الباقورة والغمر: انتصار واضح المعالم

مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/09 الساعة 23:44

باءت كل محاولات قادة الاحتلال الإسرائيلي؛ السياسية والإعلامية التي مورست على الأردن من أجل تمديد العمل بملحقي الباقورة والغمر بالفشل الذريع، وفي ذلك إثبات على قدرة المملكة بانتزاع حقوقها، والحفاظ عليها مهما كانت التكلفة التي ستتكبدها جراء موقفها الصلب بهذا الاتجاه، والذي أسس له جلالة الملك عندما أعلن العام الماضي انتهاء العمل بهذه الملاحق

محاولات عديدة قام بها الاحتلال، وبثتها ماكنة الإعلام الإسرائيلي من أجل زعزعة الموقف الأردني والتأثير شعبيا عليه عبر التشكيك بإمكانية عودة هذه الأراضي التي استؤجرت مدة 25 عاما إلى حضن المملكة، لكن كانت هناك درجة عالية من الثقة بأن ذلك ما هو إلا مراهقات سياسية إسرائيلية عبر أدوات هزيلة حاولت من خلالها بث السم في وسط المواطنين ووحدتهم وتضامنهم. فأبناء هذا الوطن مهما اختلفت توجهاتهم السياسية في الشأن المحلي، إلا أنهم يلتفون دوما ويلتقون معا في كل ما يتعلق بالشأن الوطني وبالقضايا المصيرية التي لا تنازل عنها مهما كان الثمن

اليوم الأحد يحتفل الأردنيون ببدء تطبيق القرار الملكي رسميا، وغدا الاثنين يعقد وزير الخارجية مؤتمرا صحفيا من منطقة الباقورة، وننتظر بعد ذلك أن تعم الأفراح جميع أرجاء المملكة بهذا اليوم الوطني بامتياز، وهي أفراح كفيلة بأن تلقي عن كاهلنا كل إرهاصات الحياة اليومية الصعبة التي نعيشها جراء الأوضاع الاقتصادية غير الاعتيادية التي نمر بها، والتحديات الخارجية التي تأتي نتيجة وقوعنا وسط دوامة أزمات في دول جوار شقيقة

مماحكات عديدة، ومحاولات ابتزاز لا تنتهي، مارستها إسرائيل على الأردن على مدار عام كامل، ولكن لحظة الحقيقة قد جاءت اليوم، وها هي عمان تعلن هزيمة تل أبيب، وتعلن انتصارها على هذه الدولة المحتلة المتغطرسة، وهو انتصار يزيده ألقا كونه يأتي في ظل تغير بالمشهد السياسي الدولي الذي تقوده أميركا، ويظهر انحيازا سافرا لإسرائيل، واعتبار أن القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع وضمان استمرار اتفاقيات السلام ليست أولوية، وأن إسرائيل، بالمفهوم الأميركي المزور للحقائق، لم تعد مزعزعة لاستقرار المنطقة، فقد تم حرف البوصلة باتجاه إيران على حساب قضايا المنطقة المصيرية

الإنجاز الذي تحقق، والصمود في وجه الرياح العاصفة التي هبت من غرب النهر طيلة عهد حكومة اليمين المتطرف، كفيل بأن يكون مدخلا أردنيا لمواجهة العنجهية الإسرائيلية في العديد من الملفات بين الطرفين، سواء في موضوع المياه أو المقدسات الإسلامية، أو اللاجئين، فمن ينتصر في معركة مهمة مثل هذه قادر على الانتصار في معارك أخرى

اليوم، على إسرائيل أن تدرك جيدا أن اللعب على وتر السياسة الخارجية الاستفزازية، والتطرف في المواقف تجاه الدول من أجل كسب معاركها الداخلية وتحسين موقع الحزب الحاكم في الصراعات الحزبية لتثبيت بقائه في الحكم، واللعب على أوتار التطرف كسبا لمزيد من الأصوات اليمينية المتطرفة، كل ذلك لن يعود بالنفع على من يمارسه، فمصلحتها تكمن في الفصل بين السياستين، وتطوير العلاقة مع الأردن يتطلب إعادة بناء الثقة التي تهدمت على يد بنيامين نتنياهو، وهو الذي لم يترك فرصة إلا وأخل فيها بالالتزامات والاتفاقيات المبرمة بين الطرفين

المشهد اليوم يؤكد هزيمة كبيرة لسياسات اليمين الإسرائيلي الذي اعتقد لوهلة أنه سيعيش الحلم الصهيوني حتى اليوم. في الجهة المقابلة ثمة انتصار أردني واضح، أحرزه بدبلوماسية عالية التكنيك، ظل خلالها يعمل بتأنٍ وصبر، ولكن بعزيمة لا تلين.

الغد

مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/09 الساعة 23:44