نفاع يكتب عن صفقة القرن: هل يطلب الإسرائيليون تعويضات من الفلسطينيين
مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/08 الساعة 12:48
بقلم: زيد نفاع *
قبل عقدين ونيف، ضمتني جلسة وعديد السياسيين والمفكرين، وكان محورها الرئيس "رؤيتنا للصراع العربي - الإسرائيلي"، الذي قزّم بعدئذ إلى صراع فلسطيني - إسرائيلي.
يومها، وهنا أسترجع حديثي ذلك من باب التوثيق لكافة المجتمعات والشعوب التي لا يزال يحدوها الأمل في حل الدولتين.. (فالشعار كان آنذاك الحل العادل والشامل وإعادة جميع الأراضي العربيّة المحتلة)، يومها قلتُ وبالحرف "لا تحلمون بذلك لأن عادل توفاه الله وشامل يرقد في سجون الاحتلال، فيما الأراضي العربية باتت تسرق لصالح دولة الاحتلال".
هذه المقدمة، لا تغني عن تفاصيل رحلة العذاب؛ الرحلة التي بدأت بعد الحرب العالميّة الثانيّة حين تم اتخاذ قرار تاريخي ومهم بالتزامن مع خطوات عمليّة (لأن القرار النظري اتخذ إبان الحرب العالميّة الاولى)، لقيام دولة يهوديّة، وهو القرار الذي لم يأتِ حبّاً في اليهود بمقدار استهداف التخلص منهم وتحديداً في القارة العجوز (اوروبا) حيث لم يكن يسمح لهم العيش أو الانخراط مع الأهالي الاصليين، وكانت تقام لهم معسكرات داخل أحياء سكنيّة مخصصة لهم فيما كان يقطن معهم في تلك المعسكرات (الغجر) وقد تزاوجوا فيما بينهم بكثرة.
كان هناك خيارات ثلاثة لإقامة دولة يهوديّة، أولها في اوغندا وثانيها في الأرجنتين وثالثها أرض المعياد. ولكن وبعد ان قرر ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية (يهودي - هنغاري) ووقع خيار أبناء وأحفاد أسيادنا ابراهيم وسليمان وداود وموسى على ارض فلسطين أنشأوا الدولة العبرية (ولن اسرد كيف ساند الاستعمار البريطاني عصابات الهاغانا وكيف تم تسليحها للتغلب في حربهم على الفلسطينيين وتهجيرهم من ارضهم)، والتي اقيمت على ايديولوجية دينية لتجميع اليهود من مختلف دول العالم، فقد تم بالفعل تهجير اليهود العرب من (المغرب وليبيا ومصر واليمن والعراق وقلة من سوريا)، واليهود الأوروبيين من (روسيا وبولندا والمجر ورومانيا وقلة من النمسا والمانيا) ولاحقاً اضيف عليهم يهود اثيوبيا (الفلاشا).
أقيمت الدولة العبرية ذات الايديولوجية الدينيّة اليهوديّة المتزمتة، ولمن لا يعرف الديانة اليهوديّة عليه أن يعلم جيداً أن اليهود لا يؤمنون بميلاد السيد المسيح عليه السلام ولا بعذرية والدته مريم عليها السلام. وأيضاً لا يعترفون بنبوة الرسول محمد (صلى الله علية وسلم) ولا بالقرآن الكريم..
وهنا على الجميع الوقوف للحظات عند هذه الحقائق، فحسب العقيدة اليهوديّة هدم الكنيسة وهدم المسجد أمر محلل ولا يعترفون في قاموسهم بأيّ وجود أو حقوق للمسيحيين أو للمسلمين، وكلّ من كان يوهم نفسه بأن حربنا مع الصهاينة وليست مع اليهود، (عليه أن يصحى من حلمه وألا يوهم نفسه وغيره، فاليهود أعداؤنا وليس الصهاينة لأنهم فقط ذراع مالية وسياسية وإعلاميّة لليهود).. إذن هم لا يفكرون ولا يريدون إرجاع شبر من فلسطين؛ لا بل أنهم يؤمنون إيماناً راسخاً بأن دولة بني إسرائيل من الفرات إلى النيل. كل ما سبق يفسر عقلية (القلعة) لديهم وأن فلسطين أرض الميعاد واليهود شعب الله المختار، وهم لا يعترفون بوجود الديانتين المسيحيّة والإسلاميّة لا بل ولا بحقوقنا. وأن هذه بلادهم ولا يؤمنون بدين آخر غير دينهم. فهل وصلت الرسالة،
أما فيما يتعلق بكل المباحثات والاجتماعات والطاولات الثلاثية والرباعية وكامب ديفيد وواي ريفر فكله كذب وضحك على اللحى، عذبوا الفلسطينيين باللقاءات والاجتماعات والمباحثات حتى قالوا للمرحوم الرئيس ياسر عرفات
اقبل بـ ٩٣ بالمئة من اراضي ١٩٦٧ وكاد العرب أن يصدقوا هذه الحكاية الكاذبة، وبالطبع رفض العرب والفلسطينيون العرض، على أمل أن يتحقق حلمهم وتعود كامل الأراضي المحتلة (على اساس انهم كانوا يعتقدون بوجود
رئيس وزراء أسرائيلي افضل من غيره، وغفلوا عن حقيقة أن الخل اخو الخردل)، ولَم يتوقعوا في يوم من الأيام أنها فقط مسرحية لا بل مسرحيات متتالية، أدخلت الفلسطينيين والعرب في دوامات المباحثات والتوقيع على أطنان من الاوراق، التي لا ادري إن كانوا استطاعوا ان يقرأوها كلها، وهل لا يزالون يحتفظون بها أما ضاعت كما أيامنا ونحن ننتظر الحل. لا بل وكوننا خبرنا جيداً اليهود ودهاءهم، فليس من المستبعد أن يعودوا بعد عقود بطلب تعويضات من الفلسطينيين، الذين لم يستعجلوا بترك أرضهم وحقوقهم وإعطائها لليهود بأسرع وقت كان!! لا ندري ما هو القادم والمسرحيات التي تحاك، ولكن هناك مُخْرج واحد بدأ بإنتاج سيناريوهات ما يحدث الآن قبل سنين كثيرة، لكن ما ندريه ونعلمه جيداً أن الأمور تسير بطرق أسوأ مما يتوقعه الكثيرون، ومن لا يفهم هذه العقيدة وهذه العقلية المتغطرسة فهو لا يعلم ما يدور في فلك السياسة الدولية..
المؤامرة لن تتوقف والشركاء الاستراتيجيون رمونا خلفهم وراحوا يتبعون مصالحهم.
الموضوع أكبر من تنديد أو احتجاج أو تصريح! الموضوع حسمه الكبار واليهود، وفقط الجميع ينتظر إطلاق رصاصة الرحمة على القضية الفلسطينية واعلان دولتهم وحلمهم الأبدي.
هذا الحقيقة، ذكرتها في تلك الجلسة قبل ربع قرن، ويبدو أنها اليوم "صفقة القرن".. التي ستطلق الرصاصة الأخيرة على كامل الأراضي العربية والقضية الفلسطينية.. فيما سياسيون عرب ما زالوا ينفون وجود هذه الصفقة. (الرأي)
زيد نفاع - القنصل الاردني في هنغاريا
خبير دولي في السياحة والاستثمار
محاضر وخبير في السياسة الامنية بالشرق الأوسط
قبل عقدين ونيف، ضمتني جلسة وعديد السياسيين والمفكرين، وكان محورها الرئيس "رؤيتنا للصراع العربي - الإسرائيلي"، الذي قزّم بعدئذ إلى صراع فلسطيني - إسرائيلي.
يومها، وهنا أسترجع حديثي ذلك من باب التوثيق لكافة المجتمعات والشعوب التي لا يزال يحدوها الأمل في حل الدولتين.. (فالشعار كان آنذاك الحل العادل والشامل وإعادة جميع الأراضي العربيّة المحتلة)، يومها قلتُ وبالحرف "لا تحلمون بذلك لأن عادل توفاه الله وشامل يرقد في سجون الاحتلال، فيما الأراضي العربية باتت تسرق لصالح دولة الاحتلال".
هذه المقدمة، لا تغني عن تفاصيل رحلة العذاب؛ الرحلة التي بدأت بعد الحرب العالميّة الثانيّة حين تم اتخاذ قرار تاريخي ومهم بالتزامن مع خطوات عمليّة (لأن القرار النظري اتخذ إبان الحرب العالميّة الاولى)، لقيام دولة يهوديّة، وهو القرار الذي لم يأتِ حبّاً في اليهود بمقدار استهداف التخلص منهم وتحديداً في القارة العجوز (اوروبا) حيث لم يكن يسمح لهم العيش أو الانخراط مع الأهالي الاصليين، وكانت تقام لهم معسكرات داخل أحياء سكنيّة مخصصة لهم فيما كان يقطن معهم في تلك المعسكرات (الغجر) وقد تزاوجوا فيما بينهم بكثرة.
كان هناك خيارات ثلاثة لإقامة دولة يهوديّة، أولها في اوغندا وثانيها في الأرجنتين وثالثها أرض المعياد. ولكن وبعد ان قرر ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية (يهودي - هنغاري) ووقع خيار أبناء وأحفاد أسيادنا ابراهيم وسليمان وداود وموسى على ارض فلسطين أنشأوا الدولة العبرية (ولن اسرد كيف ساند الاستعمار البريطاني عصابات الهاغانا وكيف تم تسليحها للتغلب في حربهم على الفلسطينيين وتهجيرهم من ارضهم)، والتي اقيمت على ايديولوجية دينية لتجميع اليهود من مختلف دول العالم، فقد تم بالفعل تهجير اليهود العرب من (المغرب وليبيا ومصر واليمن والعراق وقلة من سوريا)، واليهود الأوروبيين من (روسيا وبولندا والمجر ورومانيا وقلة من النمسا والمانيا) ولاحقاً اضيف عليهم يهود اثيوبيا (الفلاشا).
أقيمت الدولة العبرية ذات الايديولوجية الدينيّة اليهوديّة المتزمتة، ولمن لا يعرف الديانة اليهوديّة عليه أن يعلم جيداً أن اليهود لا يؤمنون بميلاد السيد المسيح عليه السلام ولا بعذرية والدته مريم عليها السلام. وأيضاً لا يعترفون بنبوة الرسول محمد (صلى الله علية وسلم) ولا بالقرآن الكريم..
وهنا على الجميع الوقوف للحظات عند هذه الحقائق، فحسب العقيدة اليهوديّة هدم الكنيسة وهدم المسجد أمر محلل ولا يعترفون في قاموسهم بأيّ وجود أو حقوق للمسيحيين أو للمسلمين، وكلّ من كان يوهم نفسه بأن حربنا مع الصهاينة وليست مع اليهود، (عليه أن يصحى من حلمه وألا يوهم نفسه وغيره، فاليهود أعداؤنا وليس الصهاينة لأنهم فقط ذراع مالية وسياسية وإعلاميّة لليهود).. إذن هم لا يفكرون ولا يريدون إرجاع شبر من فلسطين؛ لا بل أنهم يؤمنون إيماناً راسخاً بأن دولة بني إسرائيل من الفرات إلى النيل. كل ما سبق يفسر عقلية (القلعة) لديهم وأن فلسطين أرض الميعاد واليهود شعب الله المختار، وهم لا يعترفون بوجود الديانتين المسيحيّة والإسلاميّة لا بل ولا بحقوقنا. وأن هذه بلادهم ولا يؤمنون بدين آخر غير دينهم. فهل وصلت الرسالة،
أما فيما يتعلق بكل المباحثات والاجتماعات والطاولات الثلاثية والرباعية وكامب ديفيد وواي ريفر فكله كذب وضحك على اللحى، عذبوا الفلسطينيين باللقاءات والاجتماعات والمباحثات حتى قالوا للمرحوم الرئيس ياسر عرفات
اقبل بـ ٩٣ بالمئة من اراضي ١٩٦٧ وكاد العرب أن يصدقوا هذه الحكاية الكاذبة، وبالطبع رفض العرب والفلسطينيون العرض، على أمل أن يتحقق حلمهم وتعود كامل الأراضي المحتلة (على اساس انهم كانوا يعتقدون بوجود
رئيس وزراء أسرائيلي افضل من غيره، وغفلوا عن حقيقة أن الخل اخو الخردل)، ولَم يتوقعوا في يوم من الأيام أنها فقط مسرحية لا بل مسرحيات متتالية، أدخلت الفلسطينيين والعرب في دوامات المباحثات والتوقيع على أطنان من الاوراق، التي لا ادري إن كانوا استطاعوا ان يقرأوها كلها، وهل لا يزالون يحتفظون بها أما ضاعت كما أيامنا ونحن ننتظر الحل. لا بل وكوننا خبرنا جيداً اليهود ودهاءهم، فليس من المستبعد أن يعودوا بعد عقود بطلب تعويضات من الفلسطينيين، الذين لم يستعجلوا بترك أرضهم وحقوقهم وإعطائها لليهود بأسرع وقت كان!! لا ندري ما هو القادم والمسرحيات التي تحاك، ولكن هناك مُخْرج واحد بدأ بإنتاج سيناريوهات ما يحدث الآن قبل سنين كثيرة، لكن ما ندريه ونعلمه جيداً أن الأمور تسير بطرق أسوأ مما يتوقعه الكثيرون، ومن لا يفهم هذه العقيدة وهذه العقلية المتغطرسة فهو لا يعلم ما يدور في فلك السياسة الدولية..
المؤامرة لن تتوقف والشركاء الاستراتيجيون رمونا خلفهم وراحوا يتبعون مصالحهم.
الموضوع أكبر من تنديد أو احتجاج أو تصريح! الموضوع حسمه الكبار واليهود، وفقط الجميع ينتظر إطلاق رصاصة الرحمة على القضية الفلسطينية واعلان دولتهم وحلمهم الأبدي.
هذا الحقيقة، ذكرتها في تلك الجلسة قبل ربع قرن، ويبدو أنها اليوم "صفقة القرن".. التي ستطلق الرصاصة الأخيرة على كامل الأراضي العربية والقضية الفلسطينية.. فيما سياسيون عرب ما زالوا ينفون وجود هذه الصفقة. (الرأي)
زيد نفاع - القنصل الاردني في هنغاريا
خبير دولي في السياحة والاستثمار
محاضر وخبير في السياسة الامنية بالشرق الأوسط
مدار الساعة ـ نشر في 2019/10/08 الساعة 12:48