الكُرد يعودون للجبال والتُرك يدخلون المستنقع
هناك مثل كرديّ قديم يقول: «لا حليف لنا سوى الجِبال»، باعتبار أنّ مناطقهم جبلية، ولأنّ التقسيم الاستعماري لم يعطهم دولة خاصّة بهم، بل وقسّمها بين أربع دول، فقد تحوّلوا إلى ثوّار يطمحون إلى كيانهم الخاص، ويبدو أنّ اللجوء إلى الجبال، ومواصلة القتال، سيكون هو حلّهم الآن مع العدوان التركي الجديد، الذي يأخذ هذه المرّة شكل الاحتلال.
جغرافيتها ولغتها وتاريخها، وليس هناك دليل على أهميّتهم التاريخية أكبر من أنّ كُردستان الطبيعية صارت أجزاء من العراق وسوريا وتركيا وإيران، والكُرد قومية لها الكردي صلاح الدين الأيوبي هو الذي حرّر القُدس، وأسّس دولة إسلامية لها ما لها من تاريخنا كانت حواضرها القاهرة ودمشق وبغداد، وللعلم فصلاح الدين لم يتقن العربية.
الكُرد تنفّسوا الصعداء مع ضعف الدولتين العراقية والسورية، وفرضوا شروطهم من أجل تحقيق بعض الحلم في الاستقلال أو في القليل من الحكم الذاتي، وصار رئيس العراق كردياً، وشمال شرق سوريا منطقة نفوذ معترف بها دولياً، ولكنّ إيران تعتمد معهم العصا والجزرة وليس مسموحاً لهم بالتنفّس، أمّا تركيا فكسر العظم ظلّ هو السياسة المستقرّة منذ نحو قرن من الزمان.
تركيا، الآن، تجتاح جزءاً من سوريا بالحديد والنار والجنود، هو الجزء الكردي، وفي واقع الحال فهي لا تقوم بعملية عسكرية مؤقتة، بل تحتلّها لخلق واقع جديد، ومع كلّ الكلام من
كلّ الأطراف بعدم الموافقة والتحذير، من مجازر وإعادة إنتاج داعش من جديد بهروب السجناء، فهو مجرد كلام وموافقة ضمنية على القرار التركي، وقد يكون توريطاً لدخول أنقرة في مستنقع حرب استنزاف طويلة.
الغريب أنّ العرب يقفون على مقاعد المتفرجين، مع أنّهم يعرفون أنّ هناك إحتلالاً جديداً لما يعتبرونها أراضيهم، والمحزن أنّ الكُرد سيدخلون في محازن لا أوّل لها ولا آخر، ولكنّ مقاتليهم سيلجأون للحليف الجبلي التاريخي، وسيعودون بين حين وآخر لعمليات عسكرية في المدن التركية وربّما غيرها وغيرها، وللحديث بقية!(الراي)