ملاعبة يكتب: الأودية العملاقة .. جمال يحصد الأرواح تحت مطرقة التجاوزات

مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/25 الساعة 13:24

*أ.د. أحمد ملاعبة
قبل عام وبمثل هذا التاريخ توشحت النفوس بالحزن والقتام بعد فاجعة البحر الميت وبالتحديد يوم الخميس 25/ 8 /2919 إثر فيضان وادي زرقاء ماعين والذي قضى فيه ٢١ شهيدا جلهم من فلذات أكباد أبناء الوطن .. وتكرر المشهد يوم الجمعة الحزينة 9/ 11 /2019 "وبقوة عنيفة وفي مناطق متعددة من الوطن امتدت من وادي الوالة وبلدات مليحة وذيبان والجديدة في محافظة مادبا والطريق الصحراوي.

لم تعد التحذيرات التي تطلقها دائرة الأرصاد الجوية أو مديرية الدفاع المدني ومديرية الامن العام وغيرها من الجهات الرسمية كافية لإيقاف المواطن الأردني عن التنزه في أماكن الخطر وخصوصا أودية البحر الميت.

على الرغم من التحذير الواضح و الصريح من أن منخفضا جويا قويا سيكون المتصدر على مجريات الطقس والجو والتضاريس إلا أن الكثيرين من المتوقع انهم سيخرجون من بيوتهم ويدخلون إلى جوف الأودية في البحر الميت .. وستكرر كانت القصة في وادي "الحمارة أو عينين الحميرة" وهو وادي جميل يقع بجانب وادي عسال "الوادي ذو اللون العسلي" ووادي ماعين وغيره.

وفي دراسة عملية وميدانية اجريت على مسارات أودية البحر الميت ووضحت نتائجها أن الاودية بمجملها حصل فيها فيضانات تزامنت مع كارثة وادي زرقاء ماعين وحتى أن بعضها طافت فيه المياه إلى ارتفاع تجاوز العشرة أمتار وبعضها غطت الجسور وهدمت جسر وادي المنشأة.. وجرفت مئات الأطنان من الركام الناعم والخشن وحتى الأشجار اقتعلت من جذورها وجرفتها مياه الفيضانات إلى البحر.

التصريحات الرسمية وضحت أن تؤجل الرحلة العائلية والمدرسية والفردية إلى الأودية خلال هذه الفترة خوفا من وقوع كارثة أو أزمات جديدة.

صحيح أن سياحة الأفراد والعائلات أمر صحي ومطلوب وأن تنشيط السياحة الداخلية مطلب شعبي ورسمي ولكن المحاذير والمخاطر تعطي إشارة خطرة أكثر من أي وقت مضى حيث توقع هطول الأمطار الكثيفة وحصول الفيضانات الوميضية المفاجئة لكن مستوى جاهزية وسلامة الطرق والآليات كلها تفرض حرص أكبر لدرء وقوع كوارث جديدة.

إن توعية المواطنين بخطورة الأوضاع الجوية تشير إلى اننا بحاجة إلى حملة إعلامية مكثفة وأن الإعلام البيئي والمجتمعي أصبح بحاجة إلى آلية جديدة تواكب المرحلة، لأن الاعتماد على درجات وعي المواطن لم تعد تعطي الجدوى المطلوبة.
ولعل من الجدير الإشادة به ما قامت مديرية الدفاع المدني من شراء قوارب نجاة وتنجيد عشرات من الغطاسين الاكفياء تحسبا لأية طاريء.

ومع التاكيد على أننا لا نريد أن نقتل جمال الطبيعة الساحرة للأردن وخصوصا البحر الميت وأوديته الجميلة ذات التنوع الحيوي وخصوصا المائي المثير والجاذب سياحيا .. لكن نحتاج إلى فترة زمنية لإعادة تقييم المكنونات السياحية وتأهيل هذه الأودية وتحديد أماكن الخطر ومناطق التنزه الآمنة.

ما جرى يتطلب منا سريعا إلى مراقبة الأودية العديدة مثل وادي سويمة والحسا والكرك والزارة وعسال وزرقاء ماعين والدردور والمنشلة وغيرها الكثير اما مراقبة بشرية أو إلكترونية

وثمة نقطة مهمة لابد من التركيز عليها أن كثرة الأخطاء والإعلام السلبي سوف يؤدي إلى أن نحكم على أودية البحر الميت بالموت .. ولذلك لا بد من اجراء التدابير والمتطلبات التي تحد من المخاطر وتقلل من سقف الخسائر إضافة إلى بذل قصارى الجهد لإعادة الحياة والسياحة إلى البحر والاودية.

*خبير إدارة الكوارث والأزمات

مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/25 الساعة 13:24