دوائرنا في مؤسساتنا بحاجة إلى مدراء على قدر المسؤولية
تكلمنا سابقاً في أكثرِ من مقالةٍ لنا عن مواصفات رأس الهرم (المسؤول القائد) في أي مؤسسة سواء أكانت حكومية أو مدنية. آخذين بعين الإعتبار أن أمتنا الإسلامية والعربية ذات تركيبة عشائرية وعائلية خاصة، وفي أردننا العزيز مواطنيه من شتى المنابت والأصول. وهذا التنوع في مكونات أي مجتمع تزيد الأمر تعقيداً عند الحاكم ورأس الهرم في أي مؤسسة في من يختار معه في إدارة دفة الحكم في بلده أو في مؤسسته بالترتيب. ولكن حتى تكون القيادات العليا التي تتولى مؤسسات الدولة ناجحة ومنتجه، يجب أن يكون إختيارهم على الكفاءة وقوة الشخصية والدراية والمعرفة التامة بقوانين ومسؤوليات كل مؤسسة ومسؤولية من يتولى أي إدارة في هذه المؤسسات في كل مستوياتها. أو على الأقل أن يكون مستشار أو مستشاري أو نواب ومساعدي رأس الهرم في أي مؤسسة أمينين ومخلصين في إسداء النصيحة لرأس الهرم في المؤسسة، حتى يستطيع إتخاذ القرار المناسب للشخص المعني في الأمر. وإلا فستكون إدارة أمور المؤسسة فيها مضيعة للوقت والجهد والموارد والإساءة لرأس الهرم قبل غيره من المسؤولين الأقل في الرتبة وفق الهيكل الإداري فيها.
دعونا نقرب لكم كيف يكون ذلك في مثال حي لو طبق على أي مؤسسة من مؤسساتنا. فلو أخذنا مؤسسة من مؤسساتنا الكبيرة في وطننا العزيز وتابع لها سكن لموظفيها داخل حرمها. وحضر أحد القاطنين في السكن إلى سكنه بعد أن كان مجازاً لعدة أيام ووجد فجأة أن مياه خزانات شقته فارغة من المياه رغم أن مياه السلطة كانت في دورتها وقوية وجميع خزانات مياه بقية الشقق مليئة والمياه من قوتها من مصلحة المياه تجري في شوارع السكن. وهذا الموظف عندما صعد إلى سطح العمارة التي يقطن فيها وجد أن أحد القاطنين في العمارة قد أغلق عليه محبس مياه السلطة على خزانات مياهه بالقصد، لماذا؟ لأن هذا الموظف قد فك مقبض محبس مياه السلطة عن محبسه حتى لا يعبث أحد به. مما يؤكد أن الذي أقدم على إغلاق محبس مياه البلدية على خزاناته قاصدها، كيف؟ لأنه لا يستطيع إغلاق المحبس إلإ إذا أحضر مقبض للمحبس أو زراديه لإغلاقه. فلا ندري كيف تهون على هذا القاطن المثقف والمتعلم نفسه أن يغلق المياه على زميل له دون سبب؟ وهل هو إنسان؟ وهل يخاف الله؟ وهل عنده من الرجولة والمروءة شيء أن يخفي نفسه؟ ولماذا هذا الأذى لغيره؟ وعندما سموها وزارة التربية والتعليم وضعوا التربية قبل التعليم، فالتربية اهم من التعليم، لأنه لو كان متربياً منذ الصغر في دار أهله على المثل العليا ما أقدم على هذا العمل. والناس كما يقال منذ القدم شركاء في الماء والكلأ والهواء. في نظرنا مثل هذه النوعية من البشر يجب أن تحرم من أن تأخذ سكن مع آخرين ويجب أن يسكن لوحده منعزل عن أهل الحضارة.
والأدهى والأمر من ذلك عندما يتخلى أو يتهرب أي مسؤول آخر في المؤسسة عن مسؤولياته المنوطة به، كيف؟ عندما يصل الأمر إلى راس الهرم في المؤسسة ويسأل مستشاره أو من وضعه في مكان مسؤولية، عن من هو المسؤول عن حل هذه المشكلة بتزويد القاطن بالمياه؟ وبدوره لا يعطي الإجابة الصحيحة رغم أنها من مهامه ومسؤولياته ومهام ومسؤولية دائرته. وعندما يتم الإتصال به لحل المشكلة يحيل الأمر لغيره من الدوائر التي ليست من مسؤوليتها هذا الأمر. وبذلك يضيع هذا المسؤول الوقت نهاراً كاملاً وهو يعلم ويدري أنه يستطيع أن يحل المشكلة بإتصال هاتفي من حضرته لمدير آخر تحت مسؤوليته وفي دائرته. ويحاول هذا المسؤول التهرب لآخر لحظه مدعياً أنه مشغول بأمور أخرى، علماً أن له نواب ومساعدين في دائرته. وبالنهاية عندما يعود الأمر لرأس الهرم ويعاود الإتصال معه مرة ثاني (رأس الهرم في المؤسسة مشكوراً) ويطلب منه حل المشكلة فيقوم بحلها. فلماذا لم يحل المشكلة من البداية؟ ولماذا يضيع وقت رأس الهرم في المؤسسة؟ ووقت الأخرين من مدراء الدوائر الأخرى ووقت القاطن المتضرر من المشكلة بهذا الإستهتار؟ هنا نقف محتارين ونتساءل نحن ورأس الهرم وكل من كان له واسطه هل يستحق هذا المسؤول تولي هذه الدائرة أو أي دائرة أخرى في المؤسسة؟. لأن هذه الدائرة تحتاج في نظرنا ونظر كثيرأً من الناس من هو أقوى منه ومن يحسن إدارة هذه الدائرة كما كان غيره ممن سبقوه وتقاعدوا عن العمل بسبب بلوغ سن التقاعد. وقس على ذلك في بقية الدوائر في مؤسساتنا على مستوى الدولة. وبعد ذلك نقول: لماذا مؤسساتنا في ترهل ولا يوجد فيها أي تقدم وتطور؟ وكما يقول المثل العامي الفرس من الفارس.