إلى الوزيرين: الطويسي وبريزات
مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/12 الساعة 01:44
ما كتبته في هذا الزاوية عشية تولي الصديق د. محمد ابو رمان مسؤولية وزارة الثقافة والشباب اسجله مرة اخرى واضعه على طاولة الصديقين : د. فارس بريزات، ود.باسم الطويسي، اعرف ان الخيارات التي املكها في الكتابة تختلف تماما عن الاضطرارات التي يواجهها الوزير والمسؤول، واعرف ايضا ان تجربة الصديق ابو رمان تستحق التقدير حتى وان لم تجد الطريق امامها سالكا كما يجب، لكن ما زال لدي الامل بان يكمل العزيزان اللذان اثق بهما الطويسي وبريزات البناء على ما تم انجازه، حتى وان كان جزء منه ما زال احلاما في الفضاء.
قبل ان ادخل في الموضوع لدي نقطة نظام ، وهي ان المجتمعات – مهما اختلفت تجاربها – تتعرض لموجة من الهجرات القصرية او الذاتية، ثمة من يهاجر الى الماضي للبحث عن ملاذات آمنة، وعن هوية يخشى عليها او يفتقدها، وثمة من يهاجر الى الحاضر والمستقبل، بالاستناد الى التاريخ او بدونه، لكن ما حدث بالنسبة لمجتمعاتنا كان شيئا آخر، فقد ضاعت بوصلة الهجرة – خاصة لدى الشباب - بين ماضٍ مختلف عليه، وتاريخ مليء بالامجاد الحقيقية والاخرى المزورة، وبين حاضر مزدحم بالازمات والجراحات والالآم، ومستقبل مجهول وملغوم ومخيف ايضا.
وسط هذه الموجات العاتية من «الهجرات» ثمة اسئلة ما تزال تلح علينا : هل تريدون ان نواجه التطرف والجريمة، وان نخرج من «فخ» المخدرات والانتحار، تريدون ان تقنعوا شبابنا بالبقاء في البلد وبالعمل، وان تغرسوا فيهم الروح الوطنية، تريدون ان يتحول مجتمعنا من مقاعد الفرجة والانتظار والاحباط والخوف الى ساحات المشاركة والإنتاج، ارجوكم لا تجلسوا في الغرف المغلقة لإعداد الاستراتيجيات المألوفة التي ستظل حبراً على ورق، لا توزعوا المهام «الرسمية» على الموظفين الصغار، انطلقوا على الفور الى ساحات المدارس وحرم الجامعات والمراكز الشبابية والاندية، هناك يقع «خزان» بشري عداده مئات الالاف من الشباب الذين يمكن ان نشتبك معهم، ونستثمر فيهم، ونتعلم منهم، هؤلاء هم الذين سيوجهون خططنا وابصارنا الى العنوان الصحيح لمواجهة كل الغوائل والعاديات التي تعصف بنا.
بدل ان تتحدثوا عنهم، تحدثوا معهم، وبدل ان تفكروا بالنيابة عنهم حاوروهم وفكروا معهم، وبدل ان تحاصروهم بالنصائح وتمارسوا معهم سلطة الوصاية والرقيب، دعوهم يعبروا عن أنفسهم بحرية ولا تتسابقوا الى تصنيفهم على اساس الاتجاهات المغشوشة والولاءات الزائفة،لا تضعوا أمامهم القيود والسدود لكي يصبحوا «نسخاً» مثلكم.
شتان بين ما قدمته بعض النخب لنا، وما قدمه الشباب الذين ما نزال نحاول ان نفرض الوصاية عليهم، وشتان بين ما تحظى به النخب من امتيازات وبين ما قدمناه لهؤلاء الشباب من مساعدات او حتى إشادات معنوية.
إذا كنا جادين حقاً في «خدمة» بلدنا وفي العمل من اجل ازدهاره فقد أصبح «الشباب» هم العنوان الصحيح الذي يجب ان نتوجه اليه، وهذا يحتاج الى اجراء «تغييرات» حقيقية في مجالاتنا الراكدة: مجال التعليم والثقافة والسياسة، والابداع الذي تجاهلناه ولا نعرف له «اباً» يرعاه. كل هذه المجالات تحتاج فعلا الى مراجعات شاملة تتجاوز ما ألفناه من سياسات التزيين والترقيع، وتتجاوز منطق الاستراتيجيات التي يضعها «خبراء» لا خبرة لديهم الا في التنظير والشطارة.
صديقاي وزيرا الثقافة و الشباب : نريد ان ننهض بشبابنا لكي نضمن نخباً جديدة تخرج من رحم مجتمعنا، وتعبر عن ضميره، وتليق بتاريخه وتتناسب مع مستقبله نحن بانتظار اجاباتكم من الميدان هذه المرة.
الدستور
قبل ان ادخل في الموضوع لدي نقطة نظام ، وهي ان المجتمعات – مهما اختلفت تجاربها – تتعرض لموجة من الهجرات القصرية او الذاتية، ثمة من يهاجر الى الماضي للبحث عن ملاذات آمنة، وعن هوية يخشى عليها او يفتقدها، وثمة من يهاجر الى الحاضر والمستقبل، بالاستناد الى التاريخ او بدونه، لكن ما حدث بالنسبة لمجتمعاتنا كان شيئا آخر، فقد ضاعت بوصلة الهجرة – خاصة لدى الشباب - بين ماضٍ مختلف عليه، وتاريخ مليء بالامجاد الحقيقية والاخرى المزورة، وبين حاضر مزدحم بالازمات والجراحات والالآم، ومستقبل مجهول وملغوم ومخيف ايضا.
وسط هذه الموجات العاتية من «الهجرات» ثمة اسئلة ما تزال تلح علينا : هل تريدون ان نواجه التطرف والجريمة، وان نخرج من «فخ» المخدرات والانتحار، تريدون ان تقنعوا شبابنا بالبقاء في البلد وبالعمل، وان تغرسوا فيهم الروح الوطنية، تريدون ان يتحول مجتمعنا من مقاعد الفرجة والانتظار والاحباط والخوف الى ساحات المشاركة والإنتاج، ارجوكم لا تجلسوا في الغرف المغلقة لإعداد الاستراتيجيات المألوفة التي ستظل حبراً على ورق، لا توزعوا المهام «الرسمية» على الموظفين الصغار، انطلقوا على الفور الى ساحات المدارس وحرم الجامعات والمراكز الشبابية والاندية، هناك يقع «خزان» بشري عداده مئات الالاف من الشباب الذين يمكن ان نشتبك معهم، ونستثمر فيهم، ونتعلم منهم، هؤلاء هم الذين سيوجهون خططنا وابصارنا الى العنوان الصحيح لمواجهة كل الغوائل والعاديات التي تعصف بنا.
بدل ان تتحدثوا عنهم، تحدثوا معهم، وبدل ان تفكروا بالنيابة عنهم حاوروهم وفكروا معهم، وبدل ان تحاصروهم بالنصائح وتمارسوا معهم سلطة الوصاية والرقيب، دعوهم يعبروا عن أنفسهم بحرية ولا تتسابقوا الى تصنيفهم على اساس الاتجاهات المغشوشة والولاءات الزائفة،لا تضعوا أمامهم القيود والسدود لكي يصبحوا «نسخاً» مثلكم.
شتان بين ما قدمته بعض النخب لنا، وما قدمه الشباب الذين ما نزال نحاول ان نفرض الوصاية عليهم، وشتان بين ما تحظى به النخب من امتيازات وبين ما قدمناه لهؤلاء الشباب من مساعدات او حتى إشادات معنوية.
إذا كنا جادين حقاً في «خدمة» بلدنا وفي العمل من اجل ازدهاره فقد أصبح «الشباب» هم العنوان الصحيح الذي يجب ان نتوجه اليه، وهذا يحتاج الى اجراء «تغييرات» حقيقية في مجالاتنا الراكدة: مجال التعليم والثقافة والسياسة، والابداع الذي تجاهلناه ولا نعرف له «اباً» يرعاه. كل هذه المجالات تحتاج فعلا الى مراجعات شاملة تتجاوز ما ألفناه من سياسات التزيين والترقيع، وتتجاوز منطق الاستراتيجيات التي يضعها «خبراء» لا خبرة لديهم الا في التنظير والشطارة.
صديقاي وزيرا الثقافة و الشباب : نريد ان ننهض بشبابنا لكي نضمن نخباً جديدة تخرج من رحم مجتمعنا، وتعبر عن ضميره، وتليق بتاريخه وتتناسب مع مستقبله نحن بانتظار اجاباتكم من الميدان هذه المرة.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/12 الساعة 01:44