هل يحرر الرئيس حكومته؟

مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/10 الساعة 00:31
يقال إن أي رئيس وزراء في الأردن لا يتمكن من اختيار فريقه كاملا، إذ إن له كوتا محددة من الوزراء، ومعها حصص لجهات مختلفة تتنافس على الحكومة، وكل جهة تريد تعيين عدد من الوزراء، سواء عبر التزكية او الترشيح، او في سياقات تبرير أهمية هذا الشخص او ذاك الذي يقول لك من رؤساء الحكومات في الأردن انه اختار حكومته كاملة، لا يقول حقيقة، بل ان الحقيقة تكمن في قبوله عددا لا بأس به من الوزراء فوق إرادته، لكنه يقبل من باب تمرير اللحظة، او الانسجام مع الاخرين، لكن كل رئيس يكتشف لاحقا انه امام فريق وزاري ملون هذا يعني ان القصة قديمة جديدة، لكنها في قصة الدكتور عمر الرزاز تبدو مختلفة، إذ إنه ورث عددا كبيرا من حكومة الملقي أولا، وقام بتوزير مجموعة أخرى، كل وزير فيها محسوب على مركز قوة، وهذا ليس حاله وحده، بل حال اغلب الحكومات هذه الأيام يريد الرئيس اجراء تعديل وزاري، اذا حصل على ضوء اخضر، والمشكلة التي قد يجابهها تتعلق برغبته بخروج أسماء محددة، لكنها تتصرف داخل الحكومة باعتبارها تحظى بحماية ما هذا يعني ان بعض وزراء الحكومة يتصرفون باعتبارهم مجرد جزر مستقلة، ويطمئنون الى معرفة الرئيس ان لهم مظلات حماية قامت بترشيحهم، فأين هي الولاية العامة لرؤساء الحكومات، اذا كان أي رئيس لا يستطيع خلع أي وزير عنده من جذوره، خصوصا أن لكل واحد أما تبكيه آناء الليل وأطراف النهار مجموعة الرئيس المقربة تعرضت الى تغيرات واسعة، فقد كانت هناك حلقة محيطة به تضم عددا من الوزراء في بدايات التشكيل، لكنها مع الأيام انفرط عقدها، ومجموعته المصغرة الحالية، مختلفة عن مجموعته الأولى، وربما بسبب الخبرة، أعاد تشكيلها، وهي مجموعة استشارية يأنس برأيها، كما ان علاقات الرئيس داخل الحكومة ذاتها مع بعض الأسماء المعروفة بصلتها بالملف الاقتصادي تعرضت الى امتحانات كثيرة، عبر توتر هذه العلاقات في مرات، وتحسنها في مرات ثانية، لكنها بالتأكيد علاقات ليست على ما يرام الرئيس اعتمد تكنيكا يقوم على توزيع المسؤولية السياسية على الوزراء المختصين بملفاتهم عبر تحويلها الى مسؤولية فنية بشكل واضح، مثل ملف الموازنة وفشل السياسات الاقتصادية الذي حمله رجائي المعشر وفريقة الاقتصادي بشكل مباشر، او إضراب المعلمين ود.وليد المعاني وزير التربية والتعليم، وهذا تكنيك خفف الضغط كثيرا عن شخص الرئيس، ووزع الحمل الثقيل على الوزراء أصحاب هذه الملفات، لكن المبدأ ذاته ترك أثرا على العلاقات الداخلية بحيث يوحي بعض الوزراء لمن حولهم ان الرئيس يترك قواربهم لتغرق ولا يظهر الا في حال وجود إنجازات، او عند حل الازمات لا ننسى هنا، ان الحكومة ذاتها تم امهالها حتى نهاية العام، على صعيد بعض الملفات من اجل التغيير فيها، ولا يعرف احد كيف سيتم اجراء تعديل وزاري، فيما المفترض ان يبقى الوزراء ذاتهم حتى نهاية العام، مع نهاية المهلة، من اجل إعادة التقييم، والوصول الى قرار حول من يبقى ومن يخرج، وبهذا المعنى قد يكون التعديل الوزاري، قبل أوانه ؟ خلاصة الكلام ان التعديل الوزاري يواجه إشكالات عدة، أولها وجود جزر قد لا يتمكن الرئيس من تحريرها وضمها لحكومته، وثانيها ان هناك سقفا زمنيا للحكومة حتى نهاية العام من اجل إعادة التقييم، مثلما ان خريطة العلاقات داخل الحكومة تؤشر على علاقات هشة وقائمة على الشكوك بعد معارك الأشهر الماضية، ويضاف الى ما سبق معاندة جهات ذات تأثير لمبدأ التعديل الوزاري، كونه يمدد عمر الحكومة، ويجدد من فرصتها للبقاء بشكل أطول، وهو ما لا تريده هذه الجهات ما يمكن قوله اليوم ان بقاء الحكومة كما هي بذات طاقمها دون تعديل، افضل بكثير من منح الرئيس حق التعديل وعرقلته فعليا بسبب عوامل مختلفة، سبق الإشارة اليها، تحول التعديل الى مجرد عملية تجميل سريعة، وهي نصيحة مجانية لعمان الرسمية، بألا يجري أي تعديل على الحكومة، او ان يتم منح الرئيس حقه الكامل بإجراء تعديله، وحماية قراراته دون اعتراضات.(الغد)
مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/10 الساعة 00:31