الرأي العام بين التشكيك والرقابة على أداء المسؤولين

مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/15 الساعة 13:46

من أشعار سليمان المشيني قال: «أنا الأردن ضرب الأمثال شعبي بالشهامة يحمل الفأس بساعد يرفع الرمح مجاهد يتحدّى الهول صامد صاغ نصر العرب في يوم الكرامة أنا الأردن».

كم كان لهذه الكلمات من وقع على الروح المعنوية للأردنيين عندما تردد على أثير إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية، وكم تذكرنا اليوم بأيامٍ طيبة كان المجتمع فيه أكثر صحةً وترابطاً.

اليوم وبسبب ثورة الاتصالات ووسائل التواصل الإجتماعي أصبحنا نستيقظ على صخب الأخبار والمعلومات، بعضها متضارب، وبعضها الآخر تتوه فيه الحقيقة من كثر اللغط.

في حين أن منصات التواصل الإجتماعي تعزز الحق الدستوري بالتعبير عن الرأي، إلّا أن كثيراً أصبح يستغل هذه المنصات لبث مواد تضر ولا تفيد تتنوع بين الإشاعات والمعلومات المغلوطة والفتن ما ظهر منها وما بطن.

نجد أن طبيعة النفس البشرية تميل غالباً للبحث عن الخطأ، ويتعزز عادة حس الفضول لدى الإنسان عند ذكر مشكلة ما أو فضيحة، ويأتي بعدها ما أصبح شبه ثقافة شعبية مبنية على مقولة متوارثة هي «لا دخان بلا نار»، فيستغل الباحث عن الشهرة والمشاهدات وتعبيرات وسائل التواصل الاجتماعي هذا لمصالح شخصية وتجده يجلد الوطن ومنجزاته ليلاً نهاراً مستجدياً «إعجاب» من هنا و«مشاهدة» من هناك حتى أصبح الفأس المذكورة بالأبيات أعلاه لضرب عود الوطن وتفتيت منجزاته، والرمح للطعن بمؤسساته، وأصبح البعض شغله الشاغل تحدي الوطن نفسه لا الهول الذي يلاحقه.

ما زلنا ولهذه اللحظة نصفق لسلفنا الذين صاغوا نصر الكرامة، وأخشى اليوم ما سنترك لنسلنا ليتحدثوا عنه عنّا كسلف! نحتاج الكثير، نحتاج إلى صحوة تميّز بين نار الإشاعة، ونطق الحقيقة من أجل الوطن.

نحتاج لوعي أن الرقابة لا تأتي بمفهوم الشتم والقدح والذم.

نحتاج إلى ثورة انسجام فكري يوحدنا في الإخلاص للوطن والارتقاء بالحوار بعيداً عن الشخصنة.

بالخلاصة فإن مسؤولية وقف حالة التشكيك في كل ما يخص الدولة لا تتوقف فقط على المواطن، فللدولة عن طريق سلطاتها الثلاث أيضاً دور كبير وأساسي في زرع الثقة في نفوس الشعب، وهذا يحتاج شفافية على مستوى عال ووضوح ساطع في الرأي والموقف الرسمي في أي موضوع يُثار من قبل الرأي العام، وهو مما لا شك فيه أننا نفتقد اليوم.

أما نحن كمواطنين فما علينا إلّا الان الالتزام بحدود واجباتنا وحقوقنا ضمن الدستور، وهذا كفيل بأن يجعل الأردن أفضل.

الهدف ليس أن تحدّد حرية التعبير فهي حتماً مطلوبة، بل هي إحدى علامات تقدّم الدول، لكن بشرط أن تكون ضمن حدود القانون بعيداً عن الكذب وإثارة الفتن والمشاكل بحثاً عن الشهرة وحب الظهور.

على الجميع أن يعلم أن المنصب والشهرة الزائفة فانيان، ولن يبقى إلّا الوطن، أمانة الآباء والأجداد فلنحفظه ونصونه علّ نسلنا يمجّد فعلنا يوماً كما نمجدّ لليوم أبطال الكرامة.(الراي)

مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/15 الساعة 13:46