة التحرير بوسط بغداد، معبرين عن فرحهم بهذه الخطوة التي تندرج في اطار مطالبهم ب”إسقاط الحكومة” وتغيير القادة السياسيين.
ومن غير المرجح ان تحد الخطوة الـتي أتخذها رئيس الوزراء من موجة العنف التي تضرب مناطق جنوب العراق، حيث التقاليد العشائرية ، بعد مقتل وجرح عدد كبير من أبناء تلك العشائر. في مدينة الديوانية، جنوب البلاد، حيث أقيم تشييع رمزي تكريما لـ 46 متظاهراً قتلوا أول من أمس بالرصاص في مدن متفرقة من البلاد، أعرب متظاهر عن سعادته، مشيراً في الوقت نفسه الى ان “مشكلتنا ليست رئيس الوزراء (فقط)، نريد ان ترحل جميع الاحزاب”، في أشارة لفشل السياسيين في إدارة البلاد وما ترتب على ذلك من سوء الخدمات وفساد وأرتفاع معدلات البطالة في العراق الذي يعد بين أغنى دول العالم بالنفط. ورحبت جهات بينها كتل سياسية بالدعوة التي كان اطلقها المرجع الشيعي، وقال تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي “ندعو مجلس النواب العراقي لعقد جلسة خاصة غدا (اليوم) لسحب الثقة عن الحكومة وتشكيل حكومة جديدة مستقلة”. كما أعرب تحالف “الفتح” الذي يمثل فصائل الحشد الشعبي المدعومة أغلبها من إيران، ويعتبر ثاني أكبر الكتل البرلمانية، عن موقفه المؤيد لتوجيهات المرجعية الشيعية. ورغم قمع التظاهرات، يواصل المحتجون التمسك بمطالبهم بـ”إسقاط النظام” السياسي الذي شكله الأميركيون بعد اسقاطهم نظام صدام حسين العام 2003، وخصوصا مع النفوذ المتنامي لإيران سواء في صفوف الطبقة السياسية او على الصعيد الاقتصادي. وادى العصيان المدني والاحتجاجات الى اغلاق مؤسسات حكومية ومدارس ومقار مختلفة في عدد كبير من المدن وخصوصا في جنوب العراق، حيث يعيش واحد من كل خمسة أشخاص تحت خط الفقر رغم الثروة النفطية الهائلة.
ولم يتمكن المتظاهرون حتى الآن من الوصول الى حقول النفط التي تمثل مصدر الدخل الرئيسي وتشكل 90 % من موازنة العراق المثقل بالديون.-(أ ف ب)
مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/30 الساعة 06:54