تميم بن حمد.. بعد 7 سنوات من الحكم
مدار الساعة - كتب: عواد الخلايلة
عليك أن تفكر كثيراً وأنت تحلم بأن تخوض "تجربة" الإمارة اليوم.
صحيح أن الإمارة ذات ألق، على أنها سيف ذو وجوه. فكيف اذا كان المضمار "هنا" في منطقة كالتنور تمور موراً؟
وكيف إذا قلت لك إنه أمير خاض موجاً متلاطماً بعضه فوق بعض ثم ارتقى بإمارته، حتى نامت ملء جفونها عن شواردها وسهر الخلق جرّاها واختصم.
لن يكون سهلاً أن تمر من خلال الألغام وأنت تكتب عن قطر، وأمير قطر.
قطر ليست رقماً في الدول فقط حتى ترتاح في رسم خطوط ملامحها، وعليك أن تفتح عيونك من دون أن ترمش ولو لمرة واحدة. وكيف لا وهي التي ترفض أن تمرَّ في تاريخ مزدحم بالملاحم دون أن تخط لنفسها قصتها الخاصة.
إشكالية، ذات شجون، تفتح لك ذراعيها دون أن تمنحك عقلها. أدمنتَ منها إخبارها عن نفسها بألف كلمة وكلمة، من دون أن تمنحك الفرصة لمعرفتها معرفة الكف. هذه هي قطر.
هي قطر. وهو أميرها الثامن، إنه الشيخ تميم بن حمد بن خليفة بن حمد بن عبدالله بن قاسم بن محمد آل ثاني، المولود في الثالث من حزيران/يونيو 1980م.
يعود نسب آل ثاني إلى المعاضيد وهم عشيرة من الوهبة إحدى بطون حنظلة بن مالك من بني تميم، وتشير المصادر التّاريخية إلى أن أجداد آل ثاني هاجروا من أشيقر بمنطقة الوشم في نجد واستقروا في بلدة يبرين إلى الجنوب الشرقي من شبه جزيرة قطر، ومن هناك انتقلوا إلى "اسكك" في جنوب البلاد، ثم ارتحلوا شمالا إلى الرّويس وفويرط، ثم إلى الزبارة حيث ولد الشيخ ثاني بن محمد، إلى أن استقرت الأسرة في الدوحة وتولت الحكم وتأسيس إمارة قطر.
ولم تكن القبائل التي استقرت في شبه الجزيرة القطرية، حتى أواسط القرن التاسع عشر، في وضع سياسي متماسك يساعدها على إقامة إمارة. إلا أن قوة آل ثاني نمت في هذه الفترة واتسعت ثروتهم من تجارة اللؤلؤ وتعزز مركزهم الاجتماعي والمالي، فتمكنوا من توحيد القبائل وقيادة البلاد في ظل ظروف مضطربة تمثلت أساسا في الصراع البريطاني العثماني للسيطرة على المنطقة.
مرت امس الخميس الذكرى السابعة على تولي الشيخ تميم مقاليد الحكم وتحديداً في 25 يونيو/ حزيران 2013 بعد تنازل والده الشيخ حمد بن خليفة عن الحكم وبات يُلقب باسم "الأمير الوالد"..
هو أمرٌ لم يجعل للأمير الشاب متسعاً من الوقت لرفاهيّة يطلبها أترابه، لهذا سترى في سيرته الذاتيّة ازدحاماً بالكثير من العمل، فهو الحاصل على الشهادة الثانويّة من مدرسة شيربورن في المملكة المتحدة عام 1997م، وهو الملتحق بعدها بأكاديمية ساند هيرست العسكرية الملكية بالمملكة المتحدة في العام 1998، وهو الذي أعد بعناية على غير عادة نظرائه في الدول الأخرى، لهذا لم يكن غريباً أن يعيّن ولياً للعهد في 5 أغسطس/ آب 2003م، ثم كان متوقعاً ما همس به سياسيون في الدوحة ان قطر قد تشهد قريباً تسليم الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني السلطة إلى نجله الشيخ تميم (33 عاماً)، وذلك في إطار عملية نقل للسلطة يتنحى فيها أيضاً رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني من منصبه.
في خطوة هي الأخرى استثنائية في تاريخ بلدان الخليج العربي، كان انتقالاً سلساً أراده الأمير الوالد حمد بن خليفة آل ثاني في 25 يونيو 2013م، عندما تنازل عن الحكم للشيخ الشاب. أما الهدف فهو ضخ دماء جديدة في جسد الدولة الناهضة، فكان.
على أية حال، لم يكن الأمر سرّاً، فالأمير حمد سبق وقال في 25 حزيران/ يونيو 2013، إن "الوقت قد حان لفتح صفحة جديدة".
وقال: "ها هو المستقبل يا أبناء الوطن إذ تنتقلون إلى عهد جديد في ظل قيادة شابة تعمل دون كلل أو ملل".في 8 كانون الثاني / يناير 2005 تزوج الشيخ تميم من الشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني، وله منها الشيخة المياسة (مواليد 2006)، والشيخ حمد (مواليد 2008)، والشيخة عائشة (مواليد 2010).
وفي عام 2009 تزوج من العنود مانع الهاجري، وله منها الشيخة نائلة (مواليد 2010).
لقد نهض الأمير الوالد حمد بن خليفة بقطر عبر أدوات فاجأت الكثيرين، سواء على الصعيد الإعلامي، أو الاقتصادي، أو من حيث السياسة الخارجية، واشتباك الدوحة خلالها بملفات معقدة دوليا ونجحت في هضمها.
نجحت حتى صارت راية لا يمكن أن تقف تحتها بحيادية. فإما ان تحب قطر أو تقف أمامها غاضباً. وكيف لا وهي التي ساهمت في عهده بدور مركزي في الوقوف الى جانب الشعوب العربية، إعلاميا وسياسيا واقتصاديا.
إذن المطلوب ضمان مواصلة درب السياسة ذاتها، التي تجمع بين الأمس والغد، لكن عبر سياقات "اليوم". فبرزت فكرة الشيخ حمد بأن يقود بنفسه ثورة وضع خلالها هو بنفسه ابنه الشاب على سدة حكم بلد، بفعل أعمدة الحكمة الثلاثة تلك التي رعتها الدوحة برمش عينها، وهي: الاقتصاد، والاعلام، والسياسة الخارجية، حتى صارت سياساتها الخارجية إقليمياً وعالمياً، محطة اجبارية للمرور عليها في كثير من الملفات في المنطقة.
لكن لا شيء سيكون حقيقياً إذا لم ترفع قطر شأن "المحلي"، فكان حتى صارت أغنى دول العالم من حيث نصيب الفرد من الدخل القومي في العالم، وصار القطري يفاخر بدولته التي أبحرت في عالم التقدم والفِخار.