صور من القمة
كنت أتأمل هذا الصباح الصور التي تتدفق بغزارة من قاعة قصر المؤتمرات في منطقة البحر الميت حيث تلتئم القمة العربية وفيها تجمع زعماء ربما لم يحدث أن إلتقوا على هذا النحو منذ وقت طويل .
قبل أن نذهب الى التدقيق في زوايا الصور , ثمة جهد لم تلتقطه أية صورة , هي الترتيبات التي سبقت الجلسة الرئيسية على مدى أيام وستقود الى بيان توافقي نأمل أن لا يكون نسخة عن بيانات سابقة , فقد أحسن الأردن صنعا بأن أحاط بسرية الترتيبات التي قام عليها وزراء الخارجية العرب وفي مقدمتهم الوزير الذي فاجأنا في دقته وقدراته وإمكانياته وهدوءه أيمن الصفدي .
هو الربيع العربي المر بلا شك , وهذا الإرهاب الذي تمدد وذلك القلق الذي تحول الى خراب لكن في الصور ثمة أمل يزرع , فكل كلمات القادة شخصت المشاكل وما بقي فكفكتها وصولا الى حلول وهو ما يلزم القيام بتنازلات ليس عن مواقف مبدئية بل عن خلافات تعيق تحقيق الهدف الأساسي وهو سعادة المواطن العربي وعودة مشاعر الفخر بالعروبة .
لا شك أن الزعماء وهم يجلسون في إجتماعاتهم في قمة « الوفاق والإتفاق» يراقبون عن كثب التحرك الإيراني الإستباقي نحو روسيا اللاعب الأبرز في المنطقة , وعنوان التحرك تشابك إقتصادي يبني مصالح تجبر الطرفين على حمايتها من أية خلافات سياسية , لعل هذا ما تحتاجه الأمة العربة اليوم , التشابك الإقتصادي بتوظيف الثروات لخدمة القضايا العربية , وهي مواطن عربي يعيش في إستقرار ورخاء إقتصادي .
ولا شك أيضا أن الزعماء وهم يجتمعون في قمة العربية يتبادلون الإبتسامات واللقطات التذكارية يرقبون عن كثب التمادي الإسرائيلي على حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمته ضرب كل آفاق الحلول عرض الحائط وتهديد وضع القدس كما لم يتهدد وضعها من قبل .
هذا أيضا يحتاج الى توحيد الموقف والتمسك بصلابة خلف المبادىء التي يزرعها الأردن مجددا فالحل يقوم على خيار وحيد لا ثاني له دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس وحقوق كاملة وغير منقوصة للاجئين الفلسطينيين .
ولا شك أيضا وبينما يجلس الزعماء في قمة لها رمزية المكان والتوقيت , يرقبون مآل الدول التي مزقتها الحروب وأكل من لحمها وآمال مواطنيها الإرهاب وسلبت الأفكار الظلامية من عقولهم كل أمل بحرية ونهضة .
الصور تتحدث عن ما فيها فالكاميرا لها حس تلتقط عدستها ما لا تراه العين المجردة وتلمم المشهد كاملا بكل تفاصيله وزوايها المرئية والمنسية , المضاءة والمعتمة .
هذا هو حال الأمة اليوم فالتفاصيل في المشهد باتت واضحة , ولا مجال اليوم للتراجع عن منح المواطن العربي ولو أمل يراه ويحلم به في نهاية نفق مظلم وطويل .
عودة القضية الفلسطينية كقضية العرب المركزية إنجاز مهم , من شأنه أن يعيد توحيد مواقف الأمة التي مزقتها النزاعات وأضاعها تبدل الأولويات فما من قضية تشعل الأمل وتعيد للعروبة جذوتها مثل القضية الفلسطينية التي تركت لفترة منصة مزايدات بين أيدي قوى إقليمية ليست منا ولا تشبهنا في شيء .
الرأي