بين عمالقة رحلوا .. عن سلامة جدعون أتحدث

مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/28 الساعة 11:06
/>كتب : عبدالحافظ الهروط
اعترف انني "ولدت" مهنياً بين عمالقة في "صحيفة الرأي"، منهم من رحل ومنهم من أدعو لهم بطول العمر.
مرجعيتي في اللغة العربية كان الاستاذ سلامة جدعون "ابو مازن" ومرجعيتي الرياضية الاستاذ نظمي السعيد، اما "يا سامعين الصوت" فللأستاذ محمود الكايد "عميد الرأي"، رأيه في تمريرها عند المناسبات الكبيرة، ولا اذكر انه اوقفها سوى مرة واحدة، مع انها نالت موافقته في البداية الا ان احد الزملاء تمنى عليه بعدم نشرها لقسوة كلماتها .. رحمهم الله جميعاً.
الاستاذ عبدالوهاب زغيلات انتزع موافقة رئيس التحرير بتعييني بالمكافأة وكنت حينها ادرس في الجامعة الاردنية، والاستاذ سمير جنكات أمضى ليلة حتى مطلع الفجر لإقناع رئيس التحرير القادم بعد سنوات، بعدم فصلي لخطأ فني كلف الجريدة خمسة عشر الف دينار ..هكذا قيل، فنجح في مهمته.
أعود الى العلاقة مع أخ الجميع "أبي مازن" وقد تعمقت الزمالة بيننا الى صداقة، أجزم ان حب اللغة العربية بين الاستاذ والتلميذ، اضافة للوفاء لـ "الرأي" كانا وراء كل هذه المحبة التي التقينا وبقينا عليها، وستظل وان رحل "عاشق اللغة" فأثره باق.
بيني وبين استاذي في هذه المؤسسة العظيمة، حكايات ووشوشات وقواسم في أُمور كثيرة، أسرّ إليّ ذات يوم يقول "اخجلني ابو عزمي وقد دخلت الى مكتبه لتوقيع إعلان تهنئة عيد ميلاد إبني حيث كتبت أطفأ ..... الشمعة .. الخ الكليشيه، واذ به يقول لي: يا ابو مازن انتوا يا اهل اللغة كمان تكتبوا بحزن في التهاني، اكتب أضاء، وليس أطفأ، قلت والله يا ابو عزمي معك حق"
هذه الاشارة، ورغم مرور أكثر من ربع قرن على سماعها من الاستاذ سلامة، ما زلت استخدمها في مثل هذه المناسبات.
وفي موقف آخر، نظم اتحاد الاعلام الرياضي الذي كان يقوده الاستاذ نظمي السعيد، دورة في اللغة العربية للزملاء اعضاء الاتحاد بهدف تعزيز قدراتهم، وفي احدى الجلسات انبرى زميل ليسأل المحاضر : أُستاذ ما الضرر لو قلنا التقى الفريقين بدل الفريقان، او سجّل اللاعبين بدل اللاعبان، هدفا المباراة بدل هدفي، فهذه الاخطاء لن تؤثر على النتيجة، وأتبعها، وقلنا إن المؤمنون بدل المؤمنين؟!
حاول المحاضر ان يقنعه بقواعد اللغة التي تحكم صحة الكتابة الا ان الزميل لم يقتنع!.
عند عودتي للصحيفة نقلت الملاحظة الى الاستاذ سلامة، فضحك مستهجناَ وقال بمخاطبته المعهودة لي "الصديق الحبيب" : لغتنا الجميلة هي موسيقى تطرب لها الأذن عندما نتحدث بقواعدها، كما الأذن التي تسمع أغنية لحنها جميل وكلماتها جميلة والمطرب صوته عذب، على عكس ما نسمعه من ضجيج فيكون ثقيلاً عليها.
التقيته في مكتب التدقيق بالصحيفة، وقد مضت ايام لم أره، فبادرته بعبارة " أنا مشتاق لك" فرد عليّ بعبارة "وأنا متشّوق لك" ففهمت رسالته.
وفي يوم من الأيام، شاهدني مكدّر الخاطر، فقال لي : ما بك ايها الصديق الحبيب؟
قلت : العراق تكالبت عليه الأمم وأميركا ستفعل فعلها، فرّد قائلاً :
اذا انت لم تشرب مراراً على القذى
ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
يا صديقي الأمور تحتاج الى صبر، وهذه الأمة لن تموت وإن مرضت، وستنهض.
رحمك الله أبا مازن والعزاء لنا جميعاً
  • مال
  • صحيفة
  • عربية
  • مناسبات
  • رئيس
  • الاردن
  • علان
  • جلسات
  • عبين
  • صحة
مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/28 الساعة 11:06