عادل الطويسي يكتب: السائح المليون في البترا: إنجازٌ كبير يستوجب الشكر
مدار الساعة - كتب الوزير السابق الدكتور عادل الطويسي عن السائح رقم مليون الذي سيزور البتراء غداً الخميس.
وقال الطويسي الخميس 21-11-2019 تشهد مدينة البترا الأثرية وصول السائح رقم مليون خلال عامٍ واحد ولأول مرة في تاريخها. وبصفتي وزير سابق للثقافة (والبترا إرثٌ ثقافي مادي عالمي مسجّل لدى منظمة اليونسكو) وبصفتي رئيس سابق للجنة السياحة في مجلس الأعيان لثلاث سنوات متوالية، ولكوني أحد أبناء لواء البترا، أجد من واجبي أن أسجّل الشكر لكل من ساهم في هذا الانجاز التاريخي للأردن في مجال السياحة.
فالشكر لرئيس مجلس مفوضية إقليم البترا الحالي الدكتور سليمان علي الفرجات، الشاب الذي يتّقد حماساً وإخلاصاً، ولأعضاء مجلس المفوضية جميعاً. ولكون هذا الانجاز جمعي تراكمي، فإن الشكر واجبٌ كذلك لكل مجالس المفوضية السابقة ورؤسائها، بدءاً من معالي المهندس شحادة أبو هديب، الذي وضع خبراته المنقولة من أمانة عمان الكبرى في إنشاء البنية التحتية لمُدن وقرى الإقليم، وكذلك لمعالي الدكتور كامل محادين الذي وضع تخصّصه الأكاديمي في هندسة الحدائق لإضفاء مسحةٍ جمالية على وادي موسى لتُحاكي ألوان أبنيتها وبيوتها ألوان صخور البترا. والشُكر كذلك لما ساهم به المهندس عبدالله أبو عليم والمهندس محمد أبو الغنم والدكتور محمد عباس النوافلة.
مدراء آثار البترا المتعاقبون لهم الشكر على ما قاموا به من حمايةٍ للآثار من جور الطبيعة والانسان.
وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة وجمعية الفنادق الأردنية وجمعية المكاتب السياحية، ووسائل الاعلام الاردنية المسموعة والمقروءة والرقمية، ساهموا كلٌ في مجاله في الترويج للبترا وجذب السياحة لها من كل بقاع العالم. ولا ننسى جمعية الأدلاء السياحيين بأعضائها من أبناء لواء البترا وأبناء الوطن جميعاً الذين كان لهم الدور الكبير في إبراز الصورة الحضارية والتاريخية لهذه المدينة.
وفي الجانب الأكاديمي، لا بد من ذكر الدور الكبير الذي أدته جامعة الحسين بن طلال في معان من خلال كلية الفندقة والسياحة التابعة لها في وادي موسى؛ فقام أساتذتها وطلبتها بالدراسات الأكاديمية والتعاون مع الوفود الطلابية الأجنبية القادمة صيفاً من جامعات العالم المرموقة للقيام بالحفريات الأثرية التي تكشف عن المزيد من كنوز آثار البترا المدفونة بفعل الزلازل عبر أكثر من ألفي سنة.
لا بد من الإشارة إلى الجهود التي تقوم بها جمعية المحافظة على البترا والتي ترأسها سمو الأمير رعد بن زيد منذ إنشائها، فكان لها دورٌ كبير في عقد الدورات التوعوية لأبناء المنطقة حول الحفاظ على آثارها وقيمتها الحضارية.
أما أهالي لواء البترا، فهم من يستحق الشكر والثناء العظيمين على إسهاماتهم الكبيرة في مسيرة البترا نحو السائح المليون، سواءً بتوفير الفنادق من فئة النجمة الواحدة وحتى الأربع نجوم، وتوفير المطاعم السياحية، فسدّوا بذلك غياب المستثمرين الكبار في هذا الجانب، وبدورهم كذلك في نقل الأفكار الإبداعية العالمية التي تساعد على إيجاد منتج سياحي متطور كفكرة فنادق الخيم الفقاعية التي نقلوها من فرنسا، فغدت عامل جذبٍ وراحة للسياح، وكذلك البرامج الابداعية التي أوجدها العديد من أبناء اللواء لإضافة منتج سياحي يزيد في جذب المزيد من السياح كبرنامج (البترا ليلاً). يُضاف إلى ذلك استثمار أبناء اللواء بالتكنولوجيا في الترويج لمدينتهم الأثرية كالفيسبوك وتويتر.
وفوق كل هذا التعامل الحضاري من أبناء اللواء لزوار المدينة واستيعابهم حتى في بيوتهم عندما ضاقت الفنادق المتوفرة عن ذلك. ولا بد من الإشارة كذلك إلى جمعية الأنباط الجدد من أبناء اللواء الذين وفّروا للسياح إمكانية اصطحاب المنحوتات الحجرية التي تُحاكي آثار البترا الرئيسية إلى بلدانهم، وكذلك الجمعيات النسائية التي وفّرت للسائح المنتجات التقليدية من التراث المادي المحلي، من لباس ومأكولات وغيرها.
وفي مقدمة كل ما ذكرت في أعلاه، وعلى رأسهم، الشكر الموصول لسيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، الذي قام بالترويج للبترا من خلال المشاركة شخصياً في بعض الوثائقيات العالمية ذات الصلة التي تم تصويرها في البترا وما حولها، ومن خلال الحديث عن البترا بكلمات جلالته في المحافل والمناسبات الدولية في البلدان المستهدفة سياحياً.
إنني أرجو ان لا أكون قد أغفلت (غير قاصد) لأي جهةٍ أو فردٍ كان لهم كذلك إسهاماتٌ في الوصول بالبترا إلى السائح المليون.
لقد تشرّفت في عام 2007 بالمشاركة ومن خلال موقعي كوزير للثقافة آنذاك في الجهود الوطنية، التي قادها وزير السياحة المبدع آنذاك معالي أسامة الدباس، وبتوجيه من دولة رئيس الوزراء معروف البخيت، حتى حصلت البترا على المركز الثاني بين عجائب الدنيا السبع الجديدة، وهو مركزٌ ساعد كثيراً في الترويج للبترا عالمياً.
إننا إذ نعبر عن فخرنا وفرحتنا بما أٌنجز اليوم في أعداد السياح للبترا، فإننا نتطلّع إلى المليون الثاني إن شاء الله في السنوات القليلة القادمة، بجهود أبناء الأردن جميعاً وقيادته، وهذا يستدعي استكمال المشاريع السياحية ومشاريع البنية التحتية التي تديرها مفوضية الإقليم في البترا لتوفير مزيد من البرامج والأماكن الجاذبة لسياحة المبيت في المنطقة، كالقرية التراثية في منطقة البيضا (البترا الصغيرة) وتشغيل قرية إلجي (وادي موسى القديمة) ومشاريع وسط مدينة وادي موسى، وحل مشكلة المرور فيها، ومشروع قصر المؤتمرات، وتشجيع الاستثمار لإنشاء المزيد من فنادق فئة الخمس نجوم. فوادي موسى بحاجة لإستيعاب 3000 سائح مبيت يومياً زيادةً على 3000 التي تستوعبها الفنادق الخمسة والثلاثون الحالية.
هنيئاً للبترا شُعلة الأمل، ولأهلها، وللأردن والأردنيين، ولقيادة هذا البلد العظيم هذا الإنجاز التاريخي في السائح رقم المليون هذا العام، وإلى مزيدٍ من التوفيق والفلاح بمشيئة الله أولاً وأخيراً.