سلمان بن عبدالعزيز.. لنحكي قصة العرب (بورتريه)

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/27 الساعة 16:37
مدار الساعة – عواد الخلايلة -

ليس سهلاً أن تكون ملكاً اليوم. فالمهمة قاسية، رغم قداستها، والدور مرهق رغم جلاله.

نحن هنا نحكي قصة العرب في حقبة ما بعد ربيعهم، أو في النسخة الأولى منه.

في الحكاية ألف وجع ووجع، على أنها مهمة مقدسة تلك التي نفخت في قلب المنطقة قبلة الحياة. في البدء لم تكن ثورات وياسمين. ما كان في الحقيقة أن الموت جاء ليحضّر أكفانه للناس برعاية الدم.

قيل لهم "ياسمين"، وقيل أيضا شيء من ورد سيزهر في بلاد العرب. فأفاق الناس على الموت يشرب قهوته في حدائقهم الخلفية راعيا شؤونهم الصباحية.

طلّ الدم في أرض العرب. لكن، كان هناك حيث أطراف الصحراء، أعني في القلب من أرض العرب، رجال لا يريدون للحكاية ان تسدل ستائرها على الألم.

هناك ولد المستشار الشخصي لملوك المملكة. في 31 ديسمبر/ كانون الأول 1935، وهناك عاش، وهناك أراد أن يعيد للمنطقة سيرتها الأولى.

خلف تلال ذات ربيع ممتد منذ قرون وقرون، علا صاحب القرآن الكريم، منذ أن كان عمره أحد عشر عاماً. صوت راعش أوجعه ما في الناس من ألم فصرخ: يا ناس هلم نعيد للجسد العاري ثوبه الأبيض.

المهمة هي أن يعيد الملك سلمان للمنطقة حياتها، وللدين صورته الأولى، بعد أن طاف الإرهاب بأرض المتعبين.

طاف حتى امتدّ. وامتد حتى اشتد، ثم ها هو قد خبا أو إنه أوشك، بعد أن نفض رجال في صحراء ذات ربيع وياسمين، عن ملامح الإرهاب قناعه الأسود.

"إنه أسود" قال الفرسان للناس، وقد رأوا ما لا يرى الناس. صرخوا: "إنه الموت يا قوم". قالوا ذلك، وهرعوا الى حيث "فزعة الحنين" فرسان تتقطع في قلوبهم آهات الخوف على العرب.

عندما تولى سابع الملوك في 23 يناير/ كانون الثاني 2015 العرش خلفا لأخيه الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، لكن البداية كانت قبل ذلك بعقود وتحديدا في 16 مارس/ آذار 1954، عندما عين أميرا لمنطقة الرياض بالنيابة عن أخيه الأمير نايف, وبقي في المنصب أكثر من خمسين عاما.

في 2015 بدأ عام من حزم في اليمن، صار "يعصف" بالطغيان "أن إرعوي"، فخُلع مخلوع، وحثّ التراب على وجه حوثيّ رغم أنف المعممين السود.

حينها قال أسود الجزيرة: "هي اليمن، وهي الأمل. عربية، ذات عيون سود، وظفائر فصيحة، بلا لحن يَغُبُّ الكلام، غبّا مجوسيا، يقول شيئا - وكأنه يريد إيهام الناس انه من الدين - فيلحن ويتعرى".

تلك الظفائر فصيحة، صنعاء وعدن .. تعز وصعدة .. كلها كلها "، قال أسود الجزيرة الرابضون هناك، حيث الحجاز.

هو رئيس مجلس الوزراء السعودي وهو القائد الأعلى للقوات العسكرية، والابن الخامس والعشرون من الأبناء الذكور للملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود من زوجته الأميرة حصة بنت أحمد السديري.

"سنظل متمسكين بالنهج القويم الذي سارت عليه هذه الدولة منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبد العزيز رحمه الله وعلى أيدي أبنائه من بعده رحمهم الله ولن نحيد عنه أبدا". قال الملك سلمان بن عبد العزيز كلمته، عاصفة أوجعها ان يكشف معممون بالسواد - كانوا منا - ساقا عربية لغريب، فانتفض الدم الحامي يذود عن شرف الأمة، مرة ضد المعممين السود وصبيانهم في صعدة، ومرة أخرى ضد المقنعين السود في المستباح من الرقة وأخواتها.

هنا ركن الرياض وأمين سرها. هنا عزّ العرب. هنا أيقظ خادم الحرمين فكرة في الناس أن النصر صبر ساعة. فصبر الناس وها قد أوشكت الساعة أن تنقضي.

كانت الساعة حينها تشير إلى الدقيقة الأولى من المجد. دقت ساعة الحزم. فتحرك العقرب نحو الصدارة. كانت الأرض متعبة، تحرك العقرب أكثر، فدقت الساعة مجددا، فيما عقارب السماء تشير إلى سياج من عز سيعيد للبحر زرقته، وللسماء غيمها، وللأرض ترابها الرمادي الصافي. بلا دم لكن سلام في سلام، حينها كان القتال في مضيق باب المندب، وحوله، وفوقه، وفيه. وكان القتال في عدن، وكان في الحديدة، وكان وكان.

في ركن ملاصق للعز سيقول الفرسان كلمتهم. وفي الأمجاد السماوية سيرتقي الشهداء أطيافاً نورانية، كان الأبطال هناك. وما زال الأبطال هناك. يقاتلون "أسودَ" يريد أن يلقي بأجيال العرب سنوات وسنوات في نفق مكسور الجناح.

ليس بالحِمل العادي أن يعيش المرء في دهر روى فيه القريب قبل الغريب قصصا من دماء العرب، كنا نظن أنها لا تكون إلا في الكتب القديمة، فنصدقها ولا نصدقها. فكيف إن كان الحال قائدا يحمل في صدره همّ العرب.

في اللحظات الاستثنائية لا تجدي نفعا قرارات عادية، ولا رجال عاديون. ألم يقل الناس قبل هذا إن لكل مقام مقال. إن اللحظات التاريخية، تلك التي وكأنها خرجت للتو من أمهات المراجع التاريخية للأمم والشعوب تحتاج الى رجال استثنائيين يلتقطون لحظتها، وينسجونها برمش العين انتصارات وأمجادا.

هذا بالضبط ما كان لملك من حزم يقود مرحلة تصنع أمة. مرحلة تحيك للعرب جدران حماية بعد أن كاد أن يتخطفها الجن المعممون سودا وسودا. في الأولى حيث عجم ليسوا كالعجم، وفي الثانية حيث قوم يكتبون حرفنا، وينشدون مثلنا، ويلبسون ما نلبس، سوى أنهم ليسوا منا ولسنا منهم.

خاض خادم الحرمين الشريفين مع إخوته العرب، معركة الأمة على جناحي الأمل والحزم. كانت شهورا فيها الكثير من الحزم والكثير من الأمل أيضا. وما زالوا..

هنا في قمة عمّان، سيحضر الملك، بهيبته، وقبل ذلك بحبّ العمّانيين والأردنيين وعشقهم له..
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/27 الساعة 16:37