المطلوب رأس حزب الله
مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/24 الساعة 07:51
الذين يحللون المشهد في لبنان، بمعزل عن الإقليم يقعون في خطأ كبير، إذ إن المشهد في ظاهره قائم على الاحتجاجات الشعبية، لكنه عبر ادارته قائم على مواجهة حزب الله اولا
لم تتمكن عواصم عدة في العالم من انهاء الخطر الإيراني مباشرة، برغم العقوبات المفروضة على طهران، فتم تصنيع استراتيجية جديدة تقوم على مواجهة ايران في الساحات التي باتت محسوبة عليها، من سورية حيث تدور معركة كبرى ضد المعسكر الإيراني وتوابعه، مرورا بالعراق حيث خرجت الجماهير لتهتف ضد ايران والسياسيين المحسوبين عليها، بسبب الأوضاع الاقتصادية وتفشي المظالم، واليمن حيث المعركة مع الحوثيين المحسوبين على ايران، بما يعنيه ذلك على صعيد الإقليم، وصولا الى لبنان حيث المظالم الشعبية والفساد وتردي الأوضاع، وسائل من اجل هز النظام السياسي في لبنان، الذي يعد الى حد كبير بيد حزب الله، ونفوذه وزاريا ونيابيا وعسكريا واقتصاديا
هذا لا يسلب الشعب اللبناني حقه في التعبير عن ازماته، لكننا نتحدث هنا عن نوعين من القوى، الأولى التي اشعلت الشرارة ضد النظام السياسي في لبنان، والثانية القوى التي دخلت على الخط من اجل توظيف الحراك الشعبي لحشر حزب الله في الزاوية
ليس أدل على ذلك من خطاب حسن نصر الله، الذي حاول استيعاب المحتجين، وأيضا توجيهات الحزب لأنصاره بعدم الاحتكاك بأحد، حتى لا يتم استدراج الحزب الى الفخ المطلوب، إضافة الى غياب كل انصار حزب الله وجماعة نبيه بري عن هذه التحركات، في سياقات شيعية سياسية تدرك ان المطلوب رأس حزب الله، ونفوذه في الطبقة السياسية اللبنانية اليوم، ومن اجل وضعه في حالة دفاع عن النفس، وهز بنيته السياسية
إذا تأملنا القوى التي تشارك في هذه الاحتجاجات فهي إما قوى شعبية تأثرت بالغضب الاجتماعي والتحريك الإعلامي، وإما قوى لبنانية مسيحية غير متحالفة مع حزب الله، او قوى لبنانية سنية تعادي حزب الله، كما في طرابلس مثلا، أما المطلوب فهو كل التركيبة التي يديرها حزب الله في لبنان، من الرئيس ميشيل عون القريب من حزب الله، او وزير الخارجية اللبناني وحزبه، او بقية الوزراء المحسوبين على حزب الله، او حركة امل، وبمعنى ادق يراد هدم المعسكر الإيراني في لبنان، عبر تجييش الملايين لأسباب معيشية، وبحيث يقف اللبنانيون في جهة، وحزب الله وحلفاؤه في جهة أخرى
حتى الآن يدرك حزب الله، هذا الاتجاه ويحاول ان يبتعد عن المواجهة، لكن الأخطر هو تلك القوى في لبنان التي لن تصبر طويلا، ولن تبقى الى ما لا نهاية في الشارع اللبناني، دون ان تحقق هدفها، إما عبر إسقاط كل تركيبة حزب الله في لبنان، وصولا إلى ملفات سلاح الحزب ونفوذه العسكري، ودور الجيش اللبناني بالمقابل، أو تفجير لبنان من الداخل برغم ان سيناريو التفجير، قد لا يكون مطلوبا ولا محبذا من جانب قوى عربية وإقليمية ودولية، في التوقيت الحالي على الأقل، ولاعتبارات مختلفة
المشهد الأسوأ الذي تتم صناعته في لبنان، يتكون من عنصرين، أولهما ان اللبنانيين باتوا يرفضون كل الحلول، ولا احد قادر على منع تدفقهم الى الشوارع، اذ لا يريدون انتخابات مبكرة، ولا تعديلا عن الحكومة، وسقف مطالبهم بات إسقاط النظام، وكلهم يعرف ان النظام في لبنان على الرغم من تنويعاته الشكلية بات إيرانيا بوجه عربي، والثاني كلفة ترسيم حزب الله ومن معه في معسكر معاند للشارع، ويتفرج على مشهد اللبنانيين، بشكل يقر عبره انه يعرف أنه المستهدف النهائي من عمليات توظيف مظالم اللبنانيين نحو هدف اخطر، وهو إعادة خلط الأوراق في لبنان، وربما اشعال نار كبرى
نحن كما قلت سابقا، امام حرب ناعمة على ايران في لبنان، مثل تلك الحرب التي تم اطلاقها في العراق قبل أسابيع على شكل مظاهرات احتجاجية، وهو أمر بات متاحا بسبب كثرة المظالم، ووجود وكلاء سياسيين ينفذون أجندات إقليمية ودولية استثمارا لهذه المظالم، وعلينا أن نتمنى فقط ألا تخرج الأمور عن السيطرة، والا يندفع لبنان نحو الهاوية.
الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/24 الساعة 07:51