هتلر واليهود .. رواية المنتصر تسود دائما

مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/25 الساعة 10:14
مدار الساعة - في أيامٍ تشبه أيامنا هذه، كان العالم يعيد رسم الخرائط الجغرافية والسكانية، كذلك السياسية على مستوى الكرة الأرضية، وكانت الشعوب بالكاد تعافت من جراح الحرب العالمية الأولى التي انتهت عام 1918 حيث أسست دول العالم منظمة عصبة الأمم، علَّها تكون سبيلاً لحلِّ النزاعات في المستقبل، وإدارة العالم الحديث، لكنَّ وصول أدولف هتلر إلى حكم ألمانيا، وتأسيس الرايخ الثالث على المبادئ النازية بذلك أجهض أحلام الشعوب بالسلام، وأرعب حكام الدول العظمى، لأن طموح هتلر كان أكبر من أن يسيطروا عليه، فما علاقة اليهود بكلِّ ذلك؟ ولماذا أراد هتلر التخلص منهم؟ لم يكن هتلر معتوهاً بل كان مفكراً شريراً وكذلك سياسو الغرب جميعهم. شوَّه إعلام المنتصرين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية الكثير من الحقائق، وحاول إغفال بعض المفاهيم، ربما أبرزها أن هؤلاء المنتصرين كانوا طرفاً في الحرب، لا يقل دمويةً وعنفاً عن النازيين وشركائهم فأصبح العالم (وما يزال) ينظر إلى أدولف هتلر (Adolf Hitler1889-1945) كمجرم معتوه كان هدفه القضاء على البشرية بطريقة همجية، دون أن يكون لديه خلفية فكرية وسياسية لأعماله، كما صور السوفييت والأمريكيون أنفسهم كمنقذين للعالم من شرور النازية أما همجية هتلر، فهي حقيقية لا يمكن إنكارها، وأما إنسانية السوفييت والأمريكيين، فلم تكن إلا جزءاً من إعلام الحرب، لكن الأهمَّ من هذا، أنَّ هتلر لم يكن يتصرف بالعشوائية التي يحاول البعض التسويق لها ولم يكن إجرامه ناتجاً عن عقد الطفولة، بقدر ما كان ناتجاً عن نظرية اقتصادية، واجتماعية، وسياسية، اختار الحرب والتصفية العرقية طريقة لتطبيقها، ولا يُفهم من ذلك أن هتلر بريء من الدم، لكن لا بد من إنصاف القاتل بإدانة شركائه أيضا. من سوء حظ البشرية، أن كل رجال السياسة كانوا رجالاً أشراراً، والفرق أنَّ هتلر كان يصرخ، وهم يهمسون. آمن هتلر بوجود العرق الألماني المتفوق، وآمن أكثر، بأن خطر اختلاط اي عرق وليس اليهود وحسب يهدد مستقبل الأمة الألمانية، كما كان هتلر يسعى إلى التوسع جغرافياً لإتاحة "المجال الحيوي" لأصحاب العرق الآري، ليتابعوا مسيرة سيادتهم على أعراق العالم المختلفة، ولم تكن تلك التصفية التي ألمح إليها هتلر في كتابه كفاحي (دون أن يذكر التصفية الجسدية) مقتصرةً على اليهود؛ بل شملت أصحاب العاهات، وكل المهاجرين والغرباء والزنوج والمرضى العقليين، ويلاحَظ أنَّ هتلر صاغ نظريته هذه قبل وصوله إلى الحكم، فقد كتب كتابه (كفاحي)، أثناء فترة سجنه بعد انقلاب فاشل بداية عشرينيات القرن الماضي من جهة ثانية، وعلى عكس الاعتقاد العربي السائد أنَّ الشيوعية تناصر العرب في صراعهم مع الصهاينة، رأى هتلر حقيقة الشيوعية والماركسية وبأنهم الحلفاء الحقيقيون لليهود، واعتبر أن اليهود هم من أوجدوا الشيوعية ونصروها، وذلك لاستغلال مشاعر الكادحين والعمال، وتوظيفها في خدمة مشاريع اليهود في أوروبا الشرقية والعالم، كما أنَّ الفوهرر كان مناهضاً لفكرة المساواة الشيوعية، فيقول هتلر صراحةً: ما معنى كلمة هولوكوست (Holocaust)؟ اشتقت كلمة (Holocaust) من اللغة اليونانية، وهي على قسمين، (holos) التي تعني الكامل أو التام، و (kaustos) التي تعني إحراق، ليكون معنى الكلمة (الإحراق الكامل)، وفي العبرية تسمى (Shoah) المحرقة وقد شاع استخدام مصطلح هولوكوست منذ نهاية الحرب، تعبيراً عن التصفية العرقية، والإبادة الجماعية التي قامت بها حكومة ألمانيا النازية خلال سنوات الحرب العالمية الثانية والتي راح ضحيتها عدد كبير من الناس، أغلبهم من اليهود، إضافة إلى الغجر، والمعاقين، والمثليين الجنسيين...إلخ، وذلك تطبيقاً لنظرية هتلر بالحفاظ على العرق المتفوق، والتخلص من خطر الاختلاط العرقي واستخدم الصهاينة سلاح التشكيك بإحراق اليهود باعتباره معادياً للسامية، رغم ان اليهود جزء ضئيل من ضحايا هتلز.
  • مدار الساعة
  • تقبل
  • أعمال
  • اقتصاد
  • عرب
  • مال
مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/25 الساعة 10:14