السـينـاريــو الأكثـر ترجيحاً
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/25 الساعة 01:27
بصرف النظر عمّا سيصدر عن القمة العربية المقبلة من قرارات ومواقف حيال القضية الفلسطينية، فإن من المرجح أن تمضي التطورات على هذا المسار، صوب استئناف مسار المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بمواكبة عربية عبر مسار “الحل الإقليمي” الذي اتفق بشأنه دونالد ترامب وبينيامين نتنياهو، وستكون هذه المفاوضات على الأغلب من دون “شروط مسبقة”، بمعنى أن مطلب “تجميد الاستيطان” الذي نجح الجانب الفلسطيني – العربي في انتزاعه – لفظياً – من الجانب الإسرائيلي زمن آخر جولة للوزير جون كيري، لن يكون متاحاً هذه المرة، وستحل محله، “ضوابط” فضفاضة لإبطاء مسار التوسع الاستيطاني، كما اقتراح الموفد الأمريكي ستيفن جرينبلات على الفلسطينيين.
ليس هذا فحسب، فثمة ما يشي، وبمعزل عما سيبدو في القمة أو يخرج عنها، بأن ثمة استعداداً عربياً مضمراً للتجاوب مع “المسار الإقليمي للحل”، أي بلغة غير دبلوماسية وغير ملطفة، الذهاب إلى “التطبيع” قبل إزالة الاحتلال، أو الشروع في تنفيذ “ما تيسر من المبادرة” من آخرها حتى أولها، وليس كما جاء في متنها ... وثمة إشارات عربية أيضاً عن تجاه النية لإقناع الجانب الفلسطيني على الاعتراف بيهودية الدولة، على اعتبار أن إسرائيل هي دولة يهودية واقعياً، اعترفنا بذلك أم لم نعترف، فضلاً عن الرضوخ للائحة المطالب الأمنية الثقيلة التي نقلها جرينبلات للجانب الفلسطيني، والتي تبدأ بالتخلي عن الأسرى ولا تنتهي بـ “لعن” الشهداء” ومطاردة عائلاتهم ... لتكون الخلاصة في نهاية المطاف، تخلي الفلسطينيين عن “شروطهم المسبقة” والقبول بـ”الشروط المسبقة” الإسرائيلية، التي طالما رددها بينيامين نتنياهو، وفي سياق تعجيزي لا يخفى على كل أعمى وبصير.
لكن التقدم على مسار التفاوض الإسرائيلي سيكون مرهوناً بالتقدم على مسارين تفاوضيين آخرين: الأول، إسرائيلي – إسرائيلي، فالترويكا الحاكمة بحاجة لبناء توافق فيما بين أضلاعها الثلاثة، حول صورة الحل النهائي للقضية الفلسطينية، ومحدودات هذا الحل وحدوده وضوابطه، وهي مهمة ليست يسيرة في ظل التباينات بين كل من الليكود “والبيت اليهودي” و”إسرائيل بيتنا”.
أما الثاني، فهو مسار التفاوض الإسرائيلي – الأمريكي، وهنا أيضاً لا يبدو أن مهمة بناء توافق حول معايير الحل وحدوده، بالمهمة العسيرة أيضاً، سيما وأن كافة الأطراف المؤثرة والمقررة في الائتلاف الحاكم في إسرائيل، لا تلحظ ولم تقبل بعد، والأرجح أنها لن تقبل بأي حل من شأنه تمكين الفلسطينيين من ممارسة حقهم في تقرير المصير وبناء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، كما تنص المبادرة العربية للسلام التي ستعيد القمة القادمة التأكيد عليها، وكما تنص على ذلك كافة مرجعيات عملية السلام وقرارات المنتظم الدولي.
حصيلة هذه المفاوضات، الإسرائيلية الداخلية، وبين الحليفتين الإستراتيجيتين، ستكون مادة للتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والأرجح أنه سيتعين على الفلسطينيين الأخذ بأحد خيارين، إما الرضوخ لهذه الإملاءات أملاً بالحصول على الحل، أي حل، وتفادياً لعواقب الرفض، وإما رفضها والتصدي لها باعتبارها تنتقص من ثوابت المشروع الوطني الفلسطيني، وفي مثل هذه الحالة، لا بد من الاستعداد لتبني استراتيجية فلسطينية بديلة، تساعد شعب فلسطين في حشد أوراق القوة والضغط الكفيلة بجعل الاحتلال مكلفاً.
السيناريوهات تتطاير بشأن المستقبل، وما يمكن أن يأتي به بالنسبة للفلسطينيين ... والأنظار تتجه إلى جهود ترامب الرامية إحداث تقدم/ اختراق على هذا المسار، بيد أن القراءة الواقعية في طبيعة وحجم التحولات الجارية في المجتمع الإسرائيلي ونخبه السياسية والأمنية والحزبية، تفضي إلى الاستنتاج بأن حصاد الجولة المقبلة من المفاوضات، سيكون “المزيد من الشيء ذاته” ... مزيدا من المفاوضات العبثية غير المؤطرة بمرجعيات وجداول زمنية محددة، وغير المشروطة بوقف الاستيطان والتوسع الاستيطاني ... ما يعني أنه سيكون لدى نتنياهو، المزيد من الوقت الذي سيحتاجه لابتلاع المزيد من الأرض والحقوق، ولكن تحت مظلة المفاوضات المستمرة هذه المرة.
ربما تنعقد رهانات بعض الفلسطينيين والعرب والإسرائيليين حول “الانتخابات المبكرة” للكنيست الإسرائيلي، وما يمكن أن تأتي به من قوى مؤيدة لخيار “حل الدولتين”، لكن مشكلة هذه الرهانات و”كعب أخيلها” تبدو مزدوجة ومركبة: فهي من جهة تأخذ على محمل الجد تهديدات نتنياهو بإجراء انتخابات مبكرة، وهذه لعبة لا يريدها أحد، بمن في ذلك الليكود ذاته، وهي من جهة ثانية، تعوّل على “صحوة ما” قد تطرأ على المجتمع الإسرائيلي وتحدث تغييراً في اتجاهاته الانتخابية، لكن من يراجع حصاد الانتخابات الأخيرة والمتعاقبة للكنيست الإسرائيلي، يرى أن هذا المجتمع ينزاح بصورة منهجية ومنظمة، صوب التطرف الديني والقومي، وأن كل كنيست يحظى فيها اليمين المتطرف بعدد أكبر من المقاعد، والأرجح أن ائتلاف حكوميا قادم، سيكون أكثر تشدداً وعنصرية من الائتلاف الحاكم، بدلالة نتائج استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي، والذي يعطي “المعسكر الصهيوني” وحركة “ميريتس” أصواتاً أقل في الانتخابات المقبلة، وربما تهبط به إلى نصف عدد المقاعد التي يحظى بها حالياً.
هذه الحالة ليست غائبة عن أذهان الفلسطينيين، لكن الانقسامات وديناميكياته القاسية، تجعل الأولوية لكل من طرفيه، تتركز في الحفاظ على سلطته وحصته من كعكتها، السلطة في رام الله لا خيارات أخرى ولا استراتيجيات بديلة بحوزتها، وحماس غارقة في أوحال ترتيب البيت الغزاوي وحفظ دورها السلطوي المهيمن فيه، حتى وإن أفضى ذلك إلى تكريس انفصاله عن الضفة الغربية حتى إشعار آخر.
صحيح أن ثمة “حركة” باتجاه فلسطين، وأن قضيتها لم تعد تقبع في الزوايا المعتمة، لكن ليس في كل “حركة بركة” كما يقال، وعلى الفلسطينيين أن يقلقوا من “الصحوة الأمريكية المفاجئة” لمعالجة ملفات الحل النهائي لقضيتهم، فربما نكون أمام الفصل الأخير من عملية “تصفية” القضية بدل تسويتها.
الدستور
ليس هذا فحسب، فثمة ما يشي، وبمعزل عما سيبدو في القمة أو يخرج عنها، بأن ثمة استعداداً عربياً مضمراً للتجاوب مع “المسار الإقليمي للحل”، أي بلغة غير دبلوماسية وغير ملطفة، الذهاب إلى “التطبيع” قبل إزالة الاحتلال، أو الشروع في تنفيذ “ما تيسر من المبادرة” من آخرها حتى أولها، وليس كما جاء في متنها ... وثمة إشارات عربية أيضاً عن تجاه النية لإقناع الجانب الفلسطيني على الاعتراف بيهودية الدولة، على اعتبار أن إسرائيل هي دولة يهودية واقعياً، اعترفنا بذلك أم لم نعترف، فضلاً عن الرضوخ للائحة المطالب الأمنية الثقيلة التي نقلها جرينبلات للجانب الفلسطيني، والتي تبدأ بالتخلي عن الأسرى ولا تنتهي بـ “لعن” الشهداء” ومطاردة عائلاتهم ... لتكون الخلاصة في نهاية المطاف، تخلي الفلسطينيين عن “شروطهم المسبقة” والقبول بـ”الشروط المسبقة” الإسرائيلية، التي طالما رددها بينيامين نتنياهو، وفي سياق تعجيزي لا يخفى على كل أعمى وبصير.
لكن التقدم على مسار التفاوض الإسرائيلي سيكون مرهوناً بالتقدم على مسارين تفاوضيين آخرين: الأول، إسرائيلي – إسرائيلي، فالترويكا الحاكمة بحاجة لبناء توافق فيما بين أضلاعها الثلاثة، حول صورة الحل النهائي للقضية الفلسطينية، ومحدودات هذا الحل وحدوده وضوابطه، وهي مهمة ليست يسيرة في ظل التباينات بين كل من الليكود “والبيت اليهودي” و”إسرائيل بيتنا”.
أما الثاني، فهو مسار التفاوض الإسرائيلي – الأمريكي، وهنا أيضاً لا يبدو أن مهمة بناء توافق حول معايير الحل وحدوده، بالمهمة العسيرة أيضاً، سيما وأن كافة الأطراف المؤثرة والمقررة في الائتلاف الحاكم في إسرائيل، لا تلحظ ولم تقبل بعد، والأرجح أنها لن تقبل بأي حل من شأنه تمكين الفلسطينيين من ممارسة حقهم في تقرير المصير وبناء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، كما تنص المبادرة العربية للسلام التي ستعيد القمة القادمة التأكيد عليها، وكما تنص على ذلك كافة مرجعيات عملية السلام وقرارات المنتظم الدولي.
حصيلة هذه المفاوضات، الإسرائيلية الداخلية، وبين الحليفتين الإستراتيجيتين، ستكون مادة للتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والأرجح أنه سيتعين على الفلسطينيين الأخذ بأحد خيارين، إما الرضوخ لهذه الإملاءات أملاً بالحصول على الحل، أي حل، وتفادياً لعواقب الرفض، وإما رفضها والتصدي لها باعتبارها تنتقص من ثوابت المشروع الوطني الفلسطيني، وفي مثل هذه الحالة، لا بد من الاستعداد لتبني استراتيجية فلسطينية بديلة، تساعد شعب فلسطين في حشد أوراق القوة والضغط الكفيلة بجعل الاحتلال مكلفاً.
السيناريوهات تتطاير بشأن المستقبل، وما يمكن أن يأتي به بالنسبة للفلسطينيين ... والأنظار تتجه إلى جهود ترامب الرامية إحداث تقدم/ اختراق على هذا المسار، بيد أن القراءة الواقعية في طبيعة وحجم التحولات الجارية في المجتمع الإسرائيلي ونخبه السياسية والأمنية والحزبية، تفضي إلى الاستنتاج بأن حصاد الجولة المقبلة من المفاوضات، سيكون “المزيد من الشيء ذاته” ... مزيدا من المفاوضات العبثية غير المؤطرة بمرجعيات وجداول زمنية محددة، وغير المشروطة بوقف الاستيطان والتوسع الاستيطاني ... ما يعني أنه سيكون لدى نتنياهو، المزيد من الوقت الذي سيحتاجه لابتلاع المزيد من الأرض والحقوق، ولكن تحت مظلة المفاوضات المستمرة هذه المرة.
ربما تنعقد رهانات بعض الفلسطينيين والعرب والإسرائيليين حول “الانتخابات المبكرة” للكنيست الإسرائيلي، وما يمكن أن تأتي به من قوى مؤيدة لخيار “حل الدولتين”، لكن مشكلة هذه الرهانات و”كعب أخيلها” تبدو مزدوجة ومركبة: فهي من جهة تأخذ على محمل الجد تهديدات نتنياهو بإجراء انتخابات مبكرة، وهذه لعبة لا يريدها أحد، بمن في ذلك الليكود ذاته، وهي من جهة ثانية، تعوّل على “صحوة ما” قد تطرأ على المجتمع الإسرائيلي وتحدث تغييراً في اتجاهاته الانتخابية، لكن من يراجع حصاد الانتخابات الأخيرة والمتعاقبة للكنيست الإسرائيلي، يرى أن هذا المجتمع ينزاح بصورة منهجية ومنظمة، صوب التطرف الديني والقومي، وأن كل كنيست يحظى فيها اليمين المتطرف بعدد أكبر من المقاعد، والأرجح أن ائتلاف حكوميا قادم، سيكون أكثر تشدداً وعنصرية من الائتلاف الحاكم، بدلالة نتائج استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي، والذي يعطي “المعسكر الصهيوني” وحركة “ميريتس” أصواتاً أقل في الانتخابات المقبلة، وربما تهبط به إلى نصف عدد المقاعد التي يحظى بها حالياً.
هذه الحالة ليست غائبة عن أذهان الفلسطينيين، لكن الانقسامات وديناميكياته القاسية، تجعل الأولوية لكل من طرفيه، تتركز في الحفاظ على سلطته وحصته من كعكتها، السلطة في رام الله لا خيارات أخرى ولا استراتيجيات بديلة بحوزتها، وحماس غارقة في أوحال ترتيب البيت الغزاوي وحفظ دورها السلطوي المهيمن فيه، حتى وإن أفضى ذلك إلى تكريس انفصاله عن الضفة الغربية حتى إشعار آخر.
صحيح أن ثمة “حركة” باتجاه فلسطين، وأن قضيتها لم تعد تقبع في الزوايا المعتمة، لكن ليس في كل “حركة بركة” كما يقال، وعلى الفلسطينيين أن يقلقوا من “الصحوة الأمريكية المفاجئة” لمعالجة ملفات الحل النهائي لقضيتهم، فربما نكون أمام الفصل الأخير من عملية “تصفية” القضية بدل تسويتها.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/25 الساعة 01:27