ارحاب الأثري: استملاك 45 منزلا بدون تطويرها يحيلها إلى مكاره صحية
مدار الساعة - يؤدي وجود 45 منزلا تحيط بموقع رحاب الأثري واستملكتها دائرة الآثار العامة منذ أعوام، إلى حالة من الإزعاج للسكان المجاورين وأعباء وتحديات جديدة للإدارات الخدمية في قضاء ارحاب، لاسيما بعد تحول هذه المنازل وبعضها تراثي الى مكاره صحية بسبب الإهمال، وبقاء الموقع الأثري من دون تطوير حقيقي إيجابي يدفع بتفعيل الموقع.
ويستهجن سكان ومسؤولون البطء الكبير، الذي يبقي هذه المساكن في المنطقة على حالها وإغلاقها بشكل منفر وغير حضاري، فيما لم يتم النهوض بالموقع الأثري وبما يدفع باتجاه تطويره، لتستمر آثار ارحاب تعاني من جمود طويل تحت ذرائع موازنات ضئيلة وغير قادرة على التطوير والتأهيل، لموقع ذي قيمة تاريخية يضم إحدى أقدم الكنائس في العالم.
ويرى سكان أن تلك المنازل المستملكة تحولت على وضعها الحالي إلى بؤر تعشعش فيها الحشرات ومكان لتجمع النفايات، في الوقت الذي لم يتمكن فيه المعنيون بالآثار من توفير مراكز خدمات تشجع السياح على زيارة الموقع الأثري.
ويقول أحد السكان المجاورين لموقع ارحاب الأثري عارف الزبون، إن دائرة الآثار العامة أغفلت الموقع الأثري وعلى مدار أعوام طويلة، ما جعله يفتقر لأعمال تطويرية تدفع باتجاه تطويره وجعله قبلة للسياح وعنصر جذب استثماريا، لافتا إلى أن ضعف المخصصات المالية وقصورها التي كانت على الدوام ذريعة تقف بوجه تطوير الموقع الأثري، وزيادة أعمال التنقيب عن حزمة كبيرة من المعالم الأثرية في الموقع ذاته الذي يضرب في أعماق التاريخ والحضارات القديمة وبما يؤسس إلى وضع سياحي جديد في المنطقة.
ويلفت الزبون إلى أن استملاك 45 منزلا تحيط بالموقع الأثري من قبل دائرة الآثار العامة وتركها من دون استغلال، حولها إلى مصدر قلق وإزعاج للسكان، خصوصا المجاورين لها، جراء تحولها إلى وكر للعقارب والحشرات والقوارض وكل ما هو سلبي، مستهجنا في الوقت ذاته، أن تغفل الجهات المعنية عن موقع أثري بقيمة تاريخية كان يؤمه السياح في بدايات الإعلان عن أقدمية معالمه ومحتوياته.
ويضيف أن افتقار الموقع الأثري إلى مكان الإقامة والخدمات المطلوبة، دفع بالسياح إلى عدم تكرار تجربة الزيارة التي قاموا بها سابقا، معتبرا أن وجود 45 منزلا مستملكة من دون تطوير أو عمل، دفع بها إلى صدارة الأعباء في قضاء ارحاب، من جهة حاجتها الملحة والمتكررة إلى النظافة، ومنع أي تجاوزات قد تقع فيها، في ظل العجز عن تطويرها والاستفادة منها حسب خطط أعدتها الجهات المعنية وروجت عنها مرارا، بيد أنها تلاشت أمام عدم كفاية التمويل اللازم لغايات التنقيب والترميم وتحويل الموقع إلى عنصر يجذب المزيد من السياح والاستثمارات، التي قد تشكل رافعة اقتصادية تخرج بالقضاء من دائرة الاعتماد والبحث عن سراب الوظائف العامة التي لا تتوفر في القضاء.
ويؤكد رئيس بلدية ارحاب الدكتور حسين الزيود، أن الموقع الأثري في ارحاب، رغم مكانته التاريخية ودوره المأمول في تغيير واقع المنطقة، إلا أنه في الوقت الراهن وعلى وضعه الحالي، يشكل عنصر ضغط على دوائر الخدمة في قضاء ارحاب، لافتا إلى أن استملاك 45 منزلا في الموقع الأثري من قبل دائرة الآثار العامة وتركها من دون استغلال، حولاها إلى بؤرة كبيرة أسهمت بتشويه المنظر العام وتحويلها لمكاره صحية، في ظل وعود كثيرة ومتكررة من قبل المعنيين بجدية الترميم والتطوير، غير أن الواقع يفتقر إلى التنفيذ الفعلي على الأرض.
ويشير الزيود إلى أن الموقع الأثري وعدم وضعه على الخريطة السياحية، وتركه من دون تطوير، كلها أمور تهدد باندثاره وتغييبه عن عيون المختصين بعلم الآثار، وتحرم المملكة بشكل عام وقضاء ارحاب بشكل خاص من عنصر جاذب للسياح والاستثمارات باتجاهات مختلفة.
ويقول رئيس اللجنة المالية بمجلس محافظة المفرق خالد الحسبان “إن المجلس خصص موازنات قدرها 30 ألف دينار في العام 2018 ومثلها في العام 2019″، لافتا إلى أنه لم يكن هناك مشاريع أكثر نجاعة على أرض الواقع في ارحاب لتطوير الموقع الأثري.
ويتساءل الحسبان، عن عدم استغلال المساكن التي استملكتها دائرة الآثار العامة وبما يوفر مداخيل مالية تعود إلى الموقع الأثري، بهدف استمرارية أعمال التطوير والتأهيل هناك كنزل سياحي يشجع السياح على زيارة الموقع الأثري.
ومن جهته، يقر مدير الآثار في محافظة المفرق الدكتور إسماعيل ملحم، باستملاك دائرة الآثار العامة عددا من المنازل في قضاء ارحاب بهدف أعمال التطوير والتحديث للموقع الأثري، منوها إلى أن الاستعمال الخاطئ والمتعدي من قبل البعض لتلك المنازل، دفع بدائرة الآثار العامة إلى إغلاق تلك المنازل لوقف التجاوز عليها.
ويوضح أن اللجان المتعددة التي تم تشكيلها بهدف الكشف على الموقع الأثري، أوصت بأهمية وإمكانية استعمال بعض تلك المنازل كنزل سياحية تمكن السياح من استخدامها وبما يجعل منها رافدا لتطوير الموقع وجذب السياح إليه.
ويوضح ملحم أنه تم تقسيم المساكن المستملكة إلى قسمين؛ أحدهما تراثي والآخر اسمنتي، مشيرا إلى أن توصية اللجان كانت بهدم المساكن الإسمنتية والتخلص منها كمبان حديثة، والإبقاء على المساكن القديمة التراثية التي تم إنشاؤها من الطين بعد ترميمها وتأهيلها، بيد أن تمويل ذلك يقع في دائرة اختصاص مجلس المحافظة (اللامركزية) لتخصيص موازنة قادرة على تنفيذ خطة العمل التي ترسمها دائرة الآثار من قبل كوادرها المؤهلة للعمل.
وأوضح أن مجلس المحافظة، خصص موازنة قدرها 20 ألف دينار للعام المقبل، وبذلك لن يكون هناك عمل ملموس وفقا لما هو مخطط له على أرض الواقع، لعدم كفاية تلك الأرقام المالية لتنفيذ أعمال تتماهى وخطة العمل، معربا عن أمله أن تحمل الموازنات المقبلة أرقاما ومخصصات مالية مريحة وقادرة على تنفيذ مشروع تطوير موقع ارحاب الأثري، الذي يتصف بالأهمية التاريخية والذي يضم قرابة 30 كنيسة أثرية، أهمها كنيسة القديس جورجيوس، التي تعد من الكنائس الأقدم الموجودة في العالم والتي يعود تاريخ أحد معالمها بحسب النقوش إلى العام 230 ميلادي.
ويؤكد ملحم أن موقع ارحاب الأثري مشمول ضمن التذكرة الموحدة التي تسمح بزيارة أكثر من موقع بالتذكرة ذاتها.
حسين الزيود - الغد