الانتخابات الصهيونية.. أزمة هوية أم سياسية؟!
مدار الساعة - تواصلت اللقاءات الماراثونية بين الأحزاب الصهيونية الفائزة في الانتخابات الأخيرة على أمل أن يتم التوصل لإتفاق بموجبه يتم تشكيل حكومة جديدة عقب فشل زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو في إقناع كتل برلمانية من مشاركة الليكود في الحكومة المقبلة.
وألتقى بيني غانيتس، زعيم كتلة (أزرق-أبيض) بداية الأسبوع مع نتنياهو في مقر وزارة الجيش في إطار المفاوضات، وقال الطرفان إنه تمت منافشة الخيارات السياسية الحالية دون الإفصاح عن رؤية مستقبلية لحل الأزمة.
وقال غانتس بعد الاجتماع إنه كان جديًا، وأنه سيتم عقد اجتماع متابعة مع نتنياهو. وأضاف: "سأواصل كل الجهود لتشكيل حكومة وحدة ومنع انتخابات أخرى في دولة إسرائيل. سنبذل قصارى جهدنا لعدم الوصول إلى حملة انتخابية ثالثة."
وضمن الهجمات الإعلامية المتبادلة بين الطرفين قال (الليكود) على لسان الوزير ياريف ليفين بأنه يمثل 55 عضوا من الأحزاب اليمينية، بينما أشار (أزرق-أبيض) إلى أن الليكود "غير مستعدًا لأي حل وسط بشأن هذه القضية".
ويرفض (أزرق -أبيض) مقترح تقدم به الرئيس رؤوبين ريفلين دعا خلاله إلى إبقاء نتنياهو في رئاسة الحكومة مع إمكانية تعليق مهامه في حال وجهت إليه لائحة اتهام. ويرفض غانيتس تشكيل أي تحالف حكومي مع نتنياهو تماشياً مع وعوده الانتخابية التي قطعها للناخب الصهيوني بشأن عدم الإشتراك في حكومة يدخلها نتنياهو بسبب شبهات الفساد المحيطة به.
ويطالب غانيتس من نتنياهو بتفكيك الكتلة البرلمانية التي يفاوض بإسمها وأن يقتصر تمثيله في المفاوضات على حزبه فقط. وهناك نقطة أخرى مثيرة للخلاف هي ترتيب شغل منصب رئيس الوزراء بالتناوب بين نتنياهو وغانتس. ويدعي (أزرق – أبيض) أن الخطوط العريضة التي طرحها ريفلين لم تعد ذات صلة، وأنه يجب على غانتس أن يشغل المنصب أولاً لأنه يملك التفويض ولأن حزبه هو الأكبر في الكنيست.
من جانبه يشير نتنياهو إلى إن أولوياته تشكيل حكومة واسعة، قائلاً إن التحذير من تفاقم الوضع الأمني ليس "إسفينًا سياسيًا". وقال نتنياهو: "أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة ليست قضية سياسية بل قضية وطنية. إنها مسألة أمنية من الدرجة الأولى."
وقال نتنياهو: "نرى ما يجري في الشرق الأوسط. لبنان مضطرب، العراق مضطرب، سوريا مضطربة، وإيران تهيمن على كل هذه المناطق. ونحن نعلم أن القوة التي خدمتنا حتى الآن يجب أن تتعاظم في وجه كل هذه الظواهر. هذا يتطلب قرارات صعبة للغاية".
في الأسبوع الماضي، قال رئيس الأركان الصهيوني أفيف كوخافي، إن الساحة الشمالية تتطلب قدراً كبيراً من الموارد لإعداد الجيش الصهيوني لحرب محتملة. وقال في محادثة مع الصحفيين "الوضع متوتر وهش وقد يتدهور إلى صراع رغم حقيقة أن أعداءنا غير مهتمين بالحرب". وتعقيباً على ذلك قال نتنياهو" "ما قلته أنا ورئيس الأركان ليس إسفينًا، إنه انعكاس للواقع، للتحديات الحالية والمستقبلية. علينا اتخاذ قرارات صعبة تتطلب حكومة ذات أكتاف عريضة."
وفي نفس الشأن، استبعد عضو الكنيست حيلي تروبر من "أزرق – أبيض"، إنشاء حكومة أقلية تعتمد على دعم القائمة المشتركة من خارج الائتلاف. وهذه هي المرة الأولى التي يصرح فيها نائب من حزب غانتس بمثل هذا التصريح منذ الانتخابات، ومع ذلك قال عضو آخر في الحزب، أساف زمير، في مقابلة مع قناة الكنيست إن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة".
وفي مقابلة مع إذاعة "مكان الثانية"، قال تروبر إن (أزرق – أبيض) سيشكل حكومة وحدة "تنضم إليها الأحزاب التي تقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية". وتعقيباً على الوجود العربي في الكنيست وإمكانية الاستفادة منهم في التحالف الحكومي قال " "قسمها المتطرف يدعم نشطاء الإرهاب، إن كل هؤلاء ينتظرون فقط أن يستدير اليهودي لكي يطعنوه".
وتلقى غانتس التفويض بتشكيل الحكومة، في الأسبوع الماضي، ولديه 25 يومًا لتشكيل ائتلاف. ومنذ استلامه التفويض، تحدث إلى رؤساء جميع الأحزاب في الكنيست، باستثناء حزب التجمع، الذي لم يوصي أعضاؤه به أمام ريفلين. وأوضحوا في القائمة العربية المشتركة أنهم لن يفاوضوا غانتس من دون التجمع الذي يقوده جمال زحالقة.
ميزة الانتخابات الصهيونية الأخيرة أنها بنيت على أسس أيديولوجية أبرزها تكتل اليمين حول بنيامين نتنياهو، وتكتل اليسار ويمين الوسط حول بيني غانتيس، وفشل تشكيل الإئتلاف الحاكم لا يتعلق بشخصية نتنياهو أو بشخصية غانيتس فكلاهما من المدرسة العسكرية، لكن هناك رؤية مختلفة لدى الطرفين الأولى ويقدوها نتنياهو تجسم بضرورة أن تكون هوية الدولة منبعها التوراة والقوى الدينية، والأخرى ويقودها غانيتس وهي أكثر ليبرالية وغايتها تحجيم تأثير اليمين وقد وعد غانيتس ناخبيه بإلزام طلبة المعاهد الدينية بالتجنيد الإجباري وهي قضية لطالما آثارت الراي العام الصهيوني منذ عقود.