700 صفحة من الوثائق السرية تكشف تغلغل إيران ونشاطها المخابراتي في هذا البلد العربي
مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/19 الساعة 23:51
طهران حاولت استقطاب موظف داخل الخارجية الأميركية وجواسيسها دفعوا أموالاً لتبديل ولاء عملاء «سي آي إيه»
مدار الساعة - نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» وثائق سرية مسرّبة تقول، إنها تقدم صورة مفصلة عن مدى عمل طهران بقوة على إقحام نفسها في الشؤون العراقية، وعن الدور الفريد لقائد «فيلق القدس» قاسم سليماني هناك.
وتحتوي الوثائق التي حصل عليها موقع «ذي إنترسيبت» وقام بمشاركتها مع الصحيفة، على مئات التقارير التي كتبها ضباط إيرانيون في الأمن والمخابرات عامي 2014 و2015.
وتوضح التسريبات التي وصفتها الصحيفة بـ«غير المسبوقة»، تأثير طهران الهائل في العراق، حيث تكشف عن سنوات من الجهود الشاقة التي قام بها الجواسيس الإيرانيون لاختيار قادة البلاد، ودفع الأموال للوكلاء العراقيين الذين يعملون لصالح الولايات المتحدة لتبديل مواقفهم، والتسلل إلى كل جانب من جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والدينية في العراق.
700 صفحة من الوثائق السرية تم إرسال ما يقرب من 700 صفحة من التقارير التي تم تسريبها من شخص مجهول إلى «ذي إنترسيبت»، والذي قام بترجمتها إلى الإنجليزية ومشاركتها مع الصحيفة، وتحقق الموقع من صحة المستندات، لكنه لم يتوصل إلى هوية من قام بالتسريب. وأثناء التواصل عبر قنوات مشفرة مع مصدر التسريب قال: «أريد إعلام العالم بما تفعله إيران في بلدي العراق». ووفقاً لإحدى البرقيات الاستخباراتية الإيرانية التي تم تسريبها، فإن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي كان له «علاقة خاصة» مع إيران عندما كان وزيراً للنفط في عام 2014، لكن لم يتم توضيح طبيعة تلك العلاقة، إلا أن الصحيفة أكدت أنه لا يمكن لأي سياسي عراقي أن يصبح رئيساً للوزراء دون مباركة إيران. وفي 2018، عندما أصبح رئيساً للوزراء، كان عبد المهدي يُنظر إليه بصفته مرشحاً توافقياً مقبولاً لدى كل من إيران والولايات المتحدة. وتقدم الوثائق المسربة نظرة استثنائية داخل النظام الإيراني السري، كما أنها توضح بالتفصيل إلى أي مدى خضع العراق للنفوذ الإيراني منذ الغزو الأميركي في عام 2003. ويُعدّ الحرس الثوري الإيراني، وخاصة «فيلق القدس» بقيادة سليماني، هو الجهة الأساسية التي تحدد سياسات طهران في العراق ولبنان وسوريا، والتي تعتبرها إيران دولاً حاسمة بالنسبة لأمنها القومي، حيث يتم تعيين سفراء هذه الدول من قبل الرتب العليا في الحرس الثوري، وليس من قبل وزارة الخارجية، وذلك وفقاً لعدد من المستشارين للإدارات الإيرانية الحالية والسابقة. وتقول المصادر، إن الضباط في وزارة المخابرات الإيرانية وفي الحرس الثوري في العراق كانوا يعملون بالتوازي مع بعضهم بعضاً، وكانت عملية زراعة المسؤولين العراقيين جزءاً رئيسياً من عملهم، فالكثير من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين في العراق أقاموا علاقات سرية مع طهران، بحسب الوثائق. وأشارت الوثائق أيضاً إلى أن هناك أعضاء رئيسيين في حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي كانت لهم علاقات وثيقة مع إيران. وتقول إحدى البرقيات: «الهدف الحالي هو أن يقدم الشخص رؤى استخباراتية حول خطط الحكومة الأميركية في العراق، سواء كان ذلك للتعامل مع تنظيم (داعش) أو أي عمليات سرية أخرى؛ فالهدف النهائي هو أن يكون الشخص مخبراً إما في وزارة الخارجية الأميركية أو مع القادة العراقيين من السنة أو الأكراد المستعدين للتعاون». وعلى الرغم من أن إيران كانت في البداية متشككة في ولاء العبادي، فإن هناك تقريراً كُتب بعد بضعة أشهر من حصوله على منصب رئيس الوزراء يشير إلى أنه كان على استعداد تام لإقامة علاقة سرية مع المخابرات الإيرانية.
ويشير تقرير، صدر في يناير (كانون الثاني) 2015، إلى لقاء خاص بين العبادي وضابط بالمخابرات الإيرانية يُعرف باسم بوروجردي، عُقد في مكتب رئيس الوزراء «من دون وجود سكرتير أو شخص ثالث». وبحسب البرقية، فإنه خلال الاجتماع قام بوروجردي بالحديث حول الانقسام السُني - الشيعي في العراق، قائلاً: «اليوم، يجد السنة أنفسهم في أسوأ الظروف الممكنة وقد فقدوا ثقتهم بأنفسهم». وأضاف: «السنة مشرّدون، ومدنهم قد باتت مدمرة، وهناك مستقبل غير واضح ينتظرهم، لكن يستطيع الشيعة إعادة ثقتهم بأنفسهم». وتابع: «اليوم يقف شيعة العراق عند نقطة تحول تاريخية، حيث يمكن للحكومة العراقية وإيران الاستفادة من هذا الوضع». ووفق البرقية ذاتها، أعرب العبادي عن «موافقته الكاملة» على ما قاله الضابط الإيراني. ووفقاً للوثائق، فإنه بعد انسحاب القوات الأميركية في 2011، تحركت إيران بسرعة لضم المخبرين السريين العاملين سابقاً لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه). وتظهر فقرة غير مؤرخة في إحدى البرقيات المسربة من وزارة الاستخبارات الإيرانية، أن طهران قامت بجهود لتجنيد جاسوس داخل وزارة الخارجية الأميركية، لكن من غير الواضح ما الذي أسفرت عنه تلك الجهود، لكن وفقاً للتسريبات، فإن طهران قامت بمقابلة الشخص، وعرضت عليه مكافأة مالية، وعملات ذهبية، وهدايا أخرى، لكن لم يتم ذكر اسم مسؤول وزارة الخارجية في البرقية، لكن تم وصفه بأنه شخص قادر على تقديم «رؤى استخباراتية حول خطط الحكومة الأميركية في العراق، سواء كان ذلك للتعامل مع (داعش) أو أي عمليات سرية أخرى». ورفضت وزارة الخارجية الأميركية التعليق على الأمر. وصحيح أن قادة الحرس الثوري وسليماني عملوا على القضاء على «داعش» في العراق، لكن ذلك كان يتم مع إيلاء تركيز أكبر على الإبقاء على بغداد باعتبارها دولة تابعة لطهران والتأكد من بقاء الفصائل السياسية الموالية لها في السلطة. أخبرهم أننا في خدمتهم ولطالما كان لإيران وجود كبير في جنوب العراق، وقد أقامت مكاتب دينية في المدن المقدسة لدى الشيعة، كما أنها تدعم أقوى الأحزاب السياسية هناك، وترسل الطلاب الإيرانيين للدراسة في الحلقات الدراسية العراقية، كما ترسل عمال البناء الإيرانيين لبناء الفنادق العراقية وتجديد الأضرحة هناك. وكان صعود إيران لاعباً قوياً في العراق نتيجةً مباشرة لافتقار واشنطن إلى أي خطة بعد غزوها البلاد. ووفقاً لوثائق وزارة الاستخبارات الإيرانية، فقد واصلت طهران الاستفادة من الفرص التي منحتها الولايات المتحدة لها في بغداد، حيث حصلت على سبيل المثال على مجموعة كبيرة من الأسرار الأميركية بعد تراجع الوجود الأميركي هناك في أعقاب انسحاب القوات في 2011، حيث قامت وكالة «سي آي إيه» في ذلك الحين بتسريح الكثير من عملائها السريين القدامى، والذين وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل في بلد ما زال محطماً من الغزو، كما كانوا يخشون أن يتم قتلهم بسبب صلاتهم بالولايات المتحدة، وربما من قبل إيران. وبسبب الاحتياج إلى الأموال بدأ الكثيرون منهم في تقديم خدماتهم إلى طهران، حيث كانوا سعداء بإخبار الإيرانيين بكل ما يعرفونه عن عمليات المخابرات الأميركية في العراق. ويقول المسؤولون العراقيون، إن الجواسيس الإيرانيين موجودون في كل مكان في الجنوب، وكانت المنطقة منذ فترة طويلة بمثابة خلية نحل للجواسيس. وهناك، في كربلاء، في أواخر 2014، التقى ضابط مخابرات عراقي بمسؤول مخابرات إيراني وعرض الأول التجسس لصالح إيران وإخبار الإيرانيين بكل ما لديه بشأن الأنشطة الأميركية في العراق، وقال المسؤول العراقي للضابط الإيراني، بحسب إحدى البرقيات، إن «إيران هي بلدي الثاني وأحبها»، وأكد له أنه جاء برسالة من رئيسه في بغداد، اللواء حاتم المقصوسي، قائد الاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع العراقية في ذلك الوقت، يقول فيها: «أخبرهم أننا في خدمتهم، وكل ما يحتاجون إليه سيكون تحت تصرفهم، فنحن شيعة ولدينا عدو مشترك». وتابع الضابط (رسول اللواء المقصوسي) قائلاً: «اعتبر كل المعلومات الاستخباراتية الخاصة بالجيش العراقي ملكك». كما أخبر ضابط المخابرات الإيراني عن برنامج الاستهداف السري الذي قدمته الولايات المتحدة للعراقيين، وعرض تسليمه إلى الإيرانيين، وقال: «إذا كان لديك جهاز كومبيوتر محمول حديث، فقم بإعطائه لي حتى أتمكن من وضع البرنامج عليه». ونفى اللواء مقصوسي صحة هذه المزاعم الواردة في التقرير الاستخباراتي الإيراني.
مرشح الأميركيين
وبحلول أواخر 2014، كانت الولايات المتحدة تقوم بضخ الأسلحة والجنود مرة أخرى في العراق؛ وذلك لبدء حملتها ضد «داعش»، وقد كان لإيران أيضاً مصلحة في هزيمة المتشددين هناك، لكنها، كما توضح البرقيات المسربة، كانت تنظر أيضاً إلى الوجود الأميركي المتزايد باعتباره تهديداً و«غطاءً» لجمع المعلومات الاستخباراتية عن طهران. وكان رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، الذي عاش في المنفى في إيران في الثمانينيات، هو الشخصية المفضلة لدى طهران، بينما كان يُنظر لخلفه حيدر العبادي، الذي تلقى تعليمه في بريطانيا، على أنه أكثر ودية للغرب وأقل طائفية. ولمواجهة حالة عدم اليقين حول رئيس الوزراء الجديد، دعا سفير إيران في العراق في ذلك الوقت، حسن دانييفار، إلى عقد اجتماع سري لكبار الموظفين في السفارة الإيرانية، وأثناء الاجتماع أصبح من الواضح أن الإيرانيين ليس لديهم سبب يدعو للقلق بشأن الحكومة العراقية الجديدة، حيث تم رفض العبادي باعتباره «رجلاً بريطانياً» و«مرشح الأميركيين»، لكن الإيرانيين رأوا أن لديهم الكثير من الوزراء الآخرين في جعبتهم. ووفقاً للتسريبات، فإن إبراهيم الجعفري، الذي كان قد شغل منصب وزير الخارجية في حكومة العبادي، كانت لديه علاقات وثيقة أيضاً مع إيران، وهو ما لم ينكره الجعفري، لكنه قال إنه كان يتعامل دائماً مع دول أجنبية؛ لأن مصلحة العراق كانت تتطلب منه ذلك. وتظهر هيمنة إيران على السياسة العراقية بشكل واضح في جزء مهم من خريف 2014، عندما كانت بغداد في قلب دوامة متعددة الجنسيات، حيث كانت الحرب الأهلية السورية مستعرة، في حين استولى مقاتلو «داعش» على ثلث العراق تقريباً، وكانت القوات الأميركية تتجه إلى المنطقة لمواجهة الأزمة المتفاقمة. وعلى هذه الخلفية الفوضوية، استقبل وزير النقل العراقي حينها، بيان جبر، سليماني في مكتبه، وكان الأخير قد جاء ليطلب منه السماح لإيران بالوصول إلى المجال الجوي العراقي لنقل طائرات محمّلة بالأسلحة وغيرها من الإمدادات لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهو الأمر الذي وافق عليه جبر. ويُنقل عن جبر قوله في إحدى البرقيات: «جاء سليماني إليّ وطلب أن نسمح للطائرات الإيرانية باستخدام المجال الجوي العراقي للوصول إلى سوريا». ولم يتردد وزير النقل في الموافقة، وحينها بدا سليماني سعيداً. وتابع التقرير نقلاً عن جبر: «وضعت يدي على عيني وقلت: على عيني، كما تتمنى... وحينها نهض سليماني واقترب مني وقام بتقبيل جبهتي». وذلك جاء في الوقت الذي كان مسؤولو إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما يحاولون إقناع الحكومة العراقية بإيقاف الرحلات الجوية الإيرانية عبر مجالهم الجوي. وقد أكد جبر اجتماعه مع سليماني، لكنه قال إن الرحلات الجوية من إيران إلى سوريا كانت تحمل الإمدادات الإنسانية والحجاج الدينيين المسافرين إلى سوريا لزيارة الأماكن المقدسة، وليس الأسلحة والإمدادات العسكرية لمساعدة الأسد كما يعتقد المسؤولون الأميركيون. وفي هذه الأثناء، خضع المسؤولون العراقيون المعروفون بعلاقاتهم مع الولايات المتحدة لتدقيق خاص، وكانت إيران تتخذ تدابير لمواجهة النفوذ الأميركي، حيث تظهر الكثير من البرقيات أنه بينما التقى كبار الدبلوماسيين الأميركيين خلف الأبواب المغلقة مع نظرائهم العراقيين في بغداد، كانت محادثاتهم تُرسل بشكل روتيني إلى الإيرانيين. وخلال 2014 و2015، عندما باتت هناك حكومة جديدة في العراق، التقى السفير الأميركي، ستيوارت جونز، كثيراً مع سليم الجبوري، الذي كان رئيساً للبرلمان العراقي حتى العام الماضي. وعلى الرغم من كونه سنياً، فإن الجبوري كان معروفاً بعلاقته الوثيقة مع إيران، لكن الملفات تكشف الآن أن أحد كبار مستشاريه السياسيين، المعروف في البرقيات باسم المصدر 134832 كان أحد رجال المخابرات الإيرانية، وقال المصدر للضابط الإيراني المشرف عليه: «أنا موجود في مكتب الجبوري بشكل يومي، وأتابع اتصالاته بعناية مع الأميركيين»، في حين أكد الجبوري، في إحدى المقابلات، أنه لا يعتقد أن أي شخص من موظفيه يعمل وكيلاً لإيران، وأنه يثق تماماً في مساعديه. وقد حث المصدر الإيرانيين على بناء علاقات أوثق مع الجبوري؛ وذلك لعرقلة الجهود الأميركية لرعاية طبقة جديدة من القادة الشباب السنة في العراق، وربما لتحقيق المصالحة بين السنة والشيعة هناك. وتكشف برقية أخرى، عن أن رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، التقى كبار المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والعبادي في بغداد في ديسمبر (كانون الأول) 2014، ثم توجه على الفور لمقابلة مسؤول إيراني ليقول له كل ما قيل. ونفى بارزاني صحة هذا الزعم. وكشف تقرير من مستشار الجبوري، عن أن الولايات المتحدة مهتمة بالوصول إلى حقل غني بالغاز الطبيعي في عكاس بالقرب من الحدود العراقية مع سوريا. وأوضح المصدر، أن الأميركيين قد يحاولون تصدير الغاز الطبيعي هناك إلى أوروبا، وهي إحدى الأسواق الرئيسية للغاز الطبيعي الروسي، وأوصى ضابط وزارة الاستخبارات، في برقية إلى طهران: «أن يتم استخدام المعلومات المذكورة أعلاه في تبادل مع الروس وسوريا»، وقد كتب البرقية بينما كانت روسيا تقوم بتصعيد تدخلها في سوريا بشكل كبير، وبينما واصلت إيران تعزيزاتها العسكرية هناك لدعم الأسد. وكشفت التسريبات أيضاً، عن أن مجزرة طالت السنة في جرف الصخر عام 2014 كانت بمثابة مثال حي على الفظائع الطائفية التي ارتكبتها الجماعات المسلحة الموالية لـ«فيلق القدس» الإيراني. فعندما طردت الميليشيات المدعومة من إيران المسلحين التابعين لـ«داعش» من جرف الصخر أصبحت المنطقة بمثابة مدينة للأشباح، حيث تم تشريد عشرات الآلاف من السنة، وتم العثور على سياسي محلي، هو العضو السُني الوحيد في المجلس الإقليمي، مقتولاً برصاصة في رأسه. كما كشفت الوثائق أيضاً عن استخدام إيران نفوذها في العراق للحصول على صفقات مربحة، حيث تظهر إحدى البرقيات أن «فيلق القدس» حصل على عقود متعلقة بالنفط والتنمية من أكراد العراق مقابل مدهم بالأسلحة وغيرها من المساعدات. وفي الجنوب تم منح إيران عقوداً لمياه المجاري وتنقية المياه بعد دفعها رشوة قيمتها 16 مليون دولار لأحد أعضاء البرلمان. وطلبت «نيويورك تايمز» من 3 مسؤولين إيرانيين التعليق على تقريرها، وهم المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة الإيرانية، علي رضا ميروسفي، وسفير إيران لدى الأمم المتحدة، ماجد تخت رافانشي، ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، لكن الأول قال إنه لن يكون متاحاً للرد حتى وقت لاحق من هذا الشهر، ولم يرد الثاني على طلب مكتوب تم تسليمه باليد إلى مقر إقامته الرسمي، في حين لم يرد الثالث على الطلب الذي تم إرساله له عبر البريد الإلكتروني. وعندما تم الاتصال به هاتفياً، رفض نائب قائد القوات البحرية للحرس الثوري سابقاً، حسن دانييفار، الإقرار بصحة هذه الوثائق، لكنه أشار إلى أن إيران لديها اليد العليا في جمع المعلومات في العراق، قائلاً: «نعم، لدينا كثير من المعلومات من العراق حول قضايا متعددة، خصوصاً حول ما كانت تفعله أميركا هناك». الشرق الاوسط
700 صفحة من الوثائق السرية تم إرسال ما يقرب من 700 صفحة من التقارير التي تم تسريبها من شخص مجهول إلى «ذي إنترسيبت»، والذي قام بترجمتها إلى الإنجليزية ومشاركتها مع الصحيفة، وتحقق الموقع من صحة المستندات، لكنه لم يتوصل إلى هوية من قام بالتسريب. وأثناء التواصل عبر قنوات مشفرة مع مصدر التسريب قال: «أريد إعلام العالم بما تفعله إيران في بلدي العراق». ووفقاً لإحدى البرقيات الاستخباراتية الإيرانية التي تم تسريبها، فإن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي كان له «علاقة خاصة» مع إيران عندما كان وزيراً للنفط في عام 2014، لكن لم يتم توضيح طبيعة تلك العلاقة، إلا أن الصحيفة أكدت أنه لا يمكن لأي سياسي عراقي أن يصبح رئيساً للوزراء دون مباركة إيران. وفي 2018، عندما أصبح رئيساً للوزراء، كان عبد المهدي يُنظر إليه بصفته مرشحاً توافقياً مقبولاً لدى كل من إيران والولايات المتحدة. وتقدم الوثائق المسربة نظرة استثنائية داخل النظام الإيراني السري، كما أنها توضح بالتفصيل إلى أي مدى خضع العراق للنفوذ الإيراني منذ الغزو الأميركي في عام 2003. ويُعدّ الحرس الثوري الإيراني، وخاصة «فيلق القدس» بقيادة سليماني، هو الجهة الأساسية التي تحدد سياسات طهران في العراق ولبنان وسوريا، والتي تعتبرها إيران دولاً حاسمة بالنسبة لأمنها القومي، حيث يتم تعيين سفراء هذه الدول من قبل الرتب العليا في الحرس الثوري، وليس من قبل وزارة الخارجية، وذلك وفقاً لعدد من المستشارين للإدارات الإيرانية الحالية والسابقة. وتقول المصادر، إن الضباط في وزارة المخابرات الإيرانية وفي الحرس الثوري في العراق كانوا يعملون بالتوازي مع بعضهم بعضاً، وكانت عملية زراعة المسؤولين العراقيين جزءاً رئيسياً من عملهم، فالكثير من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين في العراق أقاموا علاقات سرية مع طهران، بحسب الوثائق. وأشارت الوثائق أيضاً إلى أن هناك أعضاء رئيسيين في حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي كانت لهم علاقات وثيقة مع إيران. وتقول إحدى البرقيات: «الهدف الحالي هو أن يقدم الشخص رؤى استخباراتية حول خطط الحكومة الأميركية في العراق، سواء كان ذلك للتعامل مع تنظيم (داعش) أو أي عمليات سرية أخرى؛ فالهدف النهائي هو أن يكون الشخص مخبراً إما في وزارة الخارجية الأميركية أو مع القادة العراقيين من السنة أو الأكراد المستعدين للتعاون». وعلى الرغم من أن إيران كانت في البداية متشككة في ولاء العبادي، فإن هناك تقريراً كُتب بعد بضعة أشهر من حصوله على منصب رئيس الوزراء يشير إلى أنه كان على استعداد تام لإقامة علاقة سرية مع المخابرات الإيرانية.
ويشير تقرير، صدر في يناير (كانون الثاني) 2015، إلى لقاء خاص بين العبادي وضابط بالمخابرات الإيرانية يُعرف باسم بوروجردي، عُقد في مكتب رئيس الوزراء «من دون وجود سكرتير أو شخص ثالث». وبحسب البرقية، فإنه خلال الاجتماع قام بوروجردي بالحديث حول الانقسام السُني - الشيعي في العراق، قائلاً: «اليوم، يجد السنة أنفسهم في أسوأ الظروف الممكنة وقد فقدوا ثقتهم بأنفسهم». وأضاف: «السنة مشرّدون، ومدنهم قد باتت مدمرة، وهناك مستقبل غير واضح ينتظرهم، لكن يستطيع الشيعة إعادة ثقتهم بأنفسهم». وتابع: «اليوم يقف شيعة العراق عند نقطة تحول تاريخية، حيث يمكن للحكومة العراقية وإيران الاستفادة من هذا الوضع». ووفق البرقية ذاتها، أعرب العبادي عن «موافقته الكاملة» على ما قاله الضابط الإيراني. ووفقاً للوثائق، فإنه بعد انسحاب القوات الأميركية في 2011، تحركت إيران بسرعة لضم المخبرين السريين العاملين سابقاً لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه). وتظهر فقرة غير مؤرخة في إحدى البرقيات المسربة من وزارة الاستخبارات الإيرانية، أن طهران قامت بجهود لتجنيد جاسوس داخل وزارة الخارجية الأميركية، لكن من غير الواضح ما الذي أسفرت عنه تلك الجهود، لكن وفقاً للتسريبات، فإن طهران قامت بمقابلة الشخص، وعرضت عليه مكافأة مالية، وعملات ذهبية، وهدايا أخرى، لكن لم يتم ذكر اسم مسؤول وزارة الخارجية في البرقية، لكن تم وصفه بأنه شخص قادر على تقديم «رؤى استخباراتية حول خطط الحكومة الأميركية في العراق، سواء كان ذلك للتعامل مع (داعش) أو أي عمليات سرية أخرى». ورفضت وزارة الخارجية الأميركية التعليق على الأمر. وصحيح أن قادة الحرس الثوري وسليماني عملوا على القضاء على «داعش» في العراق، لكن ذلك كان يتم مع إيلاء تركيز أكبر على الإبقاء على بغداد باعتبارها دولة تابعة لطهران والتأكد من بقاء الفصائل السياسية الموالية لها في السلطة. أخبرهم أننا في خدمتهم ولطالما كان لإيران وجود كبير في جنوب العراق، وقد أقامت مكاتب دينية في المدن المقدسة لدى الشيعة، كما أنها تدعم أقوى الأحزاب السياسية هناك، وترسل الطلاب الإيرانيين للدراسة في الحلقات الدراسية العراقية، كما ترسل عمال البناء الإيرانيين لبناء الفنادق العراقية وتجديد الأضرحة هناك. وكان صعود إيران لاعباً قوياً في العراق نتيجةً مباشرة لافتقار واشنطن إلى أي خطة بعد غزوها البلاد. ووفقاً لوثائق وزارة الاستخبارات الإيرانية، فقد واصلت طهران الاستفادة من الفرص التي منحتها الولايات المتحدة لها في بغداد، حيث حصلت على سبيل المثال على مجموعة كبيرة من الأسرار الأميركية بعد تراجع الوجود الأميركي هناك في أعقاب انسحاب القوات في 2011، حيث قامت وكالة «سي آي إيه» في ذلك الحين بتسريح الكثير من عملائها السريين القدامى، والذين وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل في بلد ما زال محطماً من الغزو، كما كانوا يخشون أن يتم قتلهم بسبب صلاتهم بالولايات المتحدة، وربما من قبل إيران. وبسبب الاحتياج إلى الأموال بدأ الكثيرون منهم في تقديم خدماتهم إلى طهران، حيث كانوا سعداء بإخبار الإيرانيين بكل ما يعرفونه عن عمليات المخابرات الأميركية في العراق. ويقول المسؤولون العراقيون، إن الجواسيس الإيرانيين موجودون في كل مكان في الجنوب، وكانت المنطقة منذ فترة طويلة بمثابة خلية نحل للجواسيس. وهناك، في كربلاء، في أواخر 2014، التقى ضابط مخابرات عراقي بمسؤول مخابرات إيراني وعرض الأول التجسس لصالح إيران وإخبار الإيرانيين بكل ما لديه بشأن الأنشطة الأميركية في العراق، وقال المسؤول العراقي للضابط الإيراني، بحسب إحدى البرقيات، إن «إيران هي بلدي الثاني وأحبها»، وأكد له أنه جاء برسالة من رئيسه في بغداد، اللواء حاتم المقصوسي، قائد الاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع العراقية في ذلك الوقت، يقول فيها: «أخبرهم أننا في خدمتهم، وكل ما يحتاجون إليه سيكون تحت تصرفهم، فنحن شيعة ولدينا عدو مشترك». وتابع الضابط (رسول اللواء المقصوسي) قائلاً: «اعتبر كل المعلومات الاستخباراتية الخاصة بالجيش العراقي ملكك». كما أخبر ضابط المخابرات الإيراني عن برنامج الاستهداف السري الذي قدمته الولايات المتحدة للعراقيين، وعرض تسليمه إلى الإيرانيين، وقال: «إذا كان لديك جهاز كومبيوتر محمول حديث، فقم بإعطائه لي حتى أتمكن من وضع البرنامج عليه». ونفى اللواء مقصوسي صحة هذه المزاعم الواردة في التقرير الاستخباراتي الإيراني.
مرشح الأميركيين
وبحلول أواخر 2014، كانت الولايات المتحدة تقوم بضخ الأسلحة والجنود مرة أخرى في العراق؛ وذلك لبدء حملتها ضد «داعش»، وقد كان لإيران أيضاً مصلحة في هزيمة المتشددين هناك، لكنها، كما توضح البرقيات المسربة، كانت تنظر أيضاً إلى الوجود الأميركي المتزايد باعتباره تهديداً و«غطاءً» لجمع المعلومات الاستخباراتية عن طهران. وكان رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، الذي عاش في المنفى في إيران في الثمانينيات، هو الشخصية المفضلة لدى طهران، بينما كان يُنظر لخلفه حيدر العبادي، الذي تلقى تعليمه في بريطانيا، على أنه أكثر ودية للغرب وأقل طائفية. ولمواجهة حالة عدم اليقين حول رئيس الوزراء الجديد، دعا سفير إيران في العراق في ذلك الوقت، حسن دانييفار، إلى عقد اجتماع سري لكبار الموظفين في السفارة الإيرانية، وأثناء الاجتماع أصبح من الواضح أن الإيرانيين ليس لديهم سبب يدعو للقلق بشأن الحكومة العراقية الجديدة، حيث تم رفض العبادي باعتباره «رجلاً بريطانياً» و«مرشح الأميركيين»، لكن الإيرانيين رأوا أن لديهم الكثير من الوزراء الآخرين في جعبتهم. ووفقاً للتسريبات، فإن إبراهيم الجعفري، الذي كان قد شغل منصب وزير الخارجية في حكومة العبادي، كانت لديه علاقات وثيقة أيضاً مع إيران، وهو ما لم ينكره الجعفري، لكنه قال إنه كان يتعامل دائماً مع دول أجنبية؛ لأن مصلحة العراق كانت تتطلب منه ذلك. وتظهر هيمنة إيران على السياسة العراقية بشكل واضح في جزء مهم من خريف 2014، عندما كانت بغداد في قلب دوامة متعددة الجنسيات، حيث كانت الحرب الأهلية السورية مستعرة، في حين استولى مقاتلو «داعش» على ثلث العراق تقريباً، وكانت القوات الأميركية تتجه إلى المنطقة لمواجهة الأزمة المتفاقمة. وعلى هذه الخلفية الفوضوية، استقبل وزير النقل العراقي حينها، بيان جبر، سليماني في مكتبه، وكان الأخير قد جاء ليطلب منه السماح لإيران بالوصول إلى المجال الجوي العراقي لنقل طائرات محمّلة بالأسلحة وغيرها من الإمدادات لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهو الأمر الذي وافق عليه جبر. ويُنقل عن جبر قوله في إحدى البرقيات: «جاء سليماني إليّ وطلب أن نسمح للطائرات الإيرانية باستخدام المجال الجوي العراقي للوصول إلى سوريا». ولم يتردد وزير النقل في الموافقة، وحينها بدا سليماني سعيداً. وتابع التقرير نقلاً عن جبر: «وضعت يدي على عيني وقلت: على عيني، كما تتمنى... وحينها نهض سليماني واقترب مني وقام بتقبيل جبهتي». وذلك جاء في الوقت الذي كان مسؤولو إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما يحاولون إقناع الحكومة العراقية بإيقاف الرحلات الجوية الإيرانية عبر مجالهم الجوي. وقد أكد جبر اجتماعه مع سليماني، لكنه قال إن الرحلات الجوية من إيران إلى سوريا كانت تحمل الإمدادات الإنسانية والحجاج الدينيين المسافرين إلى سوريا لزيارة الأماكن المقدسة، وليس الأسلحة والإمدادات العسكرية لمساعدة الأسد كما يعتقد المسؤولون الأميركيون. وفي هذه الأثناء، خضع المسؤولون العراقيون المعروفون بعلاقاتهم مع الولايات المتحدة لتدقيق خاص، وكانت إيران تتخذ تدابير لمواجهة النفوذ الأميركي، حيث تظهر الكثير من البرقيات أنه بينما التقى كبار الدبلوماسيين الأميركيين خلف الأبواب المغلقة مع نظرائهم العراقيين في بغداد، كانت محادثاتهم تُرسل بشكل روتيني إلى الإيرانيين. وخلال 2014 و2015، عندما باتت هناك حكومة جديدة في العراق، التقى السفير الأميركي، ستيوارت جونز، كثيراً مع سليم الجبوري، الذي كان رئيساً للبرلمان العراقي حتى العام الماضي. وعلى الرغم من كونه سنياً، فإن الجبوري كان معروفاً بعلاقته الوثيقة مع إيران، لكن الملفات تكشف الآن أن أحد كبار مستشاريه السياسيين، المعروف في البرقيات باسم المصدر 134832 كان أحد رجال المخابرات الإيرانية، وقال المصدر للضابط الإيراني المشرف عليه: «أنا موجود في مكتب الجبوري بشكل يومي، وأتابع اتصالاته بعناية مع الأميركيين»، في حين أكد الجبوري، في إحدى المقابلات، أنه لا يعتقد أن أي شخص من موظفيه يعمل وكيلاً لإيران، وأنه يثق تماماً في مساعديه. وقد حث المصدر الإيرانيين على بناء علاقات أوثق مع الجبوري؛ وذلك لعرقلة الجهود الأميركية لرعاية طبقة جديدة من القادة الشباب السنة في العراق، وربما لتحقيق المصالحة بين السنة والشيعة هناك. وتكشف برقية أخرى، عن أن رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، التقى كبار المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والعبادي في بغداد في ديسمبر (كانون الأول) 2014، ثم توجه على الفور لمقابلة مسؤول إيراني ليقول له كل ما قيل. ونفى بارزاني صحة هذا الزعم. وكشف تقرير من مستشار الجبوري، عن أن الولايات المتحدة مهتمة بالوصول إلى حقل غني بالغاز الطبيعي في عكاس بالقرب من الحدود العراقية مع سوريا. وأوضح المصدر، أن الأميركيين قد يحاولون تصدير الغاز الطبيعي هناك إلى أوروبا، وهي إحدى الأسواق الرئيسية للغاز الطبيعي الروسي، وأوصى ضابط وزارة الاستخبارات، في برقية إلى طهران: «أن يتم استخدام المعلومات المذكورة أعلاه في تبادل مع الروس وسوريا»، وقد كتب البرقية بينما كانت روسيا تقوم بتصعيد تدخلها في سوريا بشكل كبير، وبينما واصلت إيران تعزيزاتها العسكرية هناك لدعم الأسد. وكشفت التسريبات أيضاً، عن أن مجزرة طالت السنة في جرف الصخر عام 2014 كانت بمثابة مثال حي على الفظائع الطائفية التي ارتكبتها الجماعات المسلحة الموالية لـ«فيلق القدس» الإيراني. فعندما طردت الميليشيات المدعومة من إيران المسلحين التابعين لـ«داعش» من جرف الصخر أصبحت المنطقة بمثابة مدينة للأشباح، حيث تم تشريد عشرات الآلاف من السنة، وتم العثور على سياسي محلي، هو العضو السُني الوحيد في المجلس الإقليمي، مقتولاً برصاصة في رأسه. كما كشفت الوثائق أيضاً عن استخدام إيران نفوذها في العراق للحصول على صفقات مربحة، حيث تظهر إحدى البرقيات أن «فيلق القدس» حصل على عقود متعلقة بالنفط والتنمية من أكراد العراق مقابل مدهم بالأسلحة وغيرها من المساعدات. وفي الجنوب تم منح إيران عقوداً لمياه المجاري وتنقية المياه بعد دفعها رشوة قيمتها 16 مليون دولار لأحد أعضاء البرلمان. وطلبت «نيويورك تايمز» من 3 مسؤولين إيرانيين التعليق على تقريرها، وهم المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة الإيرانية، علي رضا ميروسفي، وسفير إيران لدى الأمم المتحدة، ماجد تخت رافانشي، ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، لكن الأول قال إنه لن يكون متاحاً للرد حتى وقت لاحق من هذا الشهر، ولم يرد الثاني على طلب مكتوب تم تسليمه باليد إلى مقر إقامته الرسمي، في حين لم يرد الثالث على الطلب الذي تم إرساله له عبر البريد الإلكتروني. وعندما تم الاتصال به هاتفياً، رفض نائب قائد القوات البحرية للحرس الثوري سابقاً، حسن دانييفار، الإقرار بصحة هذه الوثائق، لكنه أشار إلى أن إيران لديها اليد العليا في جمع المعلومات في العراق، قائلاً: «نعم، لدينا كثير من المعلومات من العراق حول قضايا متعددة، خصوصاً حول ما كانت تفعله أميركا هناك». الشرق الاوسط
مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/19 الساعة 23:51