ملف الأقصى ليس دينيا فقط
مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/15 الساعة 23:26
ملف المسجد الأقصى، وعلاقته بالأردن تحديدا، ملف حساس جدا، وإذا كان هذا الملف يعني للأردن الكثير، إلا أن نقطة الضعف فيه، كثرة التعبير عنه عبر وزارة الأوقاف، في أغلب الحالات، مع احترامنا للوزارة، غير ان القصة أعقد من تكييفها ضمن سقف مسجد مهدد
خلال الأيام الأخيرة أصدر وزير الأوقاف بيانا جيدا ردا على تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي، بخصوص حق عبادة اليهود في المسجد الأقصى، ويوم امس صرح الناطق باسم وزارة الأوقاف تصريحا ضد ذات الوزير الإسرائيلي حول مصلى باب الرحمة، الذي يريد الوزير الإسرائيلي ان يكون مجرد مكتبة، فيما الرد الأردني تحدث عن كون الموقع مصلى
والقصة هنا ليست نقد وزارة الأوقاف، التي لها جهد كبير ومقدر، إذ لولا أوقاف القدس التابعة للأردن لحدثت تطورات كثيرة، هذا فوق الأعباء التي تواجهها الوزارة في هذا الصدد
لا بد هنا من الحديث بصراحة ووضوح، دون غمز من قناة أحد، اذ إن ملف الحرم القدسي، يعد ملفا سياسيا إضافة الى كونه يعد ملفا دينيا، لكن كثرة التركيز على الملف من زاوية أننا أمام مشكلة يجابهها مسجد يرعاه الأردن، يعد تركيزا غير مناسب في بعض الحالات، خصوصا، أن إسرائيل ذاتها تتعامل مع الملف باعتباره سياسيا، من زاوية التعامل مع القدس على أساس انها عاصمة إسرائيل، وأن درة القدس أي الحرم القدسي، يجب ان يخضع للتهويد او التقاسم في سياقات مشروع إسرائيل السياسي، بسماته المختلفة
هذا يعني أن الأردن وهو يرى تهديدا لوصايته على المسجد الأقصى، يدرك أن التهديد له سمة سياسية مباشرة، تتعلق بدور الأردن، ومساحته، واثر هذا التهديد على القضية الفلسطينية، وارتداد ذلك على الأردن وعلى المنطقة، ومن هذه الزاوية، لا يصح مواصلة التعبير فقط عن موقف الأردن من المسجد الأقصى، عبر وزارة الأوقاف، وكأننا امام مسجد من بين مئات المساجد التي ترعاها الوزارة، وتتابع شؤونها، وتقدم لها موازنات الموظفين والترميم وغير ذلك، تعبيرا عن الرعاية
لا بد من عودة التعبيرات إلى سقفها السياسي الأعلى، فنحن امام خطر سياسي بسمته الدينية والاجتماعية، وهذا التعبير لابد أن يأتي على لسان مسؤولين كبار، لا أن تبقى محصورة باسم وزير الأوقاف أو الناطق الرسمي باسم وزارة الأوقاف او وزارة الخارجية، دون ان يعني ذلك انتقاصا لأحد منهم، في كل الأحوال، وهنا يشار بشكل واضح إلى حاجة الأردن إلى تحرك على مستوى سياسي عال عربيا ودوليا، من اجل الوقوف في وجه الاخطار الإسرائيلية التي تهدد الحرم القدسي، فوق الحاجة إلى تعبيرات سياسية على ألسن مسؤولين كبار للتعبير عن هذه القضية بمعناها السياسي-الديني، وليس حصر الموضوع في زاوية الملف الديني، بما يكرس الانطباع اننا امام وقف إسلامي نرعاه، بما يعزل كل العوامل الأكثر حساسية في هذه القصة الكبيرة جدا
هناك تسارع في التهديدات الإسرائيلية، واذا كان سوار المسجد الأقصى هو الذين يعيشون في القدس، أولا، فإننا أمام خطر مركب يوجب اتخاذ إجراءات اكبر، لا تخفيض سقف المعالجة، ولا البقاء في خانة انتظار الخطر الأكبر، من اجل التحرك، مع الايحاءات الإسرائيلية حول احتمال تكرار سيناريو الحرم الابراهيمي في الخليل، أي تقاسم الحرم القدسي، زمانيا ومكانيا، وهو المشروع الأخطر الذي تتم التوطئة له كل يوم، عبر السياسات الإسرائيلية داخل القدس، وفي البلدة القديمة، وداخل الحرم القدسي ذاته
وعلينا ان ندرك ان ظهر المنطقة مكشوف اليوم، بكل ما نراه من أزمات وصراعات، وتغير في الأولويات، وهذا يجعلنا في موقع اكثر حساسية، وحاجتنا تتضاعف من اجل حماية وجودنا من جهة، وعدم السماح أيضا، بإنزال كلف التغيرات السياسية التي يتسبب بها الاحتلال، على حسابنا، في هذا التوقيت بالذات، الذي ينضم فيه الأميركيون علنا الى معسكر تهويد القدس، دون ادنى حسابات بشأن أي طرف آخر في المنطقة.(الغد)
مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/15 الساعة 23:26