حسين هزاع المجالي.. هل انتقد سلامة حماد أم فاضل الحمود
مدار الساعة - “خطأ من النوع الفنّيّ التقني” يبدو أنه كان أحد أهم وأخطر ما تسبب بأحداث الخامس من أيلول/ سبتمبر الماضي، أي اليوم الذي بدأ فيه اعتصام المعلمين في الأردن وتسبب لاحقاً بإدخال البلاد جميعا في أزمة الإضراب الطويل الممتد لشهر.
بهذا المعنى ولغاية التعلم من الأخطاء من جهة، ومتابعة المسؤولية عن احداث ذلك اليوم من جهة ثانية وبالتالي المحاسبة على أساسها من جهة ثالثة، يمكن التدقيق برأي فني خبير من وزن رأي الجنرال ووزير الداخلية الأسبق حسين المجالي.
“وُضع رجال الأمن العام بالمقدمة، وهم يحملون الهروات (العصي) والغاز المسيل للدموع، بينما هم في الواقع غير مدربين على التعامل مع مثل هذه الحالات، ولا مؤهلين لها، بدا خطأ كبير من الناحية الأمنية، فمن كان ينبغي أن يتقدم هو عناصر الدرك، إن كان لدى أي جهة نية في إظهار قدر من التشدد”، هذه ملاحظة شديدة التقنية استمعت لها “رأي اليوم” باهتمام من وزير الداخلية الأسبق المجالي في آخر أيام أزمة الإضراب.
التوضيحات التي طلبتها وتحققت منها “رأي اليوم” لاحقا تقول فعلا أن رجال الامن العام كانوا بالصفوف الامامية ومسلحين بالهروات والغضب في وقت لا ينبغي لمثل هذه المهمة أن تكون لهم، خصوصا بعدما بات جهاز الدرك منفصلا تماما عن الامن، ومن يتذكر المشاهد حينها يمكنه تمييز هذه الجزئية.
الدرك ومن خلفه لواء الصحراء تواجدا بالصفوف الخلفية، وهي حالة تذكر عمليا، مع استثناء وجود الأسلحة بما كان يحصل في فترة الربيع العربي والتي كان فيها المجالي ذاته مديرا للامن العام، وهنا يذكر الأخير بان الرسالة التي كان يريد ايصالها من وجود الامن غير مسلح ومعه تعليمات صارمة بضبط النفس كان أولا للتأكيد على سلمية الغاية من وجود العناصر الأمنية، وثانيا للدلالة على وعي الأجهزة الأمنية بانها في موقع قوة ومن قاعدة ان القوي “يصبر ولا يكسر” بحسب رد المجالي على المقارنة المذكورة.
طبعا هذا لا يعفي الأجهزة الأمنية من أخطاء حصلت في مرحلة الربيع العربي، ولكنه بذات الوقت يظهر رؤية أخرى تضاءلت مساحتها اليوم في الدولة الأردنية.
إذن، فالحكمة التي حاولت- إن كانت قد حاولت فعلا- الحكومة اظهارها عبر تصدير قوات الامن العام في المشهد، يفترض انها كانت تنضوي على “سلمية التعامل”، وهو ما يناقضه بالضرورة تسليح هذا الجهاز الذي أوكلت له مهمة لا ينبغي ان يحملها بعدما بات عمله ومنذ أعوام “شُرطيّاً خالصا”.
الحكومة اختارت ان تنزل عناصر الامن العام بأسلحتهم التي هم غير مدربين ولا مؤهلين على استخدامها في التجمعات من جهة، وهم أساسا يظهرون في مهمة ليست مهمتهم من جهة ثانية، ما أدى لاختلاط كبير في التعامل مع المعلمين، واسهم في حالات العنف غير المبررة، حيث تصرّف رجال الامن بناء على فطرتهم الإنسانية اكثر مما هو على تدريبهم وتأهيلهم، ومن يشعر بالغضب وهو معه “هراوة” غير من يستشعر الغضب وهو غير مسلح ولديه تعليمات بضبط النفس.
بالنسبة للمجالي، وكخبير في الأجهزة الأمنية، فإن اسناد مهمة كالمذكورة لجهاز غير معني بها يعني ثلاثة أمور: الأول أن الجهاز الذي تسند له مهمة هو غير مجهز لها سيفقد تركيزه على مهامه الأصلية، ثانيا وبالضرورة انه لن يتقن المهمة الجديدة، ثالثا وهو الأخطر ان الجهاز المذكور سيظن ان انتقاؤه بسبب ولائه الأكبر للوطن، أو قدراته الاستثنائية وبالتالي قد يتعامل بشيء من الاستعلاء في المهمة الموكولة اليه، وأخيرا بعد كل ذلك يرى الجنرال الخبير ان تكرار ذلك سيؤثر بالمجمل على أداء المؤسسات المذكورة وبالتالي لاحقا تفككها.
المجالي ختم تلك “الدردشة” بالاشادة بقدرة ذات الأجهزة وفي اليوم التالي على احتواء المشهد تماما، مشيرا ان الجهاز الأمني الأردني يحمل الكثير من الكفاءات ولا ينقصه التدريب ان وضع بالمكان والظرف الملائمين من جهة، وان تمت مراعاة وعيه بالظروف المحيطة وصعوبتها.
بكل الأحوال، يحمل حديث المجالي واحدا من اهم التشخيصات الفنية الأمنية والتي تخدم بكل تفاصيلها تحقيقات لا يزال الأردنيون بانتظار نتائجها ويتساءل المعلمون عن أسباب تأخرها بينما قررت الحكومة النأي بنفسها عنها ومنح تفاصيلها للمجلس الوطني لحقوق الانسان وبمجلس ادارته الجديد الذي يقف اليوم امام اول اختبارات ثقة الشارع به.
الأهم من كل ما ورد، ان الأجهزة الأمنية بحد ذاتها لا ينبغي ان يحمل عناصرها على الأرض مسؤولية ما حصل وحدهم، فمن وزع المهام واوكل مهمة تحصين الدوار الرابع للامن عليه بالضرورة دفع الثمن، وهنا المسؤول المباشر يكون وزير الداخلية سلامة حماد على الاغلب.(رأي اليوم)